التلفاز الذكي.. جاسوس في غرفة المعيشة
برلين- تزخر أسواق الإلكترونيات حالياً بالعديد من موديلات التلفاز الذكي، الذي يتيح للمستخدم إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت والاستمتاع بمشاهدة مقاطع الفيديو على موقع "يوتيوب" أو الاستماع إلى المكتبات الموسيقية وتدفق بيانات الفيديو. ومع كل هذه الوظائف المريحة، إلا أن خبراء حماية المستهلك يحذرون من أن مثل هذه الأجهزة الإلكترونية قد تكون جواسيس تتلصص على عادات وسلوكيات المستخدمين في غرف المعيشة.
وعادةً ما تتصل أجهزة التلفاز الذكي بشبكة الإنترنت إما عن طريق شبكة WLAN اللاسلكية أو عبر كابل الشبكة، كي تتيح للمستخدم الإبحار في عالم الإنترنت واستخدام مكتبات الميديا أو الاستمتاع بالألعاب أو الدردشة مع الأصدقاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت أو استخدام التطبيقات المختلفة.
ومع ذلك، فإن اتصال أجهزة التلفاز الذكي بالإنترنت يعد من الإجراءات المحفوفة بالمخاطر؛ حيث أوضحت مجلة الحاسوب "c't" الألمانية أن أجهزة التلفاز الذكي من الشركات العالمية مثل "إل جي" و"باناسونيك" و"فيليبس" و"سامسونج" و"توشيبا"، تقوم بإبلاغ القنوات التلفزيونية عندما يقوم المستخدم بتغيير القناة التي يشاهدها.
وغالباً ما تحدث عمليات التجسس عبر أجهزة التلفاز الذكي بطريقة غير واضحة؛ حيث قال فولفغانغ شولدزينسكي، رئيس مركز حماية المستهلك بولاية شمال الراين وستفاليا الألمانية: "لم يَعد بإمكان المشاهد حالياً مع التقنيات الجديدة التعرف عما إذا كان يشاهد البث التلفزيوني أو أنه يتصفح مواقع الويب، بالإضافة إلى أن التلفاز الذكي يكون متصلاً دائماً بشبكة الإنترنت من خلال الاتصال بالشبكة المنزلية، وبالتالي فإنه يرسل الكثير من المعلومات الخاصة بالمستخدم أو المشاهد".
رصد السلوكيات
وأضاف الخبير الألماني أن الكثير من أجهزة التلفاز المزودة بوظيفة الاتصال بالإنترنت تكون مضبوطة من قبل المصنع، بحيث يقوم التلفاز عند التشغيل لأول مرة بإرسال بيانات المشاهد إلى الشركة المنتجة للتلفاز والمحطات التلفزيونية والخدمات الأخرى مثل غوغل Analytics.
وبهذه الطريقة يتم رصد سلوكيات وتصرفات المستخدم أثناء مشاهدة التلفاز وتصفح الإنترنت، بالإضافة إلى إمكانية إنشاء بروفايل شامل يضم الروتين اليومي وعادات الاستخدام والاهتمامات الشخصية الخاصة بالمستخدم.
وعادةً لا يدرك المشاهد ماهية المعلومات التي يرصدها التلفاز، وماذا يحدث مع هذه البيانات، وانتقد الخبير الألماني فولفغانغ شولدزينسكي هذا الوضع، وأضاف أن المستخدم يجب أن يكون قادراً على تحديد معلوماته الشخصية التي يتم الكشف عنها.
وعلى الجانب الآخر، يرى يورغن زيفسيك، عضو مجلس إدارة هيئة التلفزيون الألماني، أنه يجب رصد معلومات محددة عن المستخدم من أجل استعمال خدمات معينة وتحسين جودة العروض المقدمة، ومع ذلك يجب أن تتم عملية جمع المعلومات مع ضرورة إخفاء الهوية.
وأضاف الخبير الألماني قائلاً: "عادةً ما تكون هذه البيانات مرتبطة بجهاز التلفاز، ولا تكون متعلقة بالمعلومات والتفاصيل الشخصية". وبالتالي لا يمكن الحديث عن وجود شكل معين من أشكال التجسس عن استعمال أجهزة التلفاز الذكي.
وإذا قام المشاهد بتشغيل تطبيق عن طريق التلفاز أو استدعاء تقنية البث التلفزيوني الهجين HbbTV، فإنه يتم إنشاء بيانات مثلما يحدث عند استعمال الحواسب التقليدية.
ولا تتم عملية جمع البيانات بشكل عشوائي أو مجهول الهوية، بل على العكس من ذلك؛ حيث تدرك المحطات التلفزيونية ومشغلو مواقع الويب حساسية هذا الموضوع، وتقوم بإبلاغ المستخدم تبعاً لذلك، وبالتالي فإنه يُطلب من المستخدم عند تثبيت الجهاز لأول مرة الموافقة بشكل صريح على جمع بيانات الاستخدام.
وإذا رغب المستخدم في الاطلاع على المزيد من المعلومات، فإنه يوجد في شريط المعلومات بمنصات HbbTV رابط يقود المستخدم إلى شروط الخصوصية وحماية البيانات للشركة المقدمة للخدمة.
الشبكة المنزلية
وأشار الخبراء بمجلة "c't" المتخصصة إلى أنه يمكن للمستخدم ضبط التلفاز الذكي بحيث لا يقوم بجمع أي بيانات عن المشاهد، وتتمثل أسهل وأبسط طريقة لتحقيق ذلك في السماح للتلفاز الذكي بالوصول إلى الأفلام والموسيقى والصور من الشبكة المنزلية فقط، وبالتالي يتم عزل التلفاز الذكي عن شبكة الإنترنت وأخطار العالم الخارجي.
ولكن في هذا الحالة، لن يتمكن التلفاز الذكي من الوصول إلى خدمات الإنترنت المختلفة مثل منصة "يوتيوب"، وبالتالي يفتقر التلفاز الذكي إلى إحدى الوظائف الإضافية الأساسية. ويتمكن المستخدم مع توافر بعض الخبرة والمهارة التقنية في حظر أنشطة معينة بجهاز الراوتر، وإنشاء بعض الحالات الاستثنائية، وعندئذ تعمل التطبيقات المختارة، ويتم حظر أنشطة التجسس.-(د ب أ)