خالد معالي
رئيس وزراء دولة الاحتلال"نتنياهو"؛ بات في وضع لا يحسد عليه؛ فالخسائر تتوالى، والضربات المتتالية من كل حدب وصوب؛ تكاد تفقده صوابه؛ فهو ومن معه ظنوا للوهلة الأولى أن لن يقدر عليهم أحد .
فمن رفع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من قوائم الإرهاب من قبل الاتحاد الأوروبي؛ إلى استطلاعات الرأي التي تفيد بتراجع شعبيته؛ إلى القرار الفلسطيني المقدم لمجلس الأمن؛ إلى اشتداد وتضييق حلقة المجتمع الدولي على عنقه؛ وكل ذلك وغيره؛ بخطيئة قصف وقتل أطفال غزة بالمئات في الحرب العدوانية الأخيرة؛ حرب العصف المأكول؛ وثمرة صمود بضعة مئات من الرجال الأشداء؛ الذي يعد الواحد منهم بألف جندي؛ بهروا العالم أجمع بأدائهم المقاوم للعدوان على غزة.
"نتنياهو" أيضا خسر قوة ردعه وهيبته؛ فقد حذر من إطلاق صواريخ من غزة؛ بعد وقت قصير من تهديد وزير جيشه، موشيه يعالون؛ والنتيجة أنه لم يرتجف احد في غزة ولم يلتفتوا لتهديداته؛ فالغريق لا يخشى البلل؛ كما قالت العرب قديما.
خسر "نتنياهو" أيضا أمنه ولو بشكل أقل؛ فهو قال تعقيبا على إطلاق الصواريخ من غزة:" "أمن إسرائيل يأتي قبل كل شيء آخر ولن أمر مرور الكرام حتى على إطلاق صاروخ واحد على أراضينا"؛ ولكن النتيجة هي أن المقاومة تتحضر وتتجهز لصد اعتداءات جيش الاحتلال وما عمليات إطلاق الصورايخ في البحر إلا دليل على ذلك؛ وأمن الاحتلال لا يتحقق على حساب أمن الآخرين، ومواصلة آخر احتلال في العالم.
مشكلة "نتنياهو" وكل الطغاة عبر التاريخ؛ أنهم لا يعتبرون من دروس التاريخ؛ ويريدون أن يناطحوا السحاب، ويحاربوا الله خالق الكون ومنظمة؛ عبر سنن كونية لا يزيغ عنها إلا هالك أو ضال؛ وهو ما كان سابقا وسيكون مع "نتنياهو" عاجلا أم آجلا.
لو اعتبر "نتنياهو" من كافة قوى الاستعمار والاحتلال عبر التاريخ؛ لما أصر على مواصلة احتلال شعب يعد 12 مليون إنسان فلسطيني؛ شتتهم في منافي الأرض؛ ويصادر أراضيهم، ويقتل ويسجن أبنائهم، ويذلهم على الحواجز ويهود مقدساتهم....
يستطيع "نتنياهو" أن يشن حملة تشويه ويطعن في الحق الفلسطيني بالتحرر وإقامة دولته المستقلة كبقية شعوب الأرض؛ ولكنه لن يستطيع أن يضمن النجاح والانتصار في معركته؛ كون ما كان يحصل ويصح سابقا؛ ما عاد يصح حاليا.
ما يحشر "نتنياهو" أكثر وأكثر في الزاوية؛ هو ممارساته العدوانية التي يزين له إنها حق ودفاع عن النفس؛ فكل العالم يرى كل يوم صور قتل واستشهاد مواطنين فلسطينيين على يد جنود الاحتلال؛ ويشاهد تدنيس المسجد الأقصى، وشاهد قبل أشهر مقتل مئات الأطفال والنساء في غزة بالصوت والصورة وبالبث الحي المباشر في حرب العصف المأكول.
لو يتعظ "نتنياهو" من طرد جيشه وكنسه من جنوب لبنان؛ وكنسه من غزة ولو بشكل أقل؛ لما واصل عدوانه على الشعب الفلسطيني؛ ولكنه دائما تأخذه العزة بالإثم كعادة الطغاة، ولا يعتبر إلا بعد فوات الأوان.
لن يطول الوقت حتى يطرد الاحتلال من بقية مناطق فلسطين المحتلة؛ وهذا قول مفكرين في دولة الاحتلال؛ فهل سمع أحد عبر التاريخ أن احتلالا خلد ولم يرحل؟! وهل سمع احد يوما ما أن شعبا قبل بمحتليه، ورضي بهم وتعايش معهم؟!
في المحصلة؛ سيرحل الاحتلال، وسيعود المحتلين كل إلى موطنه الأصلي الذي أتى منه؛ وقد يحاكم بعض قادة الاحتلال كمجرمي حرب؛ ولكن حتى يأتي ذلك اليوم يجب أن يتم تقييم المرحلة السابقة من قبل الأحرار والشرفاء وأخذ العبر والدروس منها؛ والاستعداد التام بشكل علمي واع بعيدا عن الارتجالية؛ عبر برنامج وطني مقاوم مشترك؛ وحشد كل الطاقات خلفه، وعدم هدرها في مناكفات وفبركات؛ وعدم وضع كل البيضات في سلة المجتمع الدولي والأمم المتحدة؛ فهل يا ترى سيصل صوتنا هذه المرة ويعمل به! نأمل ذلك.