اعداد وكتابة: روان طبيب.
منذ اكثر من عام على حرب الابادة في قطاع غزة, واندلاعها في شهر اكتوبر الماضي , اغلقت قوات الاحتلال بوابة قرية عزبة الطبيب الواقعة شرقي مدينة قلقيلية ,وهي المدخل الوحيد للقرية التي يربطها بالقرى المجاورة.
كغالبية القرى الفلسطينية الواقعة في نطاق السيطرة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، اصبحت بوابة حديدية صفراء تفصل القرية عن محيطها ,وتعيق من حركة المواطنين بالتنقل بحرية وامان, في ظل سياسة الاحتلال المتعمدة على قطع الأواصل الفلسطينية, والتضييق على الفلسطينيين بكافة الاشكال والوسائل ,وممارسة سياسة ممنهجة ضد كل ما هو فلسطيني, مما يجعل صور الحياة من وإلى القرية مرهونة بمزاجية جنود الاحتلال.
وما تواجهه قرية “عزبة الطبيب” شرق قلقيلية ليست شيئاً شاذاً عن الأوضاع التي تمر بها أغلب القرى المجاورة والقرى الواقعة في المناطق المُصنفة (ج)، إذ يوجد على مداخل أغلبها بوابات معدنية عنصرية صفراء اللون, موضوعة فوق مكعبات إسمنتية عملاقة، يتحكم فيها جنود الاحتلال وفق أوقات محددة، وقد يغلقون أو يفتحون.
يقول عضو مجلس ثوري لحركة فتح السيد بيان طبيب, وهو من سكان القرية: "نعاني نحن اهالي القرية من التضييق علينا وصعوبة التنقل والخروج من القرية بسبب بوابة حديدية اغلقها الجنود منذ حرب اكتوبر الماضي"
ويقول طبيب في تصريحات صحفية: “إن سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها قوات جيش الاحتلال تعقد حياة 300 مواطن يسكنون القرية, وتضيق عليهم الحركة والتنقل.
ويبين أن إغلاق البوابة يضاعف الزمن الذي يحتاجه الأهالي من أجل الوصول إلى مركز مدينة قلقيلية ، بواقع 30 دقيقة بدلًا من سبع دقائق، كما يتعذر وصول طلاب الجامعات إلى جامعاتهم والموظفين إلى أشغالهم في المدن المجاورة”.
ويتابع: “هنا نعيش وفقاً لمزاج الجنود المتقلب " ,فهذه القرية التي تعاني منذ اكثر من 30 عام وتصارع من اجل البقاء ,فيحاول الاحتلال عدم الاعتراف بها وانهاء وجودها ,وضمها الى القرى المجاورة.
الاستيطان وجدار الفصل العنصري
يقول منسق المقاومة الشعبية في القرية موسى طبيب :"تُعاني عزبة الطبيب من تهديدات مستمرة بسبب جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل، والذي أدى إلى مصادرة حوالي 500 دونم من أراضيها، وفصلها عن باقي أجزاء القرية".
ويضيف كما أن وقوع القرية قرب طريق 55 السريع جعلها هدفًا لسياسات الاحتلال، حيث يُمنع المزارعون من الوصول إلى أراضيهم القريبة من الطريق إلا بتصاريح نادرًا ما تُمنح لهم..
الصمود والمقاومة
ويقول طبيب :"سنقاومهم بكافة الوسائل والطرق الممكنة" نحن بدانا بفكرة المقاومة الشعبية من عام 1998, وقاومنا مقاومة شعبية مستمرة وستستمر .
ويتابع على الرغم من التحديات، يواصل أهالي عزبة الطبيب صمودهم في وجه محاولات التهجير". في مناسبات عديدة، تصدى السكان لمحاولات المستوطنين اقتحام القرية وإزالة علم فلسطين من على أسطح المنازل. كما يشارك الأهالي في فعاليات زراعة الأشجار الحرجية في يوم الشجرة، تعزيزًا لصمودهم وحفاظًا على أراضيهم.
واكد طبيب على استمرارهم في المقاومة الشعبية والدفاع عن انفسهم واراضيهم قائلا : " ان عدتم عدنا ", فلا يوجد طريقة اخرى, وليس لدينا الاستعداد للتخلي عن بيوتنا واراضينا, وان نرحل من بلدنا.
تحديات مقومات الحياة
في حين تشعر المواطنة أم خليل بالاسى ,ا ذ لا تقيم سلطات الاحتلال وزنًا لأي فلسطيني, قائلة : "اثناء ذهابي الى مدينة قلقيلية قبل ايام , تفاجئنا بحاجز على مدخل القرية, فاطررنا للوقوف لساعات طويلة على الحاجز" . وتضيف ايضا انه تم انزال فتاة من السيارة واجبروها على الجلوس ارضا , وقاموا بأخذ هويتها وتفتيش هاتفها النقال.
وتتابع ام خليل كلامها قائلة :"كان على بنتي امتحان في الجامعة وتأخرت على الحاجز وراح عليها الامتحان" ,هكذا حال طلاب وطالبات الجامعات اثناء ذهابهم لجامعاتهم يواجهون صعوبة في الوصول ويتأخرون على الحواجز لساعات ,وكذلك حال الموظفون ايضا يتأخرون عن عملهم.
يواجه سكان عزبة الطبيب معاناة يومية بسبب ممارسات واعتداءات الاحتلال والمستوطنين، حيث تُمنع عمليات البناء والتطوير في القرية بحجة وقوعها في مناطق "ج" وفق اتفاق أوسلو، مما يعيق تحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات الأساسية.
فأغلاق مدخل القرية يشكل عائقا امام حركة المواطنين في القرية والقرى المجاورة ,ويزيد من صعوبة التنقل بحرية وامان,ويضيق الخناق على اهالي القرية.
لماذا عزبة الطبيب تستحق الاهتمام؟
عزبة الطبيب ليست مجرد قرية صغيرة؛ إنها قصة عن الصمود الفلسطيني في وجه سياسات الاحتلال التي تهدف إلى التهجير ومصادرة الأرض. يُظهر سكانها تمسكًا بحقهم في الحياة والكرامة ،وهو ما يجعلها رمزًا للأمل والمقاومة.
تُعد عزبة الطبيب نموذجًا للصمود الفلسطيني في وجه سياسات الاحتلال الرامية إلى التهجير ومصادرة الأراضي, فتقع عزبة الطبيب على ارتفاع 200 متر فوق مستوى سطح البحر، وتبعد حوالي 5 كيلومترات عن مركز قلقيلية. تُحيط بها قرى مثل عزون والنبي الياس وكفر لاقف، وهي قريبة من شارع 55 الاستيطاني.
الاصرار على البقاء رغم التحديات
تواجه القرية عدة تحديات منها: تُعاني من جدار الفصل العنصري الذي يعزلها عن أراضٍ زراعية شاسعة. فقد فقدت القرية أكثر من 500 دونم من أراضيها بسبب الجدار والاستيطان,
وقربها من شارع 55 الاستيطاني يعرض السكان لاعتداءات متكررة من المستوطنين.
وتعاني ايضا من منع البناء والتطوير فهي تقع ضمن المناطق المصنفة "ج" حسب اتفاقية اوسلو, ما يعني ان أي بناء او تطوير يحتاج لموافقة الاحتلال ,وهي نادرا ما تمنح.
وتُعاني القرية من صعوبة وصول المزارعين إلى أراضيهم الواقعة خلف الجدار، حيث يتطلب ذلك تصاريح من الاحتلال، غالبًا ما تُرفض
.
ومن ناحية البنية التحتية :تعاني القرية من نقص في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والطرق المعبدة, فالعديد من سكانها يعيشون في منازل بدائية بسبب منع التوسع العمراني.
عزبة الطبيب رمز للصمود الفلسطيني فتُعد قصة متجسدة للصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي. فرغم مساحتها الصغيرة وعدد سكانها المحدود، فإنها تعكس إصرار الفلسطينيين على الحفاظ على أرضهم وهويتهم في مواجهة محاولات التهجير والاقتلاع.
رسالة إلى العالم
رغم حجمها المتواضع، وعدد سكانها القليل, إلا أنها تُعتبر نموذجًا للصمود الفلسطيني أمام الاحتلال الإسرائيلي وتحديات الاستيطان.
فلسان حال اهلها يقول:
."لن نرحل، وسنبقى هنا لنروي قصتنا لأجيال قادمة"
" وقد تكون عزبة الطبيب قرية صغيرة لكن قصتها كبيرة؛ انها دليل على ان الارادة اقوى من أي احتلال".