خالد معالي
الضفة الغربية باتت ملعبا مفضلا للمستوطنين؛ فلا يكاد يمر يوم دون تسجيل اعتداء أو أكثر للمستوطنين على الفلسطينيين؛ وأحيانا لا يتم توثيق الاعتداء؛ لان المعتدى عليه من الفلسطينيين لا يبلغون المؤسسات الحقوقية آو وسائل الإعلام؛ لتضرب ممارسات المستوطنين العدوانية جسد الضفة الغربية، وتسد شرايينها وتثخنها بالجراح التي لا تندمل؛ والبعض يتعايش معها وكأنها قدره.
كل يوم يحصل هجمات للمستوطنين؛ فقد هاجم عشرات المستوطنين قرية المغير شمال شرق رام الله وأحرقوا مركبة قبل أن يتم طردهم، وصادروا مئات الدونمات لصالح توسعة مستوطناتهم من رام الله، وصادروا آلات زراعية...
الاستيطان عبارة عن وجع سرطاني يتفشى في جسد الضفة؛ فالاستيطان وعربدة واعتداءات المستوطنين؛ تضرب في كل الجهات والأماكن، دون خوف من عقاب آو دفع ثمن لاعتداءاتهم المتكررة من حرق للمساجد، أو ضرب المواطنين، وطرد المزارعين من أراضيهم، ومصادرة معداتهم الزراعية كما جرى في الأغوار، وغيره الكثير من ممارسات عدوانية يقوم بها المستوطنون مستغلين حماية الجيش لهم، وعدم قدرة المس بهم من قبل الفلسطينيين بسبب اتفاقية"اوسلو" التي لا تجيز المس بهم.
هموم وأوجاع وآلام الضفة لا تعد ولا تحصى؛ أصعبها ما يتعلق بالعلاقات الداخلية الفلسطينية الفلسطينية؛ فترتيب البيت الداخلي دائما هو الأهم في الانطلاق نحو مواجهة المستوطنين والاحتلال بصلفه وعنجهيته؛ فالأصل مع وجود احتلال يستهدف الجميع؛ أن تتحد جميع ومختلف القوى في بوتقة التصدي له ومقاومته.
القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لا تجيز الاستيطان وتهويد الأرض المحتلة وطرد سكانها؛ ولكن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل ذلك، و"نتنياهو" يرفض الانسحاب من الضفة الغربية حتى لو تم "الاتفاق النهائي" على" إنهاء "الاحتلال.
ما يحصل في الضفة الغربية؛ من تغول الاستيطان سببه؛ هو علاقات قوى ببعضها البعض؛ فالجانب الفلسطيني يمر في أضعف مراحله في الضفة الغربية؛ و"نتنياهو" يستغل ذلك أبشع استغلال؛ فالموضوع يتعلق بقدرته على فرض أجندته على الطرف الضعيف؛ فلا مكان هنا للحقوق ولا للدموع والعواطف؛ بل فقط للقوة ولا شيء غيرها.
عندما تغيرت معادلة القوى قليلا في جنوب لبنان وقطاع غزة؛ اضطر قادة الاحتلال للانسحاب صاغرين ذليلين؛ لان القوة وقتها لدى الجانب المقاوم أصبحت فوق قدرة تحمل دولة الاحتلال؛ ولذلك انصاعوا وانسحبوا من جنوب لبنان وقطاع غزة؛ وان كان قطاع غزة ليس بالانسحاب الكامل.
سيبقى المستوطنون يعبثون بالضفة الغربية متى شاءوا وكيفما أرادوا؛ كونهم لا يجدون ما يخسرونه؛ فاستيطانهم واحتلالهم هو ارخص احتلال في العالم؛ ويكاد يكون مجاني، اللهم إلا من عمليات فردية هنا وهناك لا تصل لمرحلة مقاومة فعالة.
خلاصة القول أن الأيام دول؛ فمن كان يصدق أن قطاعا محاصرا صغيرا يصمد طيلة 51 يوما من القتل والإجرام، ويأسر جنودا ويقتل نخبة جيش الاحتلال وينتصر بقوة الله؟! وغدا كما فكك الاحتلال وهدم مستوطنات غزة بيديه؛ سيهدم "نتنياهو" بيديه مستوطنات الضفة؛ (ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا).