mildin og amning mildin creme mildin virker ikke">
يواجه قطاع غزة نقصًا حادًا في كميات غاز الطهي في تفاقم للأزمة المتكررة منذ عامين من دون حل رغم الوعود الكثيرة، والإجراءات المختلفة للتقليل منها.
ومنذ تخصيص الاحتلال الإسرائيلي معبر "كرم أبو سالم" كممر تجاري وحيد للقطاع مطلع يناير 2012، والقطاع يعاني نقصًا كبيرًا في كميات غاز الطهي الموردة إليه والمخصصة للمنازل كونها لا تكفي لتغطية احتياجات السكان.
ويقول مسئولون إن تفاقم الأزمة جاء منذ توجه الكثير من سائقي السيارات التي تعمل على البنزين لتشغيلها باستخدام الغاز وذلك بعد إغلاق الجيش المصري الأنفاق بين قطاع غزة ومصر صيف العام 2013.
وكان يتم الاعتماد على الأنفاق في توريد مشتقات الوقود المصري بأسعار زهيدة بالمقارنة مع الوقود المورد من الكيان الإسرائيلي.
ويقول موزعون إن اسطوانة الغاز زنة (12 كيلو غاز) تكفي الأسرة المكونة من 5 أفراد مدة 45 يوما، بينما لا تكفي نفس الزنة لتشغيل سيارة الأجرة سوى ليوم واحد فقط.
وأدى الطلب الكبير واحتياج قطاع غزة لنحو 300 طن يوميًا من الغاز للمنازل فقط، بينما لا يورد للقطاع حاليًا سوى 200 إلى 240 طنا في 5 أيام من الأسبوع إلى بيعه في السوق السوداء بأسعار مرتفعة بهدف الربح.
استغلال
ويشتكى المواطن زياد حسن الذي يقطن منطقة الصبرة جنوب مدينة غزة، من نفاد اسطوانة الغاز لديه منذ مدة أسبوعين دون تمكنه من تعبئتها لدى الموزع في منطقة سكنه.
ويظهر الضيق والغضب على حسن بينما ظل يتردد أكثر من مرة على الموزع الذي يعتبر زبونا لديه، خاصة أن زوجته اضطرت لطهي الطعام باستخدام الكهرباء في الأوقات توفرها النادرة.
إلا أن الموزع كان يتحجج له بعدم وجود أي كمية من الغاز وأن دوره في قائمة الانتظار لم يحن.
ويشير حسن إلى أنه بعد إلحاح شديد منه على الموزع عرض عليه تعبئة اسطوانته من موزع أخر في منطقة بعيدة عن منطقة سكنه مقابل مبلغ (75 شيقل) إسرائيلي علما أن السعر الطبيعي لتعبئة الاسطوانة هو (65 شيقل) إسرائيلي.
وبينما دفعت الحاجة بحسن إلى الموافقة على عرض الموزع، فإنه صدم بنجل الرجل يحمل اسطوانة غاز أخرى من مخزن والده خصصها لسائق سيارة أجرة تعمل على الغاز.
ويعبر عن امتعاضه من أسلوب الموزع معه واحتكاره رغم أنه زبون لديه، لكنه يتردد كثيرا في تقديم شكوى ضده لدى هيئة الهيئة العامة للبترول خشية رفض الموزع مستقبلا تعبئة اسطوانة له !.
ويبدي غالبية سكان غزة كحال حسن امتعاضا شديدا إزاء تشغيل السيارات باستخدام الغاز، وهم يطالبون الجهات المسئولة بالرقابة على عمليات توزيع الغاز لإنهاء الظاهرة التي تترك منازلهم من دون غاز وتوقعهم ضحية للابتزاز المالي.
ضعف الرقابة
يقر العديد من الموزعين بأن أزمة الغاز القائمة سببها استغلال واحتكار بعض أصحاب المحطات والموزعين، وضعف الرقابة الممارسة من الهيئة العامة للبترول على توزيع الكميات التي يتم توريدها.
ويدافع موزعو غاز محليون عن أنفسهم بتوجيه اتهامات بالاستغلال لأصحاب المحطات.
ويقول موزع الغاز حسن هنية الذي يعمل في محافظة غزة ل"صفا"، إن المحطة التي يتعامل معها لا تضخ للموزعين الكمية الحقيقة من الاسطوانات، وتعمد إلى تخفيض نسبة الموزعين لديها إلى نحو 75%.
ويضيف هنية أن المحطة تحرص على تعبئة الاسطوانات الجديدة الفارغة بعد استيرادها من الخارج لبيعها بسعر مرتفع يصل إلى 240 شيقل، أو بيع الغاز ب"طرق ملتوية للسيارات والمحتاجين بأسعار مرتفعة".
كما أنه يرصد حرص أصحاب محطات ضخ الغاز على استقبال زبائن جدد من أصحاب المطاعم والمخابز دون أن يكون لهم أولوية بهدف الربح أكثر، إضافة إلى البيع الفردي للمعارف والأصدقاء.
ويؤثر كل ذلك سلبا على عمل الموزعين أمثال هنية الذي يقول إن مئات الاسطوانات للمواطنين تبقي في مخازنهم لأسابيع طويلة لأنهم لا يحصلون على حصتهم، فيما أنهم في واجهة اتهامات المواطنين ويتم تحميلهم المسؤولية عن التأخير الحاصل.
وكثيرا ما تحدث إشكاليات بين المواطنين والموزعين الذي يواجهون مصاعب بحسب هنية في الانتقال إلى التعامل مع محطة ضخ جديدة لأن ذلك سيعني ضياع حصته في المحطة.
سوق سوداء
إلى ذلك يشتكى موزعو الغاز من تركيز وزارة الاقتصاد والهيئة العامة للبترول جهدها الرقابي على الموزعين بينما يتم تجاهل المحطات التي يتهمونها بالتلاعب والمسؤولية عن بيع الغاز في السوق السوداء.
لكن ذلك لا ينفى تورط موزعين في بيع الغاز في السوق السوداء وبأسعار مرتفعة سواء لسائقي السيارات أو المواطنين المضطرين.
ويقول هنية بهذا الصدد إن ذلك يتم بعلم المحطات !.
من جهته يحتج الموزع سمير جبر الذي يعمل في شمال قطاع غزة، على موافقة الهيئة العامة على عمل موزعين جدد في ظل أزمة النقص الحادة، وتخصيصها كمية من الغاز لهم عن طريق المحطات.
ويؤكد جبر أن هذا أثر بشكل سلبي على الموزعين "حيث حصل هؤلاء -الموزعين الجدد- على نسبة هي جزء من نسبة الموزعين القدامى"، لافتا إلى أنهم توجهوا للهيئة العامة أكثر من مرة "دون أن تحرك ساكنًا".
كما يتهم جبر محطات كبيرة باستغلال الأزمة بهدف الربح وتعبئة اسطوانات الغاز للمطاعم والمخابز، وتوفير الغاز لها بشكل مستمر "وذلك يكون على حساب المواطنين".
ويرى أن "كل الإجراءات التي اتخذتها هيئة البترول بهدف ضبط توزيع الغاز للمواطنين تم التلاعب بها من قبل بعض المحطات وبعض الموزعين"، موضحًا أن ذلك يتم عن طريق تعبئة اسطوانات الغاز وإخراجها ليلا من المحطات بعد مغادرة موظفي الهيئة.
وفي أغلب الأوقات تتراكم مئات الاسطوانات الفارغة في مخزن جبر لأكثر من 40 يوما دون أن يتمكن من تعبئتها، الأمر الذي يعزوه إلى تلاعب المحطة التي يتعامل معها وتفضيلها بيع اسطوانات الغاز لسائقي السيارات.
وأطلقت الشرطة في قطاع غزة بداية ديسمبر الماضي حملة لتوقيف السيارات التي تعمل على الغاز، وإجبار أصحابها على تفكيك الجهاز الخاص بذلك، لكن سرعان ما توقفت وذلك بعد أيام قليل، دون إبداء الأسباب.
أقل تكلفة من البنزين
ورغم أزمة نفاد كميات الغاز المطلوبة لاحتياجات المنازل فإن السائق أحمد حمدونة من غزة يتمكن من تأمين اسطوانة غاز لتشغيل سيارته بشكل يومي من موزع على علاقة مع أحد أقاربه بسعر 75 شيقلاً.
ويقول حمدونة ل"صفا" إنه يقوم وقريبه بتعبئة نحو 15 اسطوانة أسبوعيا من موزع يعمل في خان يونس جنوب قطاع غزة، إذ أن الموزع يضع الأولوية لاسطواناتهم على حساب اسطوانات المواطنين التي تنتظر عنده.
وتظهر مثل هذه الشهادة حجم التلاعب في توزيع الغاز.
غير أن مسئول لجنة الغاز في جمعية شركات محطات البترول في قطاع غزة، ومدير شركة "حمادة للبترول" سمير حمادة، يقلل من حجم هذه الاتهامات.
ويقول حمادة ل"صفا"، إن ما يتبقى من كل عملية ضخ غاز للمحطات لا يتجاوز 50 اسطوانة فقط للمحطة الواحدة.
وهو يعتبر أن على الحكومة زيادة حدة الرقابة على آليات توزيع الغاز كون ذلك من اختصاصها، وأن يبادر كل مواطن أو موزع متضرر لتقديم شكوى رسمية لدى الجهات المختصة لكي تقوم بدورها في معالجة ذلك.
وبحسب حمادة فإن آليات توزيع الغاز تخضع لرقابة ومحاسبة مشتركة من كل من وزارة الاقتصاد، والهيئة العامة للبترول، ومباحث التموين.
أما تأخر تسليم اسطوانات للمواطنين فإن حمادة يحمل الموزعين المسئولية عن ذلك "بحسب قوة الموزع والمحطة الموردة له ".
ويضيف "أن كمية من الغاز تأتي للمحطة يعلم الموزع حصته منها"، لافتا إلى أنه حسب ما تم التوافق عليه لا تخرج أي كمية من المحطة إلا بوجود مراقب من الهيئة العامة للبترول، حيث يقوم الموزع بتسليم كشف بأسماء المستفيدين من حمولته.
وعن نسب الموزعين من المحطات، يوضح حمادة أنه تم تحديد نسبة لكل موزع وذلك "حسب نسبته الطبيعية في المحطة عندما كان الغاز متوفرًا"، مبينا أن هذا متوافق عليه منذ قدوم السلطة الفلسطينية.
وما يركز عليه حمادة هو ضرورة علاج أزمة نقص كميات الغاز التي يتم توريدها إلى قطاع غزة مقارنة مع حجم الاستهلاك.
ويوضح بهذا الصدد أن قطاع غزة يحتاج يوميا إلى 300 طن من الغاز فيما أن ما يتم إدخاله يوميا هو ما بين 200 إلى 240 طن خلال خمسة أيام فقط من الأسبوع وهي الأيام التي يعمل بها معبر كرم أبو سالم.
ويحتاج قطاع غزة حاليًا-بحسب مسؤولين في الهيئة العامة للبترول- إلى 500 طن يوميًا من الغاز لتغطية احتياجات المواطنين وأصحاب السيارات المحوّلة.
خط ثان
وطالب مسئولو توريد الغاز في قطاع غزة مرارا بضرورة تركيب خط ثاني لضخ غاز الطهي في معبر كرم أبو سالم.
ويقول حمادة بهذا الصدد إن على الهيئة العامة للبترول في الضفة الغربية تفعيل مطلب تركيب خط ثاني لضخ الغاز لعلاج الأزمة في قطاع غزة خاصة أن الأمر مطروح منذ سنوات دون أن يترجم على الأرض.
ولا تزيد الطاقة الاستيعابية الحالية لضخ الغاز في معبر كرم أبو سالم يوميا عن 240 طنا.
في المقابل تصل نسبة العجز بكمية الغاز شهريا ما بين 40 إلى 50% من احتياجات قطاع غزة وهو ما يجعل مخزون محطات التعبئة صفر بحسب حمادة.
"سوء توزيع وليس أزمة"
يقر مدير الهيئة العامة للبترول في غزة أحمد الشنطي ل"صفا"، بوجود سوء توزيع للغاز، لكنه يرفض تسمية ذلك بـ"الأزمة حتى لا يقلق المواطنين".
ويقول الشنطي يجب أن يتعاملوا مع ذلك "بحسن إدارة توزيع الكميات"، مستدركا "لكن هناك عدة عوائق أولها عدم بسط حكومة التوافق سيطرتها على غزة، وصرف رواتب الموظفين، وتخفيض المصاريف التشغيلية بشكل كبير".
ويضيف أن هذه العوائق تؤثر على مراقبة المحطات والموزعين بشكل كامل ودقيق، "خاصة أن الرقابة بحاجة إلى تجنيد مئات الموظفين للعمل على مدار الساعة، وتوفير نفقات تشغيلية للموظفين".
وسبق أن أوقفت الهيئة العامة للبترول عدد من موزعي الغاز لإساءتهم العمل وفق الشنطي الذي يقر في الوقت ذاته بأن الجهد الذي يبذل على هذا الصعيد ليس هو الكافي والمطلوب.
ويشير إلى أنه بإمكان شرطة المرور منع السيارات من العمل على الغاز خلال 48 ساعة "لكن هذا سيؤدي لأزمة لدى السائقين الذين يحصلون على رزقهم من هذا العمل".
ويتهم الشنطي موزعين بإساءة استخدام ما يحصلون عليه من اسطوانات بهدف الربح المرتفع، موضحا أنه الرادع لذلك هو "من يأخذ القرار بتوقيف سيارات الغاز".
وعن شكوى الموزعين بعدم حصولهم على نسبتهم من المحطات، يقر الشنطي بأنهم لمسوا ذلك، معلنا أن الهيئة بصدد الرقابة على المحطات "خاصة التي وصلتنا عنها إشكاليات".
كما أعلن أن الهيئة تعمل بداية من الأسبوع الجاري على إجراءات جديدة تقوم على حصر الموزعين ونسبتهم وضمان كمياتهم من المحطة، ورقابة توصيل هذه الكميات من الموزع للمواطن، على أن يتم توقيف أي موزع أو محطة لا تلتزم بذلك.
في الوقت ذاته يشدد الشنطي على أهمية الرقابة من قبل المواطنين بحيث يتقدم بشكوى ضد الموزع الذي لم يلتزم بتعبئة اسطوانته خلال 15 يوما من تسليمه إياها.