الرئيسية / الأخبار / فلسطين
"وجود يهودي" في قلب نابلس.. هل تعيد "إسرائيل" احتلال "قبر يوسف"؟
تاريخ النشر: منذ 3 ساعات
"وجود يهودي" في قلب نابلس.. هل تعيد "إسرائيل" احتلال "قبر يوسف"؟
"وجود يهودي" في قلب نابلس.. هل تعيد "إسرائيل" احتلال "قبر يوسف"؟

نابلس- وكالة سند للأنباء
في الوقت الذي يتصاعد فيه الحديث عن موجة استيطانية جديدة تشهدها الضفة الغربية المحتلة، تعود قضية "قبر يوسف" شرق مدينة نابلس إلى الواجهة، كمؤشر خطير على محاولات الاحتلال فرض سيادة دائمة في قلب المناطق المصنفة (A) الخاضعة إداريًا وأمنيًا للسلطة الفلسطينية حسب اتفاق أوسلو.

القبر الذي تزعم "إسرائيل" أنه يُنسب للنبي يوسف عليه السلام، وذلك عكس الروايات والحقائق التاريخية التي تنفي ذلك، يُعد أحد أكثر المواقع حساسية في الضفة الغربية.

ورغم وقوعه داخل حدود مدينة نابلس وتحديدًا قرب مخيم بلاطة وبلاطة البلد، فقد ظل يشكل بؤرة استيطانية بحماية عسكرية إسرائيلية، تحت ذريعة دينية تاريخية.

إقرأ أيضاً
الاحتلال يدرس إعادة فرض سيطرته الدائمة على قبر يوسف بنابلس
بموجب اتفاق أوسلو، خضع القبر لسيطرة أمنية إسرائيلية ضمن ترتيبات استثنائية، لكنه بقي محاطًا بمنطقة تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة.

ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، اضطر الاحتلال إلى الانسحاب من القبر تحت ضغط المقاومة الفلسطينية، بعد مقتل عدد من جنوده خلال التنقلات بين الموقع والمستوطنات المحيطة، وخلال عمليات كان ينفذها المقاومون الفلسطينيون ضد القوات المتواجدة فيه.

لكن اليوم، ومع صعود حكومة يمينية متطرفة يقودها وزراء هم الأكثر تطرفًا، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، يعود الحديث عن تثبيت الوجود الإسرائيلي بشكل دائم في الموقع، بما يتجاوز زيارات المستوطنين الشهرية أو الأسبوعية للقبر.

كما يُعيد ذلك طرح سؤال أعمق: هل قبر يوسف بوابة نحو مرحلة جديدة من إعادة احتلال مناطق فلسطينية مدنية بذريعة دينية؟ وهل يشكل ذلك جزءًا من استراتيجية استيطانية أشمل لفرض وقائع جغرافية تمنع أي مشروع سياسي فلسطيني مستقبلي؟

"جزيرة احتلالية"..

المحلل والمختص في الشأن الإسرائيلي، عادل شديد، يرى أن التطورات الأخيرة في محيط قبر يوسف تعكس توجهًا واضحًا من جانب الاحتلال نحو البقاء، لا الانسحاب.

ويقول شديد لـ "وكالة سند للأنباء": "إعادة جنود الاحتلال لقبر يوسف بعد مغادرتهم لـ25 عامًا تشير من جديد أن إسرائيل ليس في حساباتها أن تغادر المنطقة، بل أن يستمر الاحتلال".

ويؤكد شديد أن القبر "كان أشبه بجزيرة داخل محيط فلسطيني خاضع للسيطرة الأمنية الفلسطينية"، لكنه رغم ذلك "ظل تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، مما جعل حركته محاطة بالإشكالات الأمنية"،.

ويُذكّر ضيفنا، بأن هذا الواقع "أدى لمقتل ما لا يقل عن 7–8 جنود وإصابة أضعافهم، إلى أن اضطرت "إسرائيل" لإخراجهم عام 2000.

غير أن المشهد الأمني تغيّر، بحسب شديد، حيث باتت "المنطقة اليوم خاضعة بالكامل للسيطرة الأمنية الإسرائيلية"، ما يجعل من "عودة الاحتلال إلى القبر واردة جدًا"، خاصة في ظل ضغوط وزراء اليمين المتطرف "باتجاه إعادة احتلال القبر قبل نهاية ولاية الحكومة الحالية، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من بقاء الاحتلال لفترة طويلة جدًا في الضفة الغربية".

تفكيك الجغرافيا الفلسطينية..

التحليل الذي قدّمه شديد، يتقاطع مع رؤية الباحث والكاتب محمد القيق، الذي يرى أن النشاط الإسرائيلي في قبر يوسف لا يمكن فصله عن مشروع استيطاني أكبر، يُوظف الدين والتاريخ كغطاء لتفكيك الجغرافيا الفلسطينية وتكريس السيادة الإسرائيلية.

ويقول القيق لـ "وكالة سند للأنباء": "الإسرائيلي يفكّر في غزارة الاستيطان وكثافته، ببعدين جغرافي وبعد أمني يعطيه قوة على طاولة المفاوضات في أي مفاوضات قادمة بشأن الدولة الفلسطينية المستقبلية".

ويرى أن "إسرائيل" تنتهج اليوم نمطًا جديدًا من التوسع الاستيطاني، لم يعد مقتصرًا على بناء المستوطنات المعزولة أو تلك المحاذية، بل وصل إلى "مراكز المدن تحت إطار وحجج وجود حالة دينية أو تاريخية وتراثية"، كما هو الحال في قبر يوسف.

ويضيف القيق: "الاستيطان يتم أيضًا في برك المياه والعيون والأودية والمراعي الزراعية، فيما يمكن تسميته بالاستيطان الرعوي"، ما يُكمل مشهدًا متكاملًا لـ"فرض أمر واقع جديد"، يقوّض كل أمل فلسطيني بأي سيادة جغرافية مستقبلية.

ويصف "ضيف سند" هذه السياسات بأنها تهدف إلى "حالة قطع للجغرافيا السياسية للسيادة الفلسطينية، لصالح بناء وتواصل الجغرافيا العسكرية والأمنية والديمغرافية لصالح الاستيطان"، مشيرًا إلى أن هذا التوجه يأتي في إطار ما سماه "دولة المستوطنين" التي "نالت الضوء الأخضر خلال زيارة نتنياهو لترامب الأخيرة، فيما يخص السيادة على الضفة الغربية".

احتلال يتجذر بغطاء "تراثي"

ووفقًا لمراقبين، يتضح أن قبر يوسف لم يعد مجرد "موقع ديني" يُثير التوترات الأمنية الموسمية، بل بات أداة سياسية تُستخدم لفرض سيادة فعلية على أراضٍ فلسطينية، وسط فراغ سياسي وانشغال دولي.

وإذا ما تحققت دعوات أقطاب الحكومة الإسرائيلية الحالية بإعادة احتلال القبر بشكل دائم، فقد يمثّل ذلك سابقة خطيرة يُعاد من خلالها احتلال مواقع داخل مناطق خاضعة رسميًا للسلطة الفلسطينية، تحت ذرائع دينية، لكنها تخدم أهدافًا أمنية واستيطانية بعيدة المدى.

وخلال الأسابيع الأخيرة، كشفت وسائل إعلام عبرية عن أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يدرس احتلال قبر يوسف في مدينة نابلس بشكل دائم، مع السماح بـ "الوجود اليهودي" الدائم في المكان الواقع في قلب مدينة نابلس.

ووفق صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية، فإن القيادة المركزية في جيش الاحتلال تعمل على إعداد خطة رسمية حول الإمكانية العملية لهذه الخطوة، ومن المتوقع تقديمها خلال الأسابيع المقبلة.

وقبل نحو أسبوعين، عقد مؤتمر موسع في الكنيست الإسرائيلي، بهدف ممارسة ضغط إضافي على المستويين السياسي والعسكري لدفع خطة احتلال الموقع.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية، إن إعادة الوجود اليهودي الدائم في قبر يوسف، تعد خطوة ذات أبعاد أمنية وسياسية كبيرة، لأنها تعني تغييرا للوضع القائم منذ أكثر من عقدين

ويسعى قادة المستوطنين للإسراع في تنفيذ الخطة، خشية احتمال حل الكنيست والتوجه إلى انتخابات جديدة، وهو ما قد يعطل مشروعهم، في حين يصفون استعادة السيطرة على القبر بأنها مسؤولية سيادية وأمنية.

ويقتحم المستوطنون قبر يوسف بشكل متكرر، ويؤدون طقوسًا تلمودية بمشاركة حاخامات ومسؤولين إسرائيليين.

ومؤخرًا، أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أخذ قياسات في مقام قبر يوسف، ما يؤشر لنية الاحتلال الحقيقية لإعادة احتلاله والسيطرة على محيطه لتأمين وصول المستوطنين إليه، وفق مصادر فلسطينية.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017