من دون أدنى شك، بدأ العالم يدرك ويستشعر نضال الشعب الفلسطيني المستمر في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي المدمر في غزة وتهويد القدس وسنّ القوانين العنصرية، ومحاولة سد الأفق أمام عودة اللاجئين، وسرقة ما تبقى من أراضٍ بالضفة.
على الرغم من أهمية هذه الاعترافات هنا وهناك، فإنه يجب على المجتمع الدولي، وبالأخص الاتحاد الأوروبي، ألا يكتفي بذلك فرحاً بالاعتراف، لسبب بسيط، وهو أن الاحتلال الإسرائيلي مستمر في سرقة الأرض الفلسطينية بشكل متزايد، والدول الأوروبية تعلن دولة لم تبقَ منها أرض.
اعتمدت إسرائيل على عدم تنفيذ الاتفاقات السابقة وقتل أي مفاوضات ومبادرات عالمية وعربية لإنهاء الاحتلال، من أجل فرض معالم جديدة على الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، من خلال المستوطنات والطرق الالتفافية التي جزأت الضفة الغربية وحرمتها من تواصلها الجغرافي الحقيقي، تهويد القدس وتحطيم صورتها العربية الإسلامية المسيحية وبناء صورة جديدة للمحتل معتمدا على الرواية الصهيونية، ومن خلال عزل المدن الفلسطينية وجعلها كسجون متلاصقة «كنتونات» أو «كالجبنة السويسرية»، ثم إحاطتها بجدار أكبر من جدار برلين، ما جعل المواطن الفلسطيني يسأل ذاته، أي دولة التي يتم الاعتراف بها؟!
على الرغم من أن هذه الاعترافات رمزية، ولا تلزم الحكومات في تلك الدول بالعمل بها، وانتقاصها لحقوق الفلسطينيين، فإن علينا – كفلسطينيين وعرب – الاستناد إلى ذلك بخلق انتفاضة دبلوماسية ضاغطة لتغيير سياسات الحكومات الغربية الداعمة للكيان الكولونيالي، بأن تقوم بفرض عقوبات مختلفة، حتى تلتزم بقرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال.
الاتحاد الأوروبي يدرك أن بديل حل الدولتين، هو حل الدولة الواحدة، الذي ترفضه إسرائيل وترفضه أوروبا.
علينا الحذر والنظر بعين يقظة على المبادرات التي بدأت تظهر لنا، وخصوصاً من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، المتلخصة في: «تمديد للمفاوضات مرتبط ذلك بشكل مباشر بالفترة المتبقية للرئيس الأميركي باراك أوباما في منصبه، لا تنص على إنهاء الاحتلال، لكن إنهاء المفاوضات فقط، لا ترسم حدود للدولة الفلسطينية وتترك ذلك للتفاهم بين الطرفين، عدم الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، مثلما اتفق العرب عليه من خلال الخطة العربية التي سيتقدم بها الأردن لمجلس الأمن خلال الفترة المقبلة، جميع المبادرات تنص أن «إسرائيل هي الوطن القومي للشعب اليهودي».
الدبلوماسية الفلسطينية والعربية عليها أن تستنهض ذاتها بعد هذه السلسلة من الاعترافات، وألا نفرح كثيراً وننسى أن الأرض مازلت تسرق بشكل أسرع، فقيام الدول لا يكون بالاعترافات الشكلية والرمزية.. شكراً لكل مَن اعترف بنا كدولة، لكن دولتنا تسرق أمام أعينكم، وأنتم مازلتم تكافئون السارق، بإعطاء المسروق مهدئات مختلفة، حتى نكون دولة قابلة للحياة.