الرئيسية / مقالات
هل تمتنع امريكا عن الفيتو؟ سامر عنبتاوي
تاريخ النشر: الجمعة 12/12/2014 03:07
هل تمتنع امريكا عن الفيتو؟ سامر عنبتاوي
هل تمتنع امريكا عن الفيتو؟ سامر عنبتاوي

     استدعاء وزير الخارجية الامريكية جون كيري لرئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو للقاء تشاوري حول التوجه الفلسطيني لمجلس الامن يؤشر الى حجم الحرج الامريكي من حالة ضيق المجتمع الدولي نتيجة سياسة دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني من جهة و عدم القدرة على تحمل اي انتقادات او توجهات ضد سياستها  حول ما تدعيه ب ( مقاومة الارهاب ) في المنطقة من جهة اخرى ...و لذلك سارع كيري الى استدعاء نتنياهو على وجه السرعة لتنسيق المواقف و ربما الضغط  لتليين شكلي للموقف الاسرائيلي يرفع الحرج عن الادارة الامريكية .

  
   تجد الادارة الامريكية نفسها امام ثلاث احتمالات فيما يتعلق بالموقف المتصاعد في الارض الفلسطينية و هذه االاحتمالات تبين بعض الخلاف في الاولويات مابين دولة الاحتلال و هذه الادارة ...فالامريكان و في تعاملهم مع الامر يعتمدون في المحور الاول استعمال سياسة العصا و الجزرة مع القيادة الفلسطينية باسلوب التهديد و الترغيب ...تهديد بالعقوبات و ترغيب بالخداع بمفاوضات ( جدية) ووقف شكلي للاستيطان و يهدف هذا التوجه الى ثني الفلسطينيين عن التوجه للمحافل الدولية متذرعين بالانتخابات الاسرائيلية من ناحية و الملفات الاقليمية الساخنة من ناحية اخرى..و لكن هذا التوجه يحتاج الى تعاون اسرائيلي يتطلب من نتنياهو حني رأسه للرياح و تليين الموقف الاسرائيلي و تخفيف السياسة الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين ...و هذا ما لم يفعله او يتجاوب معه نتنياهو حتى الآن ...اما المحور الثاني فيتمثل في وضع العصي في دواليب التوجه الفلسطيني من خلال التأثير في الامور المحيطة و الضغط على الدول الاعضاء و حرمان الفلسطينيين من تحقيق تأييد تسعة دول في مجلس الأمن و بذلك تعفي الولايات المتحدة نفسها من الحرج و مواجهة التوجه الدولي و تحمي نفسها من استعمال الفيتو ..و هذا الامر يتطلب ايضا تعاون اسرائيلي في (تلطيف) صورة (اسرائيل) امام المجتمع الدولي خاصة بعد تدهور هذه الصورة بسبب الحرب الدموية على قطاع غزة و الممارسات الاسرائيلية اليومية بحق الفلسطينيين في الضفة من قتل و تدمير و تهويد و مصادرات .
 
   اما في المحور الثالث و الذي يتمثل في تسليم الادارة الامريكية بالعجز عن الضغط على القيادة الفلسطينية و ثنيها عن التوجه لمجلس الامن و الوصول الى لحظة الحسم باستعمال الفيتو و ما يحمله من تأثيرات على السياسة الامريكية و التي تشعر انها في غنى عنها الامر الذي يجعلها تواجه و تخسر الارادة الدولية المتنامية في دعم الموقف الفلسطيني ...او ان تتخذ قرارا بالامتناع عن التصويت مما يضعها في ازمة علاقة مع دولة الاحتلال و تسهيل تمرير المشروع الفلسطيني بتأكيد الدولة الفلسطينية و وضع سقف زمني للاحتلال الامر الذي تعي الولايات المتحدة جيدا موقف الاحتلال الذي سيرفض و يقاوم تطبيقه بكل قوة ...كما ان الامريكان يعون جيدا ان القادم في الانتخابات الاسرائيلية هو جنوح اكبر نحو اليمين و تشكيل حكومة متطرفة جدا ستقوم بتمرير المشاريع العنصرية الثلاث المتعلقة بتهويد الضفة و تقسيم الاقصى و الضغط على عرب الداخل .
 
    لهذه الاسباب و المخاوف و بعد تصعيد الموقف في الاراضي الفلسطينية بعد استشهاد المناضل زياد ابو عين و تهديد السلطة بوقف التنسيق الامني و زيادة الضغط الشعبي و الفصائلي على السلطة للتوجه الى كافة المحافل الدولية ..لكل ذلك استدعى كيري نتنياهو للقاء في القريب العاجل ..فماذا سيبحثان و على ماذا سيتفقان ؟؟ واهما من يعتقد بتصدع العلاقة العضوية بين دولة الاحتلال و الادارة الامريكية حتى لو كان هناك بعض الخلافات في تناول الامور و التعامل معها و لكن الثوابت في هذه العلاقة هي ( حماية امن اسرائيل) و رفض انجاز استقلال حقيقي للشعب الفلسطيني و ابقاء قوة الردع الاسرائيلية و التعاون العسكري بينهما و الذي تعزز اخيرا بالاعلان عن مضاعفة المخزون الاستراتيجي للاسلحة الامريكية لدى دولة الاحتلال لعدة اضعاف مع السماح باستعمال هذا المخزون في الحروب القادمة ..و من ثوابت العلاقة ايضا تحجيم و محاصرة التوجه الدولي من قبل الفلسطينيين و محاربة التعاطف الدولي معهم ....وقد تختلف الاولويات في الملفات الساخنة في المنطقة حيال الملف النووي الايراني و اسلوب التعامل مع ما يحصل في سوريا و العراق و باقي دول المنطقة غير ان الثابت هو ان تصب كافة المتغيرات في المصالح الامريكية الاسرائيلية و الاستفادة التامة مما يحصل لفرض واقع جديد على المنطقة تخدم امريكا من خلاله مصالحها و تحقق دولة الاحتلال اهدافها ...فكيف يمكن خلال كل هذا الاعتقاد بتصدع العلاقة او تضارب المصالح .
 
   ان اللقاء الامريكي الاسرائيلي سيتمحور حول الانحناء قليلا للعاصفة و تنسيق المواقف لمواجهة التوجه الفلسطيني و استعمال كافة الوسائل ..و باعتقادي ستمارس الادارة الامريكية بعض الضغوطات لبعض التغييرات الشكلية في السياسة الاسرائيلية الامر الذي يتطلب من الفلسطينيين الاصرار على الموقف بانهاء و ليس وقف التنسيق الامني و التوجه لكافة المحافل الدولية دون ابطاء او تردد و تعزيز التوجه للعالم بلغة واحدة و حشد اكبر دعم دولي للتوجه الفلسطيني ..و لدينا من المواد و الملفات الكبيرة التي تكشف و تعري الموقف الاسرائيلي ابتداء بجرائم الحرب في غزة مرورا بالجرائم ضد انسانية و كافة الانتهاكات في الضفة من حرق ابو خضير و قتل الاطفال و الاعتداء على المقدسات و الممتلكات و انتهاكات حقوق الانسان و مصادرة الاراضي و الحرق و التدمير و التمييز العنصري ...و القتل الممنهج و الاغتيال المباشر و التي كان آخرها اغتيال الشهيد زياد ابو عين و هو يزرع الزيتون في الاراضي المهددة بالمصادرة .
 
   لنتوجه للمحاكم الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال و لنتوجه لمجلس الامن و نطالب بانهاء الاحتلال و لنضع الولايات المتحدة امام استحقاق اما مواجهة العالم بالفيتو او الانصياع للارادة الدولية باعطاء الشعب الفلسطيني حقه بتقرير المصير و انهاء الاحتلال الاخير في العالم .
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017