تقرير: صفاء عمر
نصيبها أن تذبل بتلات زهرة عائلتها أمام عينيها ويذوب قلبها عليهم حزنا, أم خليل عبادي من بلدة يعبد بمحافظة جنين، التي تجاوزت الاربعينات من العمر روت لنا واقع حياتها التي أفنتها في رعاية أبنائها الذين تساقطوا واحدا تلو الاخر.
"في البداية أنجبت ولدا لم يكن سويا صحيا وتوفي, تمنيت أن تكون هذه آخر حسراتي لكن أمنيتي لم تتحقق, اذ أنجبت بعدها ابني خالد وكان محتاجا لعمليات جراحية باستمرار منذ أن أكمل الاربعين يوميا, ولم أقصر ولم أيأس ولم أسمع عن علاج الا وذهبت إليه حتى مع الحالة المادية الصعبة, وبقيت على هذا الحال حتى أتم خالد الأربع سنوات ولم يمش قبل ذلك اليوم أبدا، وفي اليوم الذي مشى فيه توفي لتزداد حسرة قلبي وألمي وحزني عليه"، هذا ما روته لنا أم خليل حول قصة وفاة أبنائها.
لم تنس حادثة دفن ابنها الذي توفي بين ذراعيها حتى جاءت حادثة ابنتها الكبرى, التي أصيبت بجلطة أثناء ولادتها, لم تتم السنة على زواجها وعادت لها عاجزة غائبة عن الوعي لتقوم برعايتها حتى تصح.
وقالت: "لم ندع أنا ووالدها طبيبا الا وعرضناها عليه, أدويتها غالية الثمن اذ يصل ثمن العبوة الواحدة الى 500 شيقل, هذا عدا عن كشفية الطبيب التي تصل الى 400 شيقل, وهذا أكثر من طاقة والدها المادية".
فأبو خليل الذي فقد عمله منذ إغلاق المفاحم بعد منع الاحتلال الإسرائيلي دخول الحطب الى الأراضي الفلسطينية لعمل المفاحم لا يستطيع توفير المال لسد احتياجات أسرته الأساسية, وأبناؤه الذكور خرجوا من المدارس في سن مبكرة ولا يجدون هذه الايام الاعمال التي تساعدهم على توفير الاحتياجات الاساسية للمنزل.
وتضيف أنها توجهت للشؤون الاجتماعية التي قطعت الاعانة عنها منذ وفاة ابنها خالد, ولم تقدم اعانة لابنتها فهي ما تزال على ذمة زوجها, "زوجها لا يعمل ولا يستطيع أن يجالسها ويعتني بها, أما أمه فهي تعتني بالطفلة التي أنجبتها أبنتي, حفيدتي التي لم أرها منذ ولادتها ولم ترها أمها الا بالصور التي ترسلها لنا جدة البنت".
"منزل يحوي أكثر من غرفتين ليتسع أبنائي جميعا, أثاث جديد حتى أستطيع استقبال ضيوفي, وجهاز كمبيوتر حتى يسلي أبنتها التي أفاقت من الغيبوبة ولا تستطيع تسليتها بشيء حتى تبقيها مستيقظة أمام عينيها"، هذه كانت أحلام أم خليل.
وقبل مغادرتنا المنزل شاركتنا أم خليل تقليب صفحات أبومها الذي يضم صور أفراد عائلتها، قد تعني هذه الصور لأي شخمص مجرد ألوان وملامح بشرية, أما لها كانت تعني عمرا وذكريات وبتلات زهرة عائلتها التي تساقطت واحدة تلو الأخرى.