نابلس/من زينب الخاروف
تظهر الاحصاءات الحديثة ان السنوات الاخيرة شهدت زيادة نسبة العنوسة في الوطن العربي عموما والمجتمع الفلسطيني على وجه الخصوص، ايضا ناهيك عن كونها مشكلة عالمية.
ومع اقرار المهتمين ان سبب العنوسة وعزوف الشباب على الزواج لا يعود لعدم وجود فتاة مناسبة للزواج بل لغلاء المهور وعدم وجود فرص عمل لكسب المال من اجل الزواج، حيث اصبح الشباب و الفتيات يلجئون الى طرق غير مشروعة لسد الغريزة الجنسية لهم دون علم الاهل بذلك، مما يشكل مشاكل نفسية لدى الجنسين.
وما زالت العادات و التقاليد في الزمن الماضي حاضرة عند بعض العائلات فيجبرون اطفالهم الذين لم يبلغو الخامسة عشرة على الزواج وتحمل المسؤولية رغم عدم بلغوهم السن القانوني للزواج.
الطالبة في المدرسة نور التي لم تبلغ الخامسة عشرة من العمر تم اجبارها من قبل اهلها على الزواج من الشاب محمد البالغ من العمر التاسعة عشر، و هذا كله تحت شعار ( الفتاة خلقت للزواج للعمل بالبيت).
وتقول المواطنة روان:" ما هي فائدة الدراسة و التحصيل الدراسي للفتاة، اذا كانت مع انهائها الدراسة سوف تكبر ولن تعود قادرة على الزواج، فتصبح عانساً لا احد يدق الباب لاجلها".
واشار الباحث يحيى عاصي في بحث مشترك اجراه الطلبة ميسون عمارنة, ومريم فرح, ومي هلال ان نسبة العنوسة بالمجتمع الفلسطيني تبلغ 8% وهي الاقل بين الدول العربية ودول الجوار منوها ان العنوسة تشمل كلا الجنسين وهي حصيلة عدد من المشاكل التربوية الاقتصادية والاجتماعية والتي ترسخت في مجتمعنا.
ويوضح المحلل والكاتب الاجتماعي امجد رامز السائح :" ظاهرة العنوسة والعزوف عن الزواج في العالم، ودول الشرق الإسلامي، وفي مجتمعنا الفلسطيني باتت ظاهرة متزايدة باطراد، وباتت تهدد مجتمعاتنا من الداخل، وذلك يعني تأخراً في بناء المجتمع، أو توقفاً عن البناء فيه، وبالتالي انهياره، وإن كان في قمة الرخاء الاقتصادي والاجتماعي".
ويضيف:" أن مصطلح العنوسة يطلق على الإناث فقط من دون الرجال، والصحيح أنه يطلق على الجنسين، ولكن المتعارف عليه مؤخراً هو إطلاق اللفظ على النساء في الأغلب".
ويشير إلى أن المجتمعات البدوية، وأهالي القرى تعتبر العانس هي كل فتاة تجاوز عمرها العشرين ،أما المجتمعات المدنية حددت الثلاثين.
وفيما يخص أسباب هذه الظاهرة يقول السائح:" إن للعنوسة أسباب كثيرة منها: الحصار وغلاء الأسعار، والبطالة وخاصة الناتجة عن الحصار، والوضع الاقتصادي السيء، وقلة ومحدودية الدخل والوضع الاقتصادي المتردي، والأسباب الثقافية وتطور التكنولوجيا، المغالاة في المهور والتكاليف المصاحبة للزواج، العادات والتقاليد السيئة الموجودة في المجتمعات كلها والتي تمارسها او المتعلقة بمراسم الزفاف، وما ابتدعته من طقوس تكلف مالاً كثيراً مثل (حنة العروس، وسهرة أم العريس وسهرة أم العروس، وحفل الشباب وتعليق الجهاز.)
و علق السائح على الاثار المترتبة على العنوسة:" تُحْدِثُ آثاراً نفسية سيئة على كل أسرة فيها عانس، فيشعر أفرادها بالهم، حيث الخوف من نظرات الناس وتفسيرها بغير معناها لهم ولبناتهم، مما يؤثر بصورة سلبية على العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع. خطورتها بالنسبة للمجتمع: يؤدي انتشارها لأخطار شديدة على المجتمعات، فيحدث التفكك والتحلل في المجتمع، وتنتشر الضغائن بين أفراده، وتنتشر الرذائل والانحرافات، التي تندفع إليها بعض الفتيات".
بالرغم من عدم وجود فرق بين عنوسة الرجل وعنوسة المرأة، وهي تُطلَق لغوياً على الجنسين لكن نظرة مجتمعاتنا إلى عنوسة الرجل والمرأة مختلفة جداً، والرجل، مادام يملك المال تحديداً، يبقى بوسعه اجتياز مرحلة العنوسة في أية لحظة، من خلال اختياره لأية عروس، حسب المواصفات. ظاهرة العنوسة في الوطن العربي
و في ختام المقابلة اوضح السائح ان المسؤولية تقع على عاتق الجميع والمجتمع بكافة شرائحه ابتداءً بالدولة في توفير فرص عمل للشباب ليستطيعوا تأمين الحياة الزوجية وكذلك منظمات المجتمع المدني يجب ان تقوم بالتوعية من خلال إقامة الملتقيات الأسرية ويكون هدفها دعم الشباب وان يضعوا الحلول من خلال التوعية في مختلف المجالات فلابد ان يتكافل الجميع لإيجاد الحلول المناسبة.