يستنكر المجلس الاستشاري الثقافي في نابلس الهجمة المسعورة التي تشنها حكومة اليمين المتطرفة في دولة الاحتلال على المشهد الثقافي الفلسطيني، ونزعته المتطرفة لطمس هوية شعبنا الفلسطيني المتجذر بأرض الآباء والأجداد، والذي لم ينهزم أو يخضع يومًا لمحتل، ولم يفرّط في ذاكرته.
ما شهدناه خلال الأشهر الماضية، وما نشهده يوميا في القدس وقطاع غزة والضفة الغربية ، من استهداف ممنهج للمؤسسات الثقافية، والمتمثلة بهدم المراكز الثقافية، وحرقٍ للكتب، وتخريب للمواقع الأثرية، واستهداف للفنانين والمثقفين، وحراس الذاكرة والسردية الفلسطينية، ومنع للفعاليات الفكرية والإبداعية، ليس إلا دليلًا على رعب المحتل من قوة الكلمة والصورة والمسرح والقصيدة، ومن ثقافة صنعت ثوارًا وحمت جذورًا راسخة في الأرض.
إن محاولات الاحتلال استهداف المشهد الثقافي الفلسطيني، عبر محاولة تغيير الرواية الحقيقية بأخرى مزورة ومشوهة، هي جزء من الحرب الممنهجة على الذاكرة والهوية الوطنية الفلسطينية، حربٌ تستهدف قلب المدن التاريخية وروحها وتزوير التاريخ وتغيير الجغرافيا.
وفي إطار هذه الحرب المسعورة، يواصل الاحتلال استهداف الأونروا المؤسسة التي تمثل شاهدًا حيًا على جريمة التهجير القسري، ويتوهم أن محوها سيمحو حق اللاجئين في العودة، لكن ذاكرة الفلسطيني لا تُمحى، وحقه لا يُلغى، وقضيته ستبقى حيّة في كل محفل ومنبر.
إن هذه السياسات، التي تتكامل مع التصريحات العنصرية الداعية إلى تهجير سكان غزة، تكشف الوجه الحقيقي لمشروع التطهير العرقي الذي لا يزال يُمارس بأبشع صوره في القرن الحادي والعشرين، وسط صمت دولي مخزٍ.
إن المجلس الاستشاري الثقافي في محافظة نابلس، إذ يحيي صمود المثقفين والفنانين الفلسطينيين في مواجهة هذه الحرب على العقل والروح والذاكرة والصمود الفلسطيني، يؤكد أن الثقافة ستبقى درعًا يحمي الهوية، وسيفًا يقطع يد المحتل، ونافذة تطل منها فلسطين على العالم، قوية، شامخة، عصية على الانكسار.