تقرير: صفاء عمر
"يقولون كلام الناس لا يقدم ولا يأخر، من قال ذلك واهم أو أنه يعيش خارج هذا المجتمع، فكلام الناس يخرب البيوت، ويقطع الارزاق ويزهق الأرواح، ومن كلام الناس والخوف منه أبتدأت قصتي" هذا ما قالته عبير وهي تروي قصتها في تربية أبنائها سراً.
عاشت عبير (28 عاما) بداية حياتها الزوجية مثل كثير من النساء الفلسطينيات، زوج مطلوب للاحتلال لا يبيت في المنزل حتى لا يعتقل، وهي مضطرة أن تعايش الخوف والتوتر وعدم الاستقرار، عاشت على هذه الحال عدة أعوام قبل أن تعتقله قوات الإحتلال من المنزل وتهدمه، وتترك زوجته وأبناءه بلا بيت يأوي هذه العائلة، فعادت عبير مع أبنائها الثلاثة لمنزل والدها الذي يعيش فيه أيضا أخوها وعائلته.
حكم زوج عبير ثلاثة مؤبدات ووقع على عاتقها مسؤولية تربية أبنائها، وفي كل بداية شهر يأخذ أخوها المخصص المالي المقسوم لها ولابنائها لأن أباهم أسير حتى يضم هذا المبلغ الزهيد لدخله ويوفر احتياجات العائلة من أكل وشرب، وتقول عبير: "كلما طلبت من أخي مالاً لأشتري لأبنائي احتياجاتهم الحياتية يقول لي أن الأولاد يأكلون ويشربون ولن يموتوا جوعاً، لكن للحياة احتياجات أخرى غير الأكل والشرب وهذا ما يوفرونه لابنائهم وينسون أبنائي منه".
طلبت عبير من إخوتها أن يسمحوا لها بالعمل لكنهم رفضو ذلك، وضربوها عندما ألحت بالطلب خوفاً من كلام الناس حتى لا يقال أن إخوتها عجزوا عن تربية أبنائها وحتى لا تجلب السمعة السيئة بخروجها من المنزل وزوجها أسير.
تعمل عبير حاليا سراً بغير علم إخوتها، وتدخل لغرفتها ليلاً وتبدأ التطريز وعمل الحرف اليدوية التي تستطيع عملها، وتساعدها في ذلك عمتها اذ تشتري لها الأغراض اللازمة لعملها وتأخذ أعمالها الجاهزة للتجار لبيعها.
وتضيف عبير: "منذ أن بدأت العمل وأنا أشتري لأبنائي ملابس جديدة وأرسلهم للمدرسة، وأشتري لهم احتياجاتهم المدرسية وأقول أنها من أهل زوجي بعثوها للأولاد، ولا أحد يعلم بعملي سوا أبنائي الذين يعيشون معي في غرفتي الصغيرة في منزل أهلي، وعمتي التي تدخل وتخرج الأغراض الى غرفتي سراً".
تأمل عبير أن يتم الله سرها حتى يكبر أبناؤها ويستطيعون الدفاع عنها وعن أنفسهم أمام أهلها والمجتمع، اذ أنها لم تخطأ ولم تجني وبدل أن يكافأها المجتمع على كفاحها ويساعدها في تربية أبنائها يجلدها الناس بكلامهم وعيونهم.