الرئيسية / مقالات
خطة دي مستورا بداية نهاية أزمة سوريا بتوافق دولي دكتور خالد عبد الحق
تاريخ النشر: الأربعاء 03/12/2014 19:14
خطة دي مستورا بداية نهاية أزمة سوريا بتوافق دولي دكتور خالد عبد الحق
خطة دي مستورا بداية نهاية أزمة سوريا بتوافق دولي دكتور خالد عبد الحق

      منذ بداية الأزمة السورية كنا قد أكدنا على أن حل هذه الأزمة لن يخرج عن نطاق الحل السياسي, وأن الحل العسكري لن يكن ذي فائدة في ظل تعقيد المعادلات الدولية والاقليمية, وتداعياتها على مجمل حالة الصراع العسكري في سوريا, وأن هذا الحل لا بد وأن يخرج عن توافق دولي وإقليمي تشكل أميركا وروسيا محوره, وتمثلان اللاعبين الأساسيين في هذه الأزمة, التي باتت تشكل ساحة صراع على النفوذ وإثبات القدرات, والقدرة على التأثير في مجريات الأحداث في العالم بين القطبين الجديدين, بعد أن أفرزت الازمة السورية روسيا كقطب فاعل ومؤثر في منظومة السياسة الدولية إلى جانب الولايات المتحدة.

 

     وعطفا على ذلك وفي ظل تمرد داعش على الارادة الأمريكية, وسعيها إلى الاستقلال المالي عن هذه الارادة, وفي ضوء تمدد نطاق سيطرتها على مناطق شاسعة في العراق وشرقي سوريا, وإعلانها الصريح عن حدود دولتها, التي تضم ثروات نفطية تمكنها من تحقيق هدفها في الاستقلال المالي عن أميركا وحلفائها السعوديون والقطريون, وفي ظل النجاحات التي حققها الجيش السوري ضد المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية والغربية وفي حمص وحماه وحلب, فيما يشهد التواجد الداعشي في عين العرب والحسكة عموما تراجعا ملحوظا أمام ضربات التحالف والمقاتلين الأكراد وضربات الجيش السوري, فيما لا تزال تشكل الخلافات بين باقي الفصائل والصراعات المسلحة فيما بينها نقطة ضعف رئيسية, وسمة غالبة على بنيتها التنظيمية, مما يشير بالنتيجة إلى أن الجيش السوري أصبح قادرا على حسم العديد من المعارك في معظم نقاط الصراع في سوريا.

     وفي الوقت نفسه أصبحت إيران على مسافة قصيرة جدا من انتاج السلاح النووي, بعد أن خدعت العالم بخديعة المفاوضات مع الدول الكبرى, ولعبت على وتر استغلال الوقت لتحقيق استكمال برنامجها النووي, في الوقت الذي لم تحقق العقوبات المفروضة عليها أي نتائج ملموسة أو قدرة على الحد من تطور برنامجها النووي, وعجز العالم بأسره عن ثنيها عن المضي قدما في هذا البرنامج, مما يعطيها قدرة مضافة على لعب دور محوري في مجمل صراعات المنطقة, وبالتالي ميزة لدورها على الدور التركي الذي بات يتراجع في ظل رفضها الفعلي للمشاركة في التحالف الدولي ضد داعش, وانكشاف دورها كقوة من قوى التنظيم الدولي للاخوان المسلمين في المنطقة, في ظل تصاعد الكراهية الشعبية العربية لهذا التنظيم, وتصاعد الدور الكردي في مواجهة داعش والنصرة, مما يجعلها تقف بطريق غير مباشر في وجه القوى الكردية.

     في الوقت نفسه لا زالت روسيا تمسك بزمام الأمور في اوكرانيا, فبعد سلخ القرم وضمها لروسيا, جاء دور شرق أوكرانيا, حيث تسيطر عليه القوى الموالية لروسيا؛ مما يعني حرمان أوكرانيا من أكثر مناطقها الحيوية اقتصاديا مما يزيد من أزمتها الاقتصادية وتحولها إلى عبء على الدول الغربية بعد أن كانت عبئا على روسيا, فضلا عن الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة بالنسبة لروسيا باعتبارها عمقا استراتيجيا لها.

     أما تركيا فقد جاء فشل داعش في عين العرب ليشكل صفعة جديدة لأحلامها في إسقاط النظام السوري وتقسيم سوريا, بشكل يمكنها من بسط سيطرتها على الشمال السوري كإحدى صور أطماعها في المنطقة, وبالتالي كان لا بد لتركيا من البحث عن آليات تحفظ لها ماء الوجه, وتمكنها من الحصول على مكاسب اقتصادية تعوضها عن فشل أطماعها, وهو الوتر الذي لعبت عليه روسيا من خلال تحويل الامتيازات الروسية التي كانت تمنح لأوكرانيا لصالح تركيا, وتحويل خطوط نقل الغاز الروسي لينقل عبر تركيا, ومن هنا جاءت زيارة الرئيس بوتن لتركيا والتي توجت بجملة من الاتفاقيات الاقتصادية وبمبالغ تزيد عن الثلاثين مليار دولار في المرحة الحالية.

     من هنا جاء تكليف دي مستورا كمبعوث أممي للبحث في إمكانية التوصل إلى حل سياسي في سوريا, يضمن تحقيق الأهداف المتجددة للمشروع الامريكي المعروف بالشرق الأوسط الجديد, الذي يبدو أن أميركا اقتنعت بعدم امكانية تحقيقه ضمن الظروف العربية والاقليمية والدولية الحالية, مما يتطلب تأجيله مع الاحتفاظ بأسس ومقومات تنفيذه في الوقت المناسب, حيث قام دي مستورا بجملة من الزيارات للمناطق الساخنة في سوريا واجتمع مع عدد كبير من القادة, سواء من ممثلي النظام أو المعارضة باستثناء داعش والنصرة, ودرس الواقع على الأرض, وخلص إلى نتيجة مفادها أن خطوات المصالحة التي نفذها النظام في بعض المناطق تشكل الأرضية المناسبة لتعميمها على بقية المناطق في سوريا, وأن نجاحها سابقا يمهد الطريق نحو تطبيق ناجح لها في المناطق الساخنة باستثناء الشرق السوري, واقترح مستورا أن يبدأ تطبيق هذه الخطة في حلب وريفها كخطوة أولى وبعد نجاحها تطبق في مناطق أخرى.

     جاء ذلك متزامنا مع المفاوضات التي عقدت بين ايران والدول الكبرى في محاولة للتوصل الى اتفاق نووي مع إيران كجزء من الاتفاق الدولي على إنهاء الأزمة في سوريا وفقا لخطة مستورا, متزامنة مع محادثات سرية عقدت بين وزيري الخارجية الأميركي والروسي تصب في هذا الاتجاه, مما يعني أن محاولة تطبيق خطة مستورا ماضية بخطى حثيثة.

     النظام السوري أعلن أن خطة مستورا جيدة وهي جديرة بالدراسة فيما لم يصدر عن المعارضة أي تعليق, وهذا ما سرب للاعلام,إلا أن حقيقة الوضع أن النظام السوري وافق على الخطة بدعم ومساندة من روسيا ودور ايراني رئيسي, ومن الطبيعي أن التوافقات الدولية تتطلب تنازلات معينة من قبل الأطراف فكيف تبلور هذا التوافق وما هي طبيعة هذه التنازلات:

1-      ايران: بموجب الاتفاق النووي تتوقف ايران عن بناء محطات نووية جديدة مع احتفاظها بالمحطات والمنشآت القائمة.

2-      روسيا: ضمان عدم اثارة أي أحداث أو تغذيتها أو تمويلها أو التخطيط لها في كل من لتوانيا وأستونيا مع الحفاظ على الوضع القائم الحالي في اوكرانيا.

3-      سوريا: تشكيل حكومة مصالحة تضم عدد من أقطاب المعارضة باستثناء الحركات الاسلامية, وتحقيق مزيد من الاصلاحات الداخلية وخاصة السياسية منها.

4-      الولايات المتحدة: تتوقف الولايات المتحدة عن تقديم الدعم العسكري فقط لقوى المعارضة وتواصل ضرب داعش في الشرق السوري والعراق.

5-      تركيا: تتخلى تركيا عن دورها في تقديم شتى أنواع الدعم اللوجستي والعسكري لقوى المعارضة السورية.

وعلى ذلك يتم تطبيق الاتفاق على قاعدة الربح للجميع, فمن ناحية تحفظ لأميركا ماء الوجه وتحد من الخطوات الروسية في استونيا ولتوانيا, وتوقف تطور البرنامج النووي الايراني, ويتم استيعاب المعارضة السورية.   

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017