الرئيسية / الأخبار / عناوين محلية
“القرآن صنع حياتي”.. نهال عكري من كابول، تحفظ القرآن الكريم على القراءات العشر
تاريخ النشر: السبت 18/01/2025 05:38
“القرآن صنع حياتي”.. نهال عكري من كابول، تحفظ القرآن الكريم على القراءات العشر
“القرآن صنع حياتي”.. نهال عكري من كابول، تحفظ القرآن الكريم على القراءات العشر

منال حجازي

أتمّت الداعية ومربية القرآن نهال رافع عكري من بلدة كابول -خريجة جامعة حيفا باللقب الأول والثاني بالتربية الخاصة، وكلية الدعوة والعلوم الإسلامية في أم الفحم بكالوريوس شريعة- من قرية كابول حفظ القرآن الكريم كاملًا بالقراءات العشر، وحصلت على إجازة بطريقة الجمع، والإجازة بالشاطبيّة والدرّة.

 في لقاءٍ معها سردت عكري لموقع “موطني 48” تفاصيل رحلتها مع القرآن الكريم. إلى نص الحوار:

البداية مع القرآن
تقول عكري، وهي معلمة للمكفوفين في مدرسة كرم الصاحب بالناصرة ومعلمة قرآن في مركز التجويد في كفر كنا: “ترعرعت في بيت محافظ نسبيًا، وكانت علاقتي بالقرآن منذ صغري جميلة جدًا. أحببت سماعه واستشعرت جمال الآيات، حتى أنني كنت أحفظها تلقائيًا بمجرد سماعها”.

وأوضحت أنها شاركت في مسابقات محلية لحفظ القرآن منذ طفولتها، وكانت تتردد أحيانا على الحلقات الدينية في القرية مع قريباتها منذ الصغر.

وأضافت: “منّ الله عليّ بذاكرة قوية، لكن رغم ذلك لم يكن لديّ خطوات منهجية لحفظ القرآن بشكل كامل. في فترة الثانوية والجامعة، أخذتني الحياة قليلًا، ولم أكن قد التزمت بالحجاب بعد، لكن علاقتي بالقرآن لم تنقطع. كان القرآن دائمًا جزءًا من يومي ووصال روحي مع الله”.

نقطة تحول
وأردفت نهال: “اتخذت قرار حفظ القرآن بعد التزامي بالحجاب مباشرة. كنت أشعر بتقصيري قبل الحجاب، وكنت أمر سريعًا عن آيات الحجاب وأنا أقرأ، وتأخر حلم حفظ القرآن لسنوات بسبب تأخر التزامي بالحجاب. ولكن بعد أن ارتديت الحجاب، شعرت بأن الطريق مفتوح أمامي لبدء رحلة الحفظ”.

وقالت: “بدأتُ الحفظ وحدي بمراجعة ما حفظته في صغري، لكنني واجهت فتورًا. حينها شاركت مربيتي في رغبتي بحفظ القرآن، فشجعتني وكانت المعين الأكبر لي في رحلتي مع القرآن بعد عون الله سبحانه وتعالى، وحددنا معًا موعدًا أسبوعيًا ثابتًا للحفظ والمراجعة. التزمنا بهذا الموعد دون أي انقطاع، حتى في أصعب الظروف، ولم نسمح لأنفسنا إضاعة هذا اللقاء ولو لمرة واحدة، وهذا الالتزام كان سببًا أساسيًا في نجاحي”.

وعن البيئة القرآنية الحاضنة أكملت: “أؤمن تمامًا بمقولة الصاحب ساحب. الأصدقاء هم من يرسمون معنا الطريق ويأخذون بأيدينا نحو أهدافنا. انضممت إلى دور القرآن الكريم في كابول، ووجدت فيها بيئة حاضنة أعانتني على الالتزام بالحجاب الشرعي أولًا، ثم على قرار حفظ القرآن. كلما ارتقيت في سُلَّم القرآن الكريم، كنت أجد منهم تشجيعًا ودعمًا كبيرًا”.

واستطردت: “وجود أصدقاء القرآن كان عنصرًا أساسيًا في رحلتي. كانوا يذكّرونني دائمًا بفضل هذا الطريق ويعينونني في لحظات الفتور”.

تحديات
وأكّدت نهال أن فقدان بصرها لم يكن عائقًا أمام حفظها للقرآن، موضحة: “أنا قارئة متمكنة لطريقة برايل، لذلك لم يشكل الكمه (فقدان البصر منذ الولادة) أي تحدٍ كبير. التحدي الأصعب كان مجاهدة النفس ومقاومة الفتور الذي يعتريها في كل مرة”.

وأضافت: “تعلم التجويد كان من أكبر التحديات التي واجهتها أيضًا. لم أكن أعرف شيئًا عن الأحكام أو مخارج الحروف، واحتجت إلى تدريب مكثف للتغلب على ذلك. أحيانًا كنت أشعر باليأس وكنت أشعر بالإحباط أحيانًا أخرى، لكنني كنت أستمد العزم من صديقتي القرآنية التي كانت تأخذ بيدي كل مرة وتذكرني أن هذا الطريق يجب أن نسيره سويًا حتى النهاية كما بدأناه”.

لحظات فارقة
تحدثت نهال عن أحد المواقف المؤثرة في رحلتها، قائلة: “كان لديّ يوم تسميع 10 أجزاء، ورغم أنني كنت قد ثبتّ الحفظ جيدًا، شعرت بأن الآيات تتفلت مني بشكل غريب. كان شعورًا مخيفًا، لكنني أدركت أن هذا اختبار من الله. وأيقنت أن طريق حفظ القرآن ليس سهلًا، ويحتاج صبرًا وعزيمة ومجاهدة للنفس، قررت حينها ألا أترك حفظ القرآن مهما كلفني الأمر، حتى لو تطلب الأمر مراجعة الأجزاء نفسها لسنوات طويلة”.

القراءات العشر: حلم لم يكن مخططًا له
وأكملت نهال: “لم تكن القراءات العشر في مخططاتي، ولم أكن أعرف عنها الكثير. لكن مع تقدمي في رحلتي مع القرآن، شعرت بأنَّ الله يفتح لي أبوابًا جديدة. بعد أن أنهيت إجازة التجويد، تعرفت على معلمتي صفاء توفيق رشدي من أم الفحم، التي شجعتني على حفظ الشاطبية والدرة وجمع القراءات، ثمّ أكملت هذا المشوار مع المعلمة دانية رحّال عن طريق مركز القراءات في الأردن”.

وأوضحت: “تعلم القراءات العشر فتح لي آفاقًا جديدة لفهم القرآن الكريم والغوص في معانيه. لذلك، أطمح لإنشاء مركز قطري لتعليم هذا العلم بشكل منهجي وتوحيد الجهود الفردية في البلاد لأن القراءات كلها هي قرآن متواتر أنزل على الرسول محمد عليه الصلاة والسلام”.

رسالة للشباب والشابات
وجّهت نهال عكري رسالة ملهمة للشباب، قائلة: “إذا صدق العزم وضح السبيل. عندما يبدأ الإنسان بخطوة نحو القرآن الكريم ويجعل هدفه الارتقاء به، فإن الله يسهل له الطريق. أنصح الشباب والشابات بالانتساب للحلقات القرآنية والمداومة على قراءة وسماع القرآن بأصوات مختلفة، وعدم استعجال قطف الثمار، لأن القرآن سريع التفلّت ويحتاج إلى مداومة وصبر”.

القرآن يصنع حياة جديدة
واختتمت نهال حديثها لـ “موطني 48″، بالقول: “رحلتي مع القرآن لم تكن مجرد تأثير على حياتي، بل هي التي صنعت حياتي بالكامل. القرآن بالنسبة لي معلم ومربٍ ومرشد. جعل مني إنسانة جديدة، وأنا دائمًا متعطشة للارتقاء في درجاته والتقرب إلى الله من خلاله”، كما أنها شدّدت على دور عائلتها، بالقول: “أهلي كان لهم الدوري المركزي في كل المراحل بحياتي. ولدتُ كفيفة البصر، وعائلتي كانت الداعمة والمؤازرة المركزية لي منذ ولادتي، لم يُشعروني يومًا أنني مختلفة، وكانت وصيتهم دائمًا أن أكون صاحبة رسالة وصاحبة أثر، وألا أقبل يومًا أن أكون مجرد رقم، آمنوا بي وبقدراتي”.

نهال عكري ليست مجرد حافظة للقرآن الكريم، بل هي مثال حيّ على الإصرار والعزيمة، ورسالة لكل من يسعى إلى جعل القرآن الكريم منهجًا لحياته.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017