أولى تلك العبر الفلسطينية التي تمخضت عنه أحداث عام 2014 ؛ هي أن باستطاعة قلقة قليلة مؤمنة ولديها الجاهزية والقدرة المتميزة؛ هزيمة الكثرة من الجنود والعتاد المتطور؛ في حالة الاستعداد الجيد ضمن المقاييس العلمية والعقائدية لتحقيق صور من الانتصار المشرف الباهر؛ وهو ما تجلى في قدرة بضعة عشرات ومئات من المقاومة في غزة على التصدي لخامس قوة في العالم طيلة 51 يوما دون رفع ولو راية بيضاء واحدة، وتحقيق جملة من الانجازات ما زالت تتوالى ثمارها الطيبة؛ وما زال الاستعداد للجولة القادمة في أوجه.
ثاني عبر الأحداث ما جرى على المستوى الداخلي الفلسطيني؛ فقد تبين أن لا انتصار ولا انجاز حازم وقوي يعطي ثماره الطيبة كاملة؛ دون توحد الكل الفلسطيني في بوتقة مواجهة اعتداءات الاحتلال؛ فيد واحدة لا تصفق؛ و"نتنياهو" الماكر والمتغطرس المتجبر أجاد اللعب بامتياز على حالة التشرذم الفلسطينية الفلسطينية؛ ولسان حاله يقول:" ابقوا منقسمين هكذا حتى انهي مخططاتي وانهي عليكم جميعا لاحقا".
ثالت العبر؛ هو أن ما حك جلدك مثل ظفرك؛ والتعويل على الخارج في النهوض والتحرر هو أمر ميئوس منه وليس ذي طائل؛ فالعالم لا يحترم الضعيف حتى لو كان صاحب حق بائن وواضح لا لبس فيه كالقضية الفلسطينية؛ فالضعيف له الدموع والدعوات وكسرة خبز؛ بينما القوي له الاحترام والتقدير والكلمة العليا.
رابع العبر؛ هو أن المجتمع الدولي يحترم القوي وصاحب الأخلاق؛ الذي اثبت نفسه في الميدان ولم يقتل طفلا أو امرأة؛ بعكس نتنياهو" الذي قتل مئات الأطفال والنساء في حرب العصف المأكول؛ ولذلك سارع الاتحاد الأوروبي لرفع حماس من قائمة الإرهاب بعد أن رأى تأثيرها وقوتها في التصدي للحرب العدوانية الأخيرة على غزة؛ ولم يقتنع بتصريحات "نتنياهو" التي قال فيها أن حماس مثل داعش، ولا بمن قال بقول "نتنياهو".
خامس العبر؛ أن من يحلم أن الجيوش العربية ستأتي زحفا لتحرير القدس فهو واهم؛ فمن قدر على تحرير جنوب لبنان وكنس المحتل؛ ومن قدر على طرد الاحتلال من غزة وإجباره على هدم 18 مستوطنة قال عنها "شارون " يوما أنها مثل تل الربيع " تل ابيب"؛ هو فقط من يقدر على تحرير القدس.
سادس العبر؛ ثبت خطا وضع البيضات كلها في سلة واحدة؛ فمن لا يحفظ خط الرجعة، ولا يحتفظ بأوراق قوة يستخدمها وقت الضيق؛ لن يأتي آخر لينقذه ويضعه على السكة الصحيحة من جديد، ولا مجال للزمن أن يرجع للخلف؛ والفرص قد لا تتكرر.
سابع العبر؛ والعبر كثيرة جدا ولا تنضب؛ هو أن عمر دولة الاحتلال في مراحله النهائية؛ فمن كان يصدق أن الفلسطيني الذي صوره إعلام الاحتلال انه ذليل يفتش على الحواجز تفتيش عاري، ويهان ويذل؛ يتحول - بقدرة قادر- إلى فلسطيني مقاوم يفجر دبابة الاحتلال من مسافة صفر في عملية "زيكيم" ويخطف الضابط "شاؤول" من داخل دباباته؛ ويقتحم معسكراته المحصنة؛ ويقصف كافة مدن ومعسكرات الاحتلال؛ هذا هو دليلنا على قرب انتهاء دولة الاحتلال لوجود مثل هؤلاء الأبطال العقائديين؛ الذين يعتبرون ويحرصون على الشهادة كاسمي أمنية لهم في الحياة الدنيا الزائلة؛ التي لا تساوي جناح بعوضة عند خالق مقتدر.