بعد أن عجزت كل المشاريع الغربية الامبريالية ومعها كل قوى الاستكبار والاستعمار العالمية ,وكذلك مشروعهم السرطاني المزروع في قلب الوطن العربي (الكيان الصهيوني),إضافة لاتفاقيات التقسيم التي أفضت لنشوء أكثر من عشرين قطراً ضعيفاً...في انجاز عملية التفتيت الذاتي للحالة العربية ومنع مكوناتها من النهوض الحضاري القومي مجدداً...وتحقيق تلك الغايات الكفيلة بإبقاء العرب خارج سياق التقدم والنهوض التنموي الحضاري وإغراقهم بمزيد من بحور الظلام والتخلف والنكوص.
وأمام إصرار العرب على النهوض والانعتاق من حالة الضعف والخنوع والذيلية برغم كل المؤامرات التي أشرنا إليها في بداية حديثنا...فقد شنت تلك القوى المعادية حربا عالمية وكونية على القطر العراقي الشقيق وما يمثله من حالة تفوق وتقدم غير مسبوق في كافة الأصعدة وجميع الميادين والمجالات الإنسانية والتنموية ,وتلك القفزات الصناعية والتكنولوجية النوعية التي مكنته من الصدارة في المنطقة كلها ,وأهلته للاصطفاف بجانب الأمم الحضارية والقوى العالمية الصناعية,وجعلت من جيشه الخامس في الترتيب بين جيوش العالم والذي شكل على مدار سنين طويلة درعاً حامياً لحياض الأمة وبواباتها كافة,وكذلك سياجا منيعاً تحطمت على أسواره كل المؤامرات والأطماع الصهيونية الامبريالية وأطماع الدول والأمم المحيطة.
....نعم لقد شكل انهيار الدولة القومية في العراق الشقيق وتباعاً الدولة العربية الليبية وتخلي مصر عن دورها القومي الكفاحي الريادي, إلى جانب غياب منظمة التحرير الفلسطينية عن فعلها الثوري المسلح والطليعي في الكفاح القومي ضد أعداء الأمة...علامة فارقة ومنعطفاً مفصلياً في مسيرة الأمة نحو موقعها الريادي بين الأمم, بل وفي أمنها واستقرارها...وانكساراً حاداً في مشوار نهوضها وتقدمها وبالتالي إمكانها درء المخاطر ومواجهة التحديات الجسام وكذلك في القدرة على مقاومة المشروع الأمريكي التفتيتي للمنطقة العربية(الفوضى الخلاقة) والذي يستهدف مزيداً من التفتيت في الجسد العربي الممزق,وتشجيع نشوء الدويلات الطائفية المقيتة,وتدمير ما بقي من الجيوش العربية القومية والحامية للمشروع القومي الجهادي.
وإزاء المشاهد المؤلمة للحالة العربية الراهنة وأمام هذه الأوضاع الشاذة والمشينة للمواطن العربي, وما رافقها من ضعف وهوان ومذلة ومزيد الانقسامات والشرذمة على الأسس الطائفية والمذهبية ومزيد الدماء التي تسيل خارج قنواتها الأصيلة..كلها عوامل أسهمت في إذكاء شهوة الأطماع الغريزية لدى الصهيونية والامبريالية.وأيقظت لدى أمم الجوار أحلاما كانت راكدة ومركونة في أدراج مخيلتهم المريضة ,والحالمة بالتوسع على حساب المنطقة العربية إحياء لأجندات مخبوءة في صدورهم وتطمح بعودة أمجادهم التليدة ,وامبرطورياتهم التي اعتاشت ردحاً من الزمن الغابر على الجسد العربي ,وحطمتها في تلك الأثناء سيوف العرب التي حملت راية الإسلام الخالد وأهدته لشعوب البشرية أملاً بسطوع النور على الكرة الأرضية بعد ظلام دامس.
لقد بات واضحاً لكل ذي عقل اليوم نضوج تلك الأطماع التي تحيط بأمتنا من كل حدب وصوب ..فإلى جانب الأطماع الصهيونية والامبريالية المعروفة برزت مؤخراً وبشكل فاضح وعلني أطماع الفرس الإيرانيين والترك العثمانيون ,ولست أغالي هنا إن قلت حتى الإثيوبيين الفقراء أضحوا يتجرؤون على الكيان العربي المنهار..فأي وضع تحسد عليه بلاد العرب أوطاني..مما يدفعنا جميعا ويدفع الغيارى من أبناء امتنا المجيدة وخصوصاً أولئك الذين ينتمون لإرث أمتهم الحضاري والإنساني ,ويحملون في قلوبهم رسالة الإسلام الخالدة للتحرك سريعاً لوضع حد لحالة التدهور والانحطاط والتعصب والتخلف والاقتتال والتدمير الذاتي الممنهج ,والنهوض بواقع أمتنا مجدداً من خلال تشكيل جبهة وطنية قومية إسلامية تبني إستراتيجيتها على قاعدة النضال العربي الوحدوي المشترك من اجل تحرير فلسطين وكافة الأراضي العربية السليبة ,وتراكم جهودها على قناديل أضاءت فضاء النصر العربي في العراق وغزة هاشم,وتؤخذ على عاتقها خوض المنازلة الكبرى مع ما يسمى التحالف الدولي والإجهاز عليه من خلال حرب الشوارع والحرب الشعبية المسلحة طويلة الأمد الكفيلة وحدها بتحقيق النصر العربي المؤزر, وتحقيق الوحدة العربية الشاملة من المحيط إلى الخليج, مع الأخذ بأسباب التقدم والازدهار والنهوض الحضاري ,وصولاً نحو تحقيق الأمن والاستقرار لأبنائنا وأجيالنا القادمة وإطفاء النيران المشتعلة من حولهم والتي تأكل العرب وتعتاش على دمائهم العزيزة.
بقلم : ثائر حنني
بيت فوريك - فلسطين المحتلة
كانون الأول 14