على شرف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، والذي يصادف يوم الأربعاء، 10.12.2014، تنشر جمعية حقوق المواطن كما في كلّ عام تقريرَ "حقوق الانسان في إسرائيل- صورة الوضع للعام
يهدف التقرير إلى توفير تغطية مستجدّة لحالة حقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو يعرض الاتجاهات الأساسية في وضع حقوق الإنسان في العام المنصرم، والانتهاكات الأكثر خطورة وفظاظة التي وقعت خلاله. ويفصّل التقرير تأثيرات الحرب على غزة على وضع حقوق الانسان في اسرائيل وفي الأراضي المحتلة ، ويكشف مدى الضرر المباشر للحرب على حقوق الانسان ومدى تأثيراتها العميقة على المجتمع الإسرائيلي.
احدى ابرز الظواهر خلال العام المنصرم هي المس الخطير بحرية التعبير عن الرأي، لكل من يحمل رأياً خارجاً عن الإجماع القومي الاسرائيلي؛ اعتقال 1500 متظاهر، غالبيتهم العظمى من العرب؛ محاولة منع المظاهرات في مدن مختلطة من قبل رؤساء بلديات، مثل حيفا واللد؛ الاعتداء الجسدي على المتظاهرين من قبل نشطاء اليمين ؛ تقييد حرية التعبير للطلاب والمحاضرين من قبل ادارة الجامعات؛ فصل عشرات العمال والموظفين العرب بسبب تصريحات مناهضة للحرب؛ مبادرات فردية للتعقب وراء تصريحات لمواطنين عرب عبر شبكات التواصل والمطالبة باتخاذ اجراءات عقابية ضدهم.
كما تجلت هذا العام مظاهر العنصرية والعنف ضد المواطنين العرب، بعضها حظى بدعم رسمي، واعتلت أصوات مقاطعة المتاجر والمصالح العربية. أما في القدس الشرقية، فقد وصل التوتر والعنف ذروتها في صيف 2014، وما زالت تتصاعد، ومعها عدد الضحايا، إذ شهد سكانها على الاستخدام المفرط للقوة واستخدام غير تناسبي ومخالف للنظم لوسائل تفريق المظاهرات، منها استخدام سائل الـ"بوءش" المنتن كوسيلة للعقاب الجماعي في الأحياء المقدسية المختلفة، واستخدام الحواجز الاسمنتية لاغلاق المداخل المركزية للأحياء، ما أدى الى مسٍ خطير في حرية الحركة والتنقل المكفولة للمقدسيين.
كما ظهرت خلال الحرب الحقيقة التي تجسد انعدام الأمن نتيجة عدم المساواة الاقتصادية الاجتماعية، إذ بقيت مجموعات سكانية كاملة تعيش في بيوت متنقلة بلا حماية ولا امان من الصواريخ؛ العمال الأجانب الذين عملوا في الحقول الزراعية في الجنوب باتوا دون حماية؛ كما تجسد الأمر بصورته الأشد في القرى العربية البدوية في النقب، المعترف وغير المعترف بها، الذين بقوا دون حماية مطلقة ومع نصيحة من مندوب الدولة في الالتماس الذي قدم في هذا الشأن "انبطحوا ارضاً". وتجلى الامر كذلك في عمل منظومة التعويضات للمصالح والعمال في النقب التي ما زالت تعمل ببطء شديد، ما أدى الى المس على نحو قاس بالعمال الضعفاء.
من ناحية أخرى وعلى الرغم من الصورة القاتمة، بدا على نشاطات الحكومة والكنيست هذا العام تأثيرات الاحتجاج الاجتماعي والمجتمع المدني: اقامة لجنة الألوف بهدف محاربة الفقر؛ مداولات لجنة جيرمان حول مستقبل الطب الجماهيري؛ سلطة المياه والكنيست عملوا على تقليص حالات قطع المياه بسبب الديون؛ الاسكان المتاح حظى باهتمام في التشريع؛ وزارة الداخلية عملت على تقليص الفجوات بين السلطات المحلية القوية والفقيرة في النقب وحقوق المتحولين جنسياً حظوا باعتراف اكبر. على الرغم من ان هذه الخطوات بعيدة عن تلبية الحاجات الحقيقية لمواطني الدولة، الا انه من الممكن اعتبارها بوادر تغيير ايجابية.
هذا وعقبت المحامية شارون ابراهام فايس، المديرة العامة لجمعية حقوق المواطن بالقول ان "نزعات العنصرية والعنف وتقييد حرية التعبير تعاظمت بشدة في اعقاب الحرب. لقد كشف الصيف الاخير الصعوبة التي يواجهها المجتمع الاسرائيلي في مواجهة تعدد الآراء ووجود أقلية قومية مبدأية داخل اسرائيل. هذه النزعة هدامة للديموقراطرية وللمجتمع في إسرائيل".