الرئيسية / الأخبار / دولي
إغلاق سفارات مصر والأردن حول العالم.. رسائل صارخة ضد التواطؤ بحصار غزة
تاريخ النشر: السبت 26/07/2025 15:17

في مشهد غير مسبوق من التضامن الشعبي العالمي، شهدت مدن أوروبية وعواصم عالمية موجة متصاعدة من الاحتجاجات والاعتصامات أمام سفارات مصر والأردن، احتجاجًا على دور البلدين في استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، والتواطؤ في منع إدخال الإمدادات الإنسانية التي يحتاجها أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من حرب الإبادة والجوع.

وما بدأ كسلسلة وقفات احتجاجية تطالب بفتح المعابر، تحول إلى حملة عالمية محكمة لإغلاق رمزي لمقارّ البعثات الدبلوماسية لكل من مصر والأردن، مع تحميل البلدين مسؤولية مباشرة عن تفاقم الكارثة الإنسانية التي تعصف بغزة.

وقد حملت هذه التحركات رسائل سياسية وأخلاقية مدوية، فجّرت صمتًا دام طويلًا تجاه دور القاهرة وعمّان، وأعادت توجيه الأنظار إلى مشاركتهما الفعلية – بالصمت أو التنسيق الأمني – في جريمة الحصار الجماعي.

رسائل المتضامنين: كفى تواطؤًا

اللافت في هذه الحملة أن أغلب المشاركين لم يكونوا من أبناء الجاليات الفلسطينية فقط، بل ضمت أوروبيين ومتضامنين من خلفيات إنسانية وحقوقية، حملوا شعارات مثل:

“افتحوا معبر رفح الآن”

“غزة تختنق وأنتم تغلقون الأبواب”

“الاحتلال يُجَوّع.. ومصر تمنع المساعدات”

وفي لندن وبرلين وباريس وأوسلو ومدريد وبروكسل، أُغلقت السفارات والقنصليات المصرية والأردنية رمزيًا عبر الاعتصامات، وتم لصق ملصقات سوداء على بواباتها كتب عليها “مغلق بقرار الشعوب”، و”شركاء في الحصار”.

وفي أكثر من عاصمة، جرى تسليم بيانات قانونية وعرائض شعبية تطالب بمساءلة البلدين أمام الرأي العام الدولي.

انكشاف الدور المصري: معبر رفح تحت المجهر

تتركز أغلب الاتهامات على الدور المصري، باعتبار القاهرة تسيطر فعليًا على معبر رفح، المنفذ البري الوحيد لغزة غير الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، لكنه في الواقع يُدار وفق تنسيق أمني ثلاثي (مصري – إسرائيلي – أمريكي) يُخضعه لمنطق الابتزاز السياسي، أكثر من كونه بوابة إنقاذ إنساني.

ومع تفاقم المجاعة، وتوثيق الأمم المتحدة لارتفاع وفيات الأطفال جراء سوء التغذية، تسربت وثائق وبيانات أممية تشير إلى أن مئات الشاحنات المكدسة على الجانب المصري من المعبر، لا تزال تنتظر الإذن السياسي بالعبور، وسط صمت رسمي مصري، وتغطية إعلامية تُحمّل المسؤولية لحماس والفصائل فقط.

وتؤكد منظمات إغاثية أن الجانب المصري يعرقل دخول الإمدادات الطبية والوقود بشكل ممنهج، بحجج “التنسيق” و”التحقق الأمني”، ما يؤدي إلى إتلاف الشحنات وتعطيل المستشفيات.

ومع توثيق الأمم المتحدة لجرائم قتل عشرات الأطفال جوعًا في شمال القطاع، تحوّل الصمت المصري إلى شراكة مكشوفة في جريمة التجويع.

الأردن.. دور صامت لكنه جوهري

أما الأردن، فيُتهم بإغلاق معبر الكرامة وتقييد قوافل الإغاثة المتجهة لغزة، خاصة تلك الممولة من هيئات إغاثية شعبية أو منظمات غير حكومية.

ورغم الدور الرمزي للأردن في إرسال مساعدات جويّة عبر الطائرات، إلا أن الحملة الشعبية تعتبر هذه الخطوات تجميلية لا ترقى إلى موقف جاد لكسر الحصار.

وتتهم جهات حقوقية الأردن بالتواطؤ الأمني مع الاحتلال، خاصة بعد مشاركة قواته في تأمين مناطق التنسيق الحدودي، ما حوّل المساعدات الإنسانية إلى أداة تخضع لرقابة إسرائيلية قبل أن تصل للمحتاجين.

دلالات الحملة.. نهاية الحصانة الدبلوماسية

تكشف هذه الإغلاقات الرمزية للسفارات أن الرأي العام العالمي لم يعد يفرّق بين الاحتلال الإسرائيلي ومن يشاركه الحصار صمتًا أو منعًا أو عرقلة.

فالحصانة السياسية والدبلوماسية التي تمتعت بها أنظمة مثل مصر والأردن في السابق، باعتبارهما “وسطاء” في الملف الفلسطيني، تتآكل سريعًا أمام مشهد المجاعة والقصف الجماعي في غزة.

الناشطون والمتضامنون لم يتوجهوا نحو السفارات الإسرائيلية فقط، بل وضعوا السفارات العربية في مرمى المساءلة. وفي ذلك رسالة استراتيجية: من يصمت أو يعيق أو يغلق المعابر، يتحمل ذات المسؤولية التي يتحملها القاتل.

ارتباك دبلوماسي وردود باهتة

لم تصدر ردود فعل رسمية قوية من السفارات المصرية أو الأردنية في العواصم المستهدفة، سوى تصريحات متفرقة تكرر الخطاب المعتاد بأن “الدولة تسعى لتسهيل دخول المساعدات” و”تحذر من استغلال القضية لأهداف سياسية”.

لكن اللافت أن أيًّا من هذه التصريحات لم ينف صراحة مسؤولية إغلاق المعابر، أو يقدّم جداول واضحة للمرور، أو يرد على الاتهامات الموثقة بتعطيل المساعدات.

ويعكس هذا الصمت الرسمي حالة ارتباك دبلوماسي، وقلقًا من تصعيد هذه الحملة في المحافل الدولية، خاصة أن بعض الاعتصامات باتت تطالب بمحاكمة الدول المتواطئة مع إسرائيل أمام المحاكم الأوروبية بموجب قانون الاختصاص القضائي العالمي.

التضامن الشعبي مقابل خذلان الحكومات

في مقابل صمت الأنظمة، يظهر مشهد التضامن الشعبي مع غزة أكثر جرأة ومبادرة، حيث تنتشر الحملات الإلكترونية لجمع التوقيعات، وتنظم الفعاليات الأسبوعية لإغلاق السفارات، ويتزايد الضغط على البرلمانات الوطنية لفتح تحقيقات في دور الدول العربية بـ”إطالة أمد الكارثة الإنسانية”.

ويؤكد المنظمون أن إغلاق السفارات ليس إلا الخطوة الأولى، وأنهم يعتزمون المطالبة بطرد السفراء، وتعليق التعاون مع الأنظمة التي تتورط في جرائم الحصار، ما لم تقم بخطوات عملية واضحة لفك القيود على غزة.

إذ لم تعد القاهرة وعمّان قادرتين على الاختباء خلف شعارات “الوساطة” و”السيادة” حين يتعلّق الأمر بمأساة غزة. فالمجتمع الدولي، والشارع العالمي، بدأ يحمّل المسؤولية لكل من يغلق بابًا بوجه الجياع، أو يؤخر شاحنة دواء، أو يعرقل دخول الوقود لمستشفى يحتضر فيه الأطفال.

والرسالة التي حملتها إغلاقات السفارات المصرية والأردنية واضحة: من يمنع الخبز عن غزة، لا يملك تمثيل الشعوب ولا يُعذر في التاريخ.

 الصحافة الفلسطينية

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017