الأناضول
أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ضرورة دعم الدول لنشاط "أسطول الصمود العالمي" إلى أقصى حد ممكن.
جاء ذلك في لقاء أجراه فيدان مع قناة "تي آر تي" الإخبارية التركية، السبت، شدد فيه على أن أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة، "عمل نبيل قل نظيره".
وأضاف: "على الدول دعم هذا النشاط إلى أقصى حد ممكن"، لافتا إلى إقامة تركيا تنسيقا وثيقا مع العديد من البلدان وممارستها ضغوطا دولية بعد إبحار سفن الأسطول نحو غزة.
وعن إعادة ناشطين أتراك إلى تركيا بعد تعرضهم للاعتقال الإسرائيلي، أوضح فيدان أن بلاده تواصلت مع السلطات الأمنية الإسرائيلية عبر جهاز الاستخبارات التركي.
وأوضح فيدان أنه بعد انطلاق سفن الأسطول، أقامت تركيا آلية تنسيق مع عدد من الدول، وأن الموقف المشترك ولّد ضغطا دوليا حول القضية التي انطلقت من أجلها سفن الأسطول نحو غزة.
ولفت إلى أن موقف تركيا بالتنسيق مع دول أخرى، ساهم في التأكيد على أن ركاب سفن الأسطول ليسوا وحدهم، وأن سلامة الملاحة أمر بالغ الأهمية بعد إبحار السفن، وأن وحدات المراقبة الجوية التابعة للقوات البحرية التركية في المنطقة تنسق مع القوات البحرية الأخرى في المنطقة، وخاصة إسبانيا وإيطاليا.
وأكد أن الرئيس رجب طيب أردوغان أوعز بأوامر للعمل على إعادة الناشطين المحتجزين لدى إسرائيل بعد اعتقالهم، مشيرا إلى بذل جهود دبلوماسية لإعادة الناشطين الأتراك إلى بلادهم.
وزير الخارجية التركي شدد على أن بلاده تولي اهتماما بالغا بالقضية الفلسطينية، وأن حساسية الرئيس أردوغان تجاه القضية على أعلى مستوى.
وأشار في هذا الإطار إلى أن المجتمع الدولي يرى دائما القضية الفلسطينية على أنها "مشكلة مشتركة"، مؤكدا ضرورة حشد الجهود الدولية لحلها.
وعن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في غزة، أشار الوزير التركي إلى أن إعلان ترامب عدم السماح بضم الضفة الغربية شكّل نقطة تحول تاريخية في العلاقات بين الولايات المتحدة وفلسطين وإسرائيل.
ولفت إلى احتمال عرقلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطة ترامب، قائلا: "هناك دائما احتمال أن يُخرب نتنياهو خطة ترامب، وأعتقد أن هذه النية موجودة لديه. نحن بحاجة إلى جدية أمريكا وتصميمها".
في معرض تعليقه على موقف حماس من خطة ترامب، قال فيدان إن أسلوب التفاوض الذي طرحته حماس وصيغة الرد في ورقة الرد جديران بالثناء.
وأوضح أن الرد لم يكن رفضا قاطعا بل نهج يسعى للتسوية ويحترم جهود الوسيط وفي نفس الوقت يؤكد بوضوح ما لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يقبله.
ولفت فيدان أنه في ظل التقبل الدولي للقضية الفلسطينية والاعتراف بدولة فلسطين، ثمة تقبل ووعي دوليان للقضية أكثر من أي وقت مضى.
وعن اجتماع قادة دولة إسلامية وعربية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هامش اجتماعات الأمم المتحدة أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، بخصوص غزة أضاف أن قادة الدول الإسلامية والعربية أكدوا خلال الاجتماع "ضرورة وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"، مؤكدا أهمية تبني ترامب المشكلة لحلها.
وفي 29 سبتمبر/ أيلول المنصرم، أعلن ترامب خطة تتألف من 20 بندا، بينها: الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح حركة حماس.
وخلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الأمريكي بالبيت الأبيض، الاثنين الماضي، أعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو "دعم خطة ترامب"، معتبرا أنها "تحقق الأهداف الإسرائيلية من الحرب".
وتقدر تل أبيب وجود 48 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها نحو 11 ألفا و100 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، قتل العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومساء الجمعة، قالت حركة حماس في بيان، إنها سلمت ردها على خطة ترامب بشأن غزة للوسطاء، معلنة موافقتها على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات.
كما جددت موافقتها على تسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناء على التوافق الوطني الفلسطيني، واستنادا إلى الدعم العربي والإسلامي.
لكن حماس أكدت أن مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب ستناقش في إطار فلسطيني.
انعدام التعاون والثقة سبب صراعات المنطقة
الوزير فيدان شدد على أن السبب الكامن وراء الصراعات طويلة الأمد والتدخلات الإقليمية والدولية في المنطقة يكمن في عجز دول المنطقة عن التعاون ووجود مستوى معين من انعدام الثقة.
وقال: "نحن بحاجة إلى ميثاق أو منصة أو اتفاقية أو اتفاقية للاستقرار الإقليمي. هدفها الرئيسي ليس الردع، بل الردع هو هدفها الثانوي. هدفها الرئيسي هو ضمان ثقة متبادلة مطلقة بين دول المنطقة".
وفي إشارة إلى موقف إسرائيل العدواني تجاه العديد من الدول، قال فيدان حتى الداعمين لإسرائيل بشكل مطلق لم يعودوا يريدون أن يُنظر إليهم كشركاء لإسرائيل، ولفت إلى توقيع اتفاقيات أمنية بين بعض الدول بعد الاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة.
وشدد على ضرورة توقيع بلدان المنطقة اتفاقية تلتزم بموجبها كل دولة بسلامة وسيادة وأمن بلدان المنطقة، مبينا "نحتاج إلى ميثاق، ومنصة، واتفاقية للاستقرار الإقليمي".
وفيما يتعلق بزيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الولايات المتحدة أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، وصف فيدان الزيارة بالتاريخية في العلاقات التركية الأمريكية وخاصة على صعيد دبلوماسية القادة.
وأفاد بأن الولايات المتحدة رفعت بعض العقوبات عن تركيا، فيما لا تزال أخرى قائمة، وأن من واجبه العمل على رفع هذه العقوبات.
- على "واي بي جي" الاتفاق مع دمشق
وعلى صعيد الشأن السوري، أكد فيدان الأهمية الاستراتيجية لتشكيل الحكومة السورية، وتنظيم الانتخابات البرلمانية في البلاد لأول مرة بعد سقوط نظام المخلوع بشار الأسد أواخر 2024.
كما شدد فيدان على ضرورة القضاء على العناصر التي تشكل تهديدا لوحده سوريا وخاصة خطر التقسيم، قائلا: "على واي بي جي (قسد) أن يعلن نواياه بوضوح وأن يتوصل إلى اتفاق مع دمشق، كما يجب حل مسألة الدروز في الجنوب بشكل إيجابي وبمنظور مقبول من الطرفين، دون المساس بوحدة البلاد".
فيدان لفت إلى أن إسرائيل هي أكثر جهة قد تدفع إلى تأزيم الوضع في سوريا، مؤكدا أن تركيا لا يمكن أن تقبل بفرض أمر واقع في سوريا أو أي محاولات من شأنها أن تؤدي إلى تقسيم البلاد.
وعلل موقف تركيا الثابت حيال وحدة سوريا بأن كل شيء يقع على حدودها مع سوريا وعلى الجانب الآخر من حدودها ضمن الأراضي السورية مرتبط بشكل مباشر بالأمن القومي التركي.
وأعرب فيدان عن الحاجة إلى سوريا ذات سيادة وطنية محافظة على وحدتها، ولفت إلى تواصل التعاون بين تركيا ودول إقليمية لدعم سوريا وخاصة مع المملكة العربية السعودية.
الوزير التركي أكد على ضرورة رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا على نطاق أوسع، وعلى ضرورة اتخاذ الاتحاد الأوروبي خطوات إضافية في هذا الإطار.
وأوضح أن رفع العقوبات عن سوريا سيزيل العقبات أمام التمويل والاستثمار، وأن عودة اللاجئين ساهمت بشكل ملحوظ في تنمية الاقتصاد السوري.
وأكد فيدان أن القيادة الحالية في سوريا قوية وحازمة وتتمتع بشرعية دولية كبيرة، وذكر أن هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من 50 عاما التي تتاح فيها الفرصة لزعيم سوري لمخاطبة المجتمع الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأعرب عن تفاؤله بشأن مستقبل سوريا، وأنه على الرغم من وجود بعض مجالات الخطر، فإن القوة القيادية لتركيا وعمقها الدبلوماسي وأدواتها الأخرى ستكون كافية لإدارة هذه المشاكل، وأكد أنهم سيواصلون استخدام هذه القوة لبناء الاستقرار.
وعن الشأن السوري، لفت فيدان إلى أن سوريا تشهد الأحد انتخابات مجلس الشعب (البرلمان)، مؤكدا أن الاستحقاق يشكل خطوة مهمة، ويمثل الخطوة الثانية المهمة بعد تشكيل الحكومة فيما يتعلق بإنشاء نظام (حكم) جديد في سوريا.
وأعلن الوزير التركي أن نظيره السوري أسعد الشيباني سيزور تركيا يوم الأربعاء المقبل.