تم التوجه الى مجلس الامن بورقة تحديد موعد زمني لانهاء الاحتلال ..احتوت هذه الورقة على افكار و مطالب من المجتمع الدولي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ..هذه الورقة التي تعتبر وثيقة فلسطينية موثقة في الهيئة الدولية اصبحت تحدد سقف المطالب الفلسطينية فيما يتعلق بكافة الامور حول القدس و الاستيطان و الحدود وحق العودة و المياه ..و اقرار بمبدأ تبادل الاراضي و تثبيته كموافقة فلسطينية على هذا المبدأ و الذي يعني القبول بعدم الانهاء الكامل للاستيطان و عدم المطالبة بازالة جدار الفصل العنصري و العديد من النواقص التي تم عرضها في حينها و التي طالب من خلالها العديد من القوى و الشخصيات الفلسطينية بتعديلها ..الامر الذي لم يحصل الا في بعض النقاط المحدودة التي لم تصل الى الحد المطلوب ...فاذا كانت هذه الورقة مقدمة باسم الشعب الفلسطيني و تعبر عن تطلعاته و اهدافه و موجهة للمجتمع الدولي ..اليس من المنطقي ان يكون هناك اجماع وطني على بنودها ؟؟ و اذا كانت هذه معركة سياسية تحتمل المواجهة و تحتمل استعمال كافة الاسلحة الدبلوماسية و السياسية و الاقتصادية الامر الذي بنعكس اثره المباشر على الشعب باكمله !! و بكلمات اخرى ..الا تتطلب هذه المعركة تجهيز و بناء الجبهة الداخلية و تمتينها بالوحدة و الاجماع على الموقف و توحيد الخطاب تحسبا للعقوبات و خاصة الاقتصادية و التي تطال كل مواطن؟؟ الا يتطلب كل ذلك التريث و استيفاء النقاش في اروقة منظمة التحرير و بين القوى و الفصائل و المجتمع المدني و مفكري الشعب و شخصياته الوطنية؟؟ كل هذا لم يحصل و تم التوجه و اصطدم الطلب بعدم اكتمال تأييد الدول التسع اضافة للرفض الامريكي الذي فسره البعض بالفيتو و البعض الآخر بان الولايات المتحدة خرجت من حرج استعمال الفيتو بعدم اكتمال التأييد ..و النتيجة رفض الطلب رغم عدم ايفائه بالمطالب الفلسطينية و بعد تخفيض هذه المطالب بهدف الحصول على التأييد .. و بعد ذلك و كرد فعل فوري تم التوقيع على عشرين بروتوكول لطلب الانضمام للهيئات الدولية و خاصة الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية الامر الذي يسمح للفلسطينيين بمحاكمة قادة دولة الاحتلال على الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني الامر الذي شكل استجابة لمطلب شعبي و وطني منذ فترة ليست بقريبة .. و الآن يطرح اعادة عرض المطلب على مجلس الامن بعد تغير بعض الدول الاعضاء الامر الذي قد يسمح بتمريره ..فهل هذه نهاية المطاف ؟؟
ان الوضع الفلسطيني و ضمن موازيين القوى القائمة و حالة التعنت الاسرائيلي و تحديه للقانون الدولي ..و بسبب تنامي الدعم الدولي الشعبي و الرسمي للحق الفلسطيني و الشعور باليأس من الموقف الاسرائيلي الماضي في انتهاكاته لكافة الشرائع و حقوق الانسان و الجرائم المرتكبة بحق الانسان و الارض و الموارد ..و بسبب ايضا حالة العقوبات الاقتصادية و السياسية ضد الشعب الفلسطيني و التي كان آخرها حجب الضرائب الفلسطينية التي تجبيها دولة الاحتلال من دافع الضرائب الفلسطيني و تحتجزها قرصنة و بدون اي وجه حق و التي تهدف الى تركيع الشعب و فرض سياسة الامر الواقع عليه....و في ظل ما يحصل في المحيط العربي من حالة الفوضى و القتل و التهجير هذه الامور التي تحاول دولة الاحتلال الاستفادة منها لتمرير مشاريعها...كل ذلك يتطلب اعادة تحديد الموقف الفلسطيني ..و باعتقادي نحن بحاجة للكثير في هذا المضمار لعل من اهمها :-
-اعادة صياغة العلاقة مع الاحتلال الى علاقة شعب يرزح تحت الاحتلال و يعاني من اجراءاته القمعيةفي مواجهة هذا المحتل حتى الخلاص منه ... و التعامل بمقاومة هذا الاحتلال لا مهادنته كحق تكفله كافة الشرائع السماوية و القانون الدولي .
-الاتفاق على برنامج وطني موحد يجمع عليه الكل الفلسطيني يحدد الموقف الفلسطيني من كافة القضايا .
-انهاء حالة الانقسام الداخلي و تعزيز الوحدة الوطنية قولا و فعلا و تجاوز الماضي نحو بناء نسيج وطني متعافي .
-اعادة بناء كافة مؤسسات منظمة التحرير على اسس ديمقراطية و كفاحية لتضم الجميع على اساس القواسم الوطنية المشتركة .
-سحب الورقة المقدمة لمجلس الامن و اذا كان هناك ضرورة و اجماع على اعادة عرضها يعاد صياغتها ضمن حالة اجماع تؤكد على ثوابت الشعب و حقوقه .
-التوجه لكافة المحافل الدولية و نقل جرائم الاحتلال للمحاكم الدولية و استنهاض المزيد من الدعم الدولي الشعبي و الرسمي للقضية و الشعب .
-وضع الخطط الاقتصادية لمواجهة الحصار الاقتصادي و العقوبات ..مما يعزز صمود المواطنين على الارض و دعم هذا الصمود .
ان الاجراءات الاسرائيلية و المدعومة امريكيا لن تصل الى القضاء على او حل السلطة بل اضعافها و الضغط على الشعب الفلسطيني بأكمله ..فدولة ارخص احتلال في التاريخ تمعن في السيطرة الامنية و مصادرة الاراضي و تغيير المعالم و هذا يتطلب بقاء الامر على ما هو عليه من ادارة داخلية للمجتمع الفلسطيني من صحة و تعليم و غيره ..و بهذا فلن تعمل على انهاء مكاسبها من اوسلو و اتفاقية باريس الاقتصادية و ستبقي الحال على ما هو مع اضعاف السلطة بهدف الاستفراد و فرض الواقع عليها ...و من ناحية اخرى لم يبقى خيارات واسعة امام السلطة و لا حتى خيار حل نفسها و لا الرغبة في ذلك حماية لبعض المصالح ...و عليه ليس امام الشعب الفلسطيني و كافة قواه الوطنية و المجتمعية و مفكريه و نشطائه و قادته و شخوصه الوطنية الا اعادة تعريف و صياغة البرنامج الوطني و مشروع الخلاص من الاحتلال في مواجهة المشروع الصهيوني المعد و الجاري العمل عليه منذ اكثر من قرن .