memantin iskustva oogvitaminer.site memantin wikipedia"> memantin iskustva oogvitaminer.site memantin wikipedia">
في إحدى عروضه القديمة الساخرة، يقدم الفنان الافرو- امريكي كريس روك ما يسميه “شريطا تعليمياً” يتضمن نصائح لمواطنيه من الافرو- امريكيين حول التعامل مع الشرطة قائمة على استخدام “الحس السليم” ونصيحته الذهبية هنا هي: “اطيعوا القانون”.
نقد بعض سلوكيات الشبان الأفارقة الامريكيين هو مما اعتاد عليه كريس روك منذ بداياته الاولى والتي يجسدها عرضه القديم “السود بمواجهة الزنوج” الذي قدمه عام 1996. لكن سخرية روك وعقود طويلة من النقاش في الولايات المتحدة، لم تهز قناعة راسخة لدى الأفارقة الامريكيين بأنهم مستهدفون من قبل الشرطة ومشتبهين جاهزين بسبب لونهم فحسب. هذه القناعة التي غدت احدى حقائق الحياة اليومية في امريكا، لم تأت من فراغ، بل لها جذور في تاريخ معروف مازال حيا لربما حتى اليوم.
لقد تزامنت الاحتجاجات المتواصلة ضد عنف الشرطة في بعض المدن الامريكية مع النقاش الذي اطلقه تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الذي اتهم وكالة “سي اي ايه” بالكذب بشأن تعذيب بعض المشتبهين بالانتماء للقاعدة. قد يقدم هذا سياقاً اكبر للنقاش حول الاحتجاجات سيقودنا حتماً الى “غوانتانامو” بل والى سجن “أبوغريب” في العراق.
هكذا، فإن النقاش حول عنف الشرطة ضد السود في الولايات المتحدة يفتح سياقاً أوسع للعنف يسميه البعض “الوجه الآخر لأمريكا”. بالتأكيد “لا توجد أمة كاملة” مثلما قال الرئيس باراك اوباما محقاً (ربما للمرة الأولى) في تعليقه على تقرير مجلس الشيوخ حول “السي آي أيه”. لقد اضاف اوباما ايضا “إن احد أهم عناصر القوة التي تجعل امريكا استثنائية هو استعدادنا لمواجهة ماضينا علناً ومواجهة عيوبنا واجراء التغيير للأفضل”. لكن هذا السياق الاوسع للعنف يطرح تساؤلاً يكسب الحاحا متزايداً هو ما اذا كان هذا “الجانب الآخر لأمريكا” يعمل على تآكل التقاليد الليبرالية في امريكا ولو بالتدريج.
هناك فصول مماثلة في التاريخ الامريكي: اضطهاد المهاجرين الايطاليين في العشرينات والذي بلغ ذروته مع إعدام كل من نيكولو ساكو وبارثلوميو فانزيتي. موجة كراهية لليهود في الخمسينات وصولاً الى “المكارثية”، واحدة من أسوأ فصول التاريخ الامريكي الحديث التي امتدت منذ مطلع الخمسينات حتى منتصف السبعينات من القرن الماضي.
لكن الذاكرة الجماعية للأفارقة الامريكيين مثقلة اكثر من غيرهم، فمن عهد العبودية وصولا الى قوانين الفصل العرقي وسنوات النضال من اجل الحقوق المدنية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. لقد اصبح هذا تاريخاً مع حقائق اخرى تنطوي على رمزية عالية بوجود رئيس أسود في البيت الابيض وصناع قرار من مستوى عال مثل مستشارة الأمن القومي السابقة كوندليزا رايس ورئيس هيئة اركان ووزير خارجية سابق هو كولن باول وآلاف غيرهم في مواقع شتى. رغم هذا، فان “اضطهاد الشرطة” يبدو بالنسبة للسود حقيقة غير قابلة للنقاش من حقائق الحياة اليومية في امريكا.
ما هو القاسم المشترك في كل تلك الفصول السابقة؟ ما هو الوصف الاكثر بلاغة للإضطهاد او الشعور بالاضطهاد؟ انه “الإذلال”.
إذا كانت روايات المحتجين ورواية الشرطة حول حوادث اطلاق النار على الشبان السود ستبقى موضع جدل لسنوات قادمة، فإن فصل “أبوغريب” سيظل غير قابل للنقاش او الجدل. فمهما كانت البلاغة في وصف ما جرى في “ابوغريب” ومهما كانت التفاصيل مثيرة للاشمئزاز، سيظل العالم ينظر الى فصل ابوغريب على انه “إذلال متعمد”.
في تحقيقه الاستقصائي عن “ابوغريب”، نقل الصحافي الامريكي المخضرم سيمور هيرش (نيويوركر 10 مايو 2004)، عن محامي الجنود الستة الذين مثلوا امام محكمة عسكرية امريكية قوله “هل تعتقد حقا ان الجيش سيقيل ضابطاً برتبة جنرال بسبب ستة جنود؟ لا مجال لذلك”.
لكن “أبوغريب” لم يكن تصرفا معزولاً او طائشا لستة جنود فقط، بل إنه جزء من الاحتلال الامريكي للعراق. وضمن هذا السياق فقط، سنكتشف ان ما جرى في “أبوغريب” يختزل الفشل الاكبر للاحتلال نفسه: “الامريكيون لم يكسبوا العراقيين بل صنعوا المزيد من الاعداء”. لقد اثبت فصل “ابوغريب” ان الامريكيين تعلموا فناً يكاد يكون حكراً على هذه المنطقة وتحديداً لدى النظام الذي أسقطوه: “فن صناعة الاعداء”.
المؤسف ان التاريخ لم يقدم لنا اي مثال يقترح ان التغيير يمكن ان يتم في امريكا او في اي مكان آخر، بشكل طوعي وسلس والأهم دون كلفة من الضحايا البشرية. فالتمييز العرقي ضد السود في امريكا قاد الى اكبر حركة احتجاجات للمطالبة بالحقوق المدنية بقيادة الدكتور مارتن لوثر كينج. لقد كانت تلك حركة مدنية خالصة لكن العناد بمواجهتها استمر، وعندما اغتيل الدكتور كينج في 1964، فإن جزءاً من جمهور الحركة اتجه نحو خيارات راديكالية مع ظهور تنظيمات مثل “الفهود السود” و”جيش التحرير السمبيوني”. لقد دفع هذا امريكا للغرق في التطرف مع موجة من العنف التي اجتاحت البلاد حتى نهاية عقد السبعينات تقريباً.
الامر ليس مختلفا في العراق، فعلى الرغم من حياة سياسية جديدة وذهاب متكرر لصناديق الاقتراع، فلقد تركت السياسات الامريكية في صنع الأعداء ورائها “بيضة أفعى” فقست في ظل الاحتلال يطلق عليها بشكل أكاديمي ملطف “التطرف”، أما في أسوأ تمثلاتها فتسمى “داعش”.
إن الاحتلال قد لا يشكل حافزاً كافياً يدفع أي شخص لحمل السلاح اللهم لأولئك المدفوعين بمشاعر وطنية جياشة وهم قلة على أية حال، لكن “الإذلال” من شأنه ان يفعل ذلك بشكل تلقائي ودون تردد. هكذا جرى الأمر مع تمرد العشائر السنية التي لم تفعل سياسات الحكومات العراقية المتعاقبة سوى تقديم المزيد من المبررات لها. فتلك الحكومات المتعاقبة لم تفعل سوى ان أثبتت تمرسها في فن “صناعة الاعداء”.