من الاربعاء الى الجمعة.. و فن الرد بقلم سامر عنبتاوي
اخطأ نتنياهو الحسابات ..اراد احراج حزب الله و امينه العام فوقع في حرج و ارباك اشد ...فبعد لقاء السيد حسن نصرالله على قناة الميادين و التي ظهر فيها مرتاحا يرسل الرسائل لقيادة الاحتلال بالجاهزية لاي مواجهة رغم المراهنة على انشغال حزبه في النزاع الدائر في سوريا من جهة و الضغوط الداخلية اللبنانية على الحزب من جهة اخرى ...فاعتقد نتنياهو انه يستطيع كيل ضربة موجعة للسيد نصرالله و حزبه بعملية قوية تستهدف عناصر هامة في الحزب اضافة للجنرال الايراني ,,و بالتالي راهن على عدم قدرة الحزب على الرد لحسابات داخلية و اقليمية ...و اظهار امينه العام للداخل الاسرائيلي بموقع الضعيف و غير القادر على الرد و تغيير الصورة المعهودة حول المصداقية و القدرة على الوفاء بالتهديدات ..و اعتقد نتنياهو انه يكيل بهذا ضربة موجعة للمقاومة و يحسن موقفه الانتخابي الآخذ في التدهور....و لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر و وقع نتنياهو في شر اعماله و انتقلت الكرة لملعبه فقد قام الحزب بعملية نوعية مدارة جيدا و مخططة على اعلى مستويات الحكمة و التجهيز .
لقد انتظر الجانب الاسرائيلي ردة الفعل على احر من الجمر ..هل سيقوم الحزب بالرد ؟ و على اي جبهة؟ و باي اسلوب ؟ فجاء الرد في مزارع شبعا المنسية ( ارض عربية سورية لبنانية محتلة ) ..و المهم جدا في هذا الاطار توقيت هذه العملية بعد ايام من العملية الاسرائيلية و قبل يومين من خطاب سماحة السيد ..و لهذا التوقيت اهميته و دلالاته ...لقد استعجل البعض -الحريص على المقاومة -الرد وتشفى البعض من اعداء الحزب و المقاومة بتأخر الرد متهمين الحزب بعدم القدرة على ذلك ...و لكن الكثير ممن نظر الى الامر بحكمة و ثقة من قدرات المقاومة و توجهها ايقن من ان الرد قادم و بقوة و بأس و تأثير عالي.. و قد عودت المقاومة الجميع على التروي و الحكمة و الاعداد الجيد لاي عملية لضمان عدم فشلها ...فلماذا هذه العملية النوعية تأتي قبل يومين من الخطاب ؟؟ و الى اين تتجه الامور ؟؟ هذا ما سنحاول دراسته و تحليله في التالي ....
انه البيان رقم واحد ..قبل الخطاب الذي لن يكون محوره كيل التهديد و الوعيد ...بل الوعد بان خيار مقاومة الاحتلال و مواجهته لم تبدأ اليوم و لن تنتهي قبله ..بمعنى ان استراتيجية الحزب و المقاومة تستند الى مبدأ ان الصراع و بوصلته وعناوينه واضحة ..انه التناقض مع الاحتلال و باستراتيجية متراكمة و طويلة الامد ...و ان الصراع الدائر في الساحة الخلفية هو ما بين محور مقاومة و محور استدراج طائفي واضح المعالم ...و ان الانشغال في الساحة الداخلية مؤقت لحسم بعض القضايا و لكن التناقض الوحيد هو فقط مع الاحتلال ...و ان محور المقاومة و مناهضة الاحتلال آخذ في التوسع و الترابط اكثر فاكثر في الاقليم رفضا للسياسة الاسرائيلية...و ان الخطاب يأتي بعد البيان رقم واحد الذي يعلن عن عملية نوعية مما يدل ان هناك بيان رقم اثنان و ثلاثة اذا ما استمرت دولة الاحتلال في عربدتها .
لقد و جدت قيادة الاحتلال نفسها في موقف صعب للغاية بعد العملية فاما ان تقبلها كردة فعل مقابل عمليتها و الظهور بموقف من يستجدي التهدئة و وقف العمليات المتبادلة ..او الدخول في حرب عنيفة في الاقليم تتطلب الكثير من العوامل و من اهمها الضوء الاخضر الامريكي الذي لا اعتقد بوجوده لاعتبارات عدة و كذلك حالة الاجماع في القيادة العسكرية و السياسية حول موقف نتنياهو فيما لو اراد الحرب الامر الذي لا اعتقد بوجوده ايضا و اذا كان هناك حسابات انتخابية لنتنياهو فلن تكون مدعومة من القيادتين العسكرية و السياسية ...كل ذلك يضاف الى متانة الجبهة الداخلية التي اهتزت و ارتعدت فرائصها بعد تهديدات ايران و المقاومة ..فالرسالة الايرانية كانت واضحة عبر الامريكان بتجاوز دولة الاحتلال للخطوط الحمر ...و تهديد محور المقاومة الذي وصفه السيد نصرالله بلقائه بانه من يتخذ قرار المواجهة و الحرب اربك الساحة الداخلية كما القيادات السياسية و العسكرية ...ان القرار الامريكي بوقف العقوبات على ايران و حالة العزلة التي تزداد في المجتمع الدولي لحكومة الاحتلال و سياستها و فتح ملفات محكمة الجنايات الدولية و التحولات في المواقف الاوروبية و التي كان آخرها خسارتها للساحة اليونانية و فوز اليسار هناك و التي توجت بتصريحات الفائز اليكسس بوقف التعاون العسكري وربط العلاقات بالحصار على غزة ...كل هذه العوامل و غيرها من قوة محور المقاومة جعل دولة الاحتلال تعيد حساباتها قبل الدخول في مواجهة غير مضمونة النتائج .
لقد ظن نتنياهو انه يستطيع ان يضرب و يهرب و يحرج و يربك و لكن فن رد المقاومة و حسمه و تماسك جبهته اربكت كل حساباته و جعله يجمع قيادته و يصرخ بتهديدات جوفاء يعلم تماما عدم قدرته على تنفيذها و اثبت نصرالله مرة اخرى للاسرائيليين على صدق تهديداته و وعيده و قدرته على تحقيق الضربات الموجعة ..و لعل من نتائج هذه المواجهة خسارة نتنياهو لموقعه الانتخابي ..و ان كنت اعتقد بان نجاحه في الانتخابات هو في الصالح الفلسطيني كونه مكشوف المواقف و التوجه بعكس المراوغين امثال ليفني و لكون سياسته الحمقاء اظهرت الوجه الحقيقي القبيح لدولة الاحتلال الامر الذي اوجد تنامي مقاطعتها و رفض سياساتها .
قد تكون العملية ليست الاخيرة و البيان الاول له ما يليه و الدخول في حالة استنزاف الى و قت ما و لكن لا اعتقد بان القيادة الاسرائيلية على قدرة و جاهزية للدخول في حرب اقليمية في المرحلة الحالية على الاقل و لا اعتقد في الموافقة الامريكية او الرغبة فيها كذلك ...لذلك سيحاولون امتصاص الضربة و السعي الى الوساطات لعدم تكرارها ...و القول ان العملية تمت ضربة بضربة و كف بكف .
ان قادم الايام سيثبت ان لا مجال لاي سياسات الا توحيد المواقف و تحديد البوصلة لرفض و مقاومة الاحتلال و تشكيل الجبهة العريضة و الحكيمة لمواجهة مخططاته و انهاء حالة الاحتراب الدموي في المحيط العربي و الخروج بحل سلمي للازمة السورية حتى لا تستفيد دولة الاحتلال من حالة التمزق و التشرذم و انهيار الدول و الجيوش ..و مرة اخرى فان دولة الاحتلال تعيش حالة العزلة و التراجع و عدم القدرة على التحكم في الامور و كسب الجولات ..و هي تعيش ايضا حالة الغرق في نتائج سياساتها فلا تلقوا لها طوق النجاة.