بقلم : ساجدة ابو حمدان
صوت المآذن تصرخ الله أكبر، صوت قرءآن يخرج من سمآعة المسجد، حركة غريبة، اشخاص وسيارات يأتون ويذهبون، كأنه يوم عيد، كل النساء في البلدة يهرعن الي بيت أُمك يا إمام يواسينها ويهنئنها، فإبنها سيزف اليوم على الأكتاف عريساً .
دقت السآعة الثآمنة، أهالي القرية ذهبوا ليستقبلوك من مستشفى رفيديا، يحملونك، لتودع أمك وجدتك التي حضنتها قبل أن تخرج الأمس الودآع الأخير، كل أصدقائك ومعلميك وكل من يعرفك ومن لآ يعرفك، جآءوا يستقبلوك .
مقعدٌ في المدرسة في صفك، الحادي عشر ثانوي، سيبقى فارغاً وسيكتبون عليه، الشهيد إمام السفير، لتبقى حاضراً وإن غبت بجسدهم عنك، ستخرج شهآدتك للفصل الأول، لآ تخف سيستلمها رفيق دربك أيسر، فأنتما جسدين في روحٍ واحدة، كل الطلاب والمعلمين ومدير مدرستك، لن ينسونك مهما طآل بهم الزمن، وكلهم على أمل ان يلتقو بك في جنآت النعيم .
كالملآك أنت، نور يشع في السمآء، أنرت بلدتك، بنور دمآئك الطآهرة، آلآف الناس يتقدمون لينظرون اليك، ليلقون عليك نظرآت الودآع، أصوات السمآعات تهتف "بالروح بالدم نفديك يا إمام "، "يآ إمآم ارتاح ارتاح واحنا نواصل الكفآح "، " عالقدس رآيحين شهدآء بالملآيين ".
كنت قد تمنيت يوماً أن يوضع النشيد الوطني الفلسطيني في أثناء جنآزتك إذا استشهدت، وأهالي بلدتك حققوا لك مآ تتمنى، فانتظمت فرق الكشافة أمام جنآزتك المهيبة، وعلى صوت ترانيم النشيد الوطني زفوك، هذا شيءٌ لم يحصل لأي شهيد في بلدي سوآك .
وحُملت الى أُمك وإلى بيتك، أتوا بك وهم يهتفون"ألف تحيه لإمه، هيوه الشهيد بدمو"، علا صوت البكآء ،حضرت على غير عآدتك ، حضرت بهيئة لم تكن عليها أي يوم، حضرت محمولاً على أكتاف من يحبونك، أما أمك تلك الصآبرة الهادئة، تلك التي يتحدث عن ثباتها كل نساء بلدتك، تبكي ثم تلملم دموعها وتحضن ابنتها، وعندما حضرت لم تدآفع أحدا لترآك وكأنها تنتطر منك أن تحضر أنت لتسلم عليها وتودعها.
ومن هنآك حيث مثوآك الأخير، حين ودعت كل من أحبوك، ودعت آبآك وإخوتك، ورفيق عمرك أيسر الذي لم تتوقف دموعه عن النزول، فهو لم يتوقع أن يفارقك بسرعة، هآ هي أخر لحظاتك في هذه الدنيا قد انتهت، سلامٌ عليك وسلامٌ على شهداء هذا الوطن الغالي .