memantin iskustva memantin alzheimer memantin wikipedia"> memantin iskustva memantin alzheimer memantin wikipedia بعيون سوداء لامعة، يملؤها حزن عميق، تَغدُو يميناً ويساراً، دون ان تفرّق بين الألوان المتلألئة أمامها، يتجول محمد ابن ال (27 عاما) في أرجاء مدينة نابلس، بمساعدة طفله الصغير الذي لم يتجاوز السابعة من عمره ويشدّ بذراع والده ا">
إعداد: مرح منى
بعيون سوداء لامعة، يملؤها حزن عميق، تَغدُو يميناً ويساراً، دون ان تفرّق بين الألوان المتلألئة أمامها، يتجول محمد ابن ال 27 عاما
رافعاً رأسه نحو السماء التي حرم من رؤيتها بعد أن اعتاد النظر اليها كل يوم ويبدو للناظر اليه أنه يبصر كأي إنسان طبيعي، يقول محمد بتحسر "قدّر الله ان أفقد نظري وانا في الثامن عشرة سنة من عمري، فقد كنت غير مبالٍ بشيء في فترة المراهقة، وحب السهر واللهو مع الأصدقاء ينبض في عروقي والإستمتاع بالحياة بكل تفاصيلها من أهم أهدافي، وفي النهاية تلقيت درساً قاسياً ودفعت ثمناً غالياً ومؤلماً".
ويكمل حديثه وهو يداعب طفله، أن والدته كانت تضجر كثيراً من الدراجة النارية التي لا يفارقها، مما جعل الخلاف كبيراً بينه وبينها، ولكنه في كل مرة لا يصغي اليها.
ويتابع محمد حديثه، وهو يشير بأنامله الى المنطقة السفلية من رأسه التي تعرضتْ لضربة قوية إثراصطدام دراجته النارية بسيارة مسرعة، غير قانونية يقودها شاب متهوّر، ضرب دراجة محمد ضربة عنيفة أّدّت الى قذفه (30 متراً) الى الأعلى ثم سقط ارضاً، وهرب الشاب مسرعاً دون ان يتحمل أدنى مسؤولية وينقذه من الموت، أو على الأقل يطلب له الإسعاف.
ويقول محمد بندم كبير على الماضي "لم اتخيل يوماً أن عشقي للدراجة النارية، سيحرمني نور عينيْ طيلة حياتي".
وتؤكد والدة محمد أنه لم ينزف قطرة دماء واحدة تظهر على جسمه الخارجي، رغم المسافة الكبيرة التي وقع منها على الأرض، بل كان النزيف داخل رأسه مما أفقده الرؤية، وكل من رآه قال انه يحتضر لأنه يحرّك يديْه ورجليْه بطريقة غريبة توحي بأنه سيفارق الحياة.
رغم أن الحادثة وقعت قبل 9 سنوات تتكلّم والدته بقلب يعتصر ألما "ان في اليوم الثالث من أيّام عيد الأضحى الناس يهنئون بعضهم في العيد، وأنا اتساءل ان كان ولدي الذي لا أملك سواه على قيد الحياة ام توفى، وفي ذلك اليوم المشئوم الذي لن أنساه مطلقاً وأتمنى من أصاب بفقدان ذاكرة لكي يحذف من ذاكرتي، هرع اليّ أحد اصدقاء ولدي وأخبرني انه تعّرض لحادث مروّع".
وتتابع حديثها والدموع تنساب من مقلتيها على وجنتيها وكأن قلبها الذي يبكي، أن في البداية لم تصدق الأمر واعتقدت أن ولدها وصديقه يمثلان عليها تمثيلية سخيفة لكي يقولان لها في النهاية "لقد وقعتِ في الفخ" وصوت ضحكتهم الصاخبة تملأ المكان، وبعد عدة دقائق أصبح قلبها غير مطمئناً والأفكار تأخذها يميناً ويساراً فقالت لشقيقتها أن تذهب الى ولدها لكي تتأكد من الخبر وتطمئنها عليه، لكنها لم تظن مطلقاً أن ابنها الوحيد على فراش الموت وأن حالته سيئة جداً.
وتضيف ان شقيقتها صُدمتْ عندما رأت محمد جامداً على الفراش لا يحرّك ساكناً، فجفت الكلمات في حلقها ولم تجد عبارات مناسبة تقولها لأختها عن وضع ابنها، فأوكلت هذه المهمة لطبيب في أحد المستشفيات في مدينة نابلس، التي نُقل اليها وَحوّله الأطباء فوراً الى العناية المكّثفة، وكان في تلك الأثناء في حالة موت سريري، وجسده لا يكاد يظهر لكثرة الاجهزة الموضوعة عليه.
وتذكر والدته، ان ولدها بقي شهرين غائباً عن الوعي لا يتحرك كالجثة الهامدة، وهنا اشتعلت المشاكل بينها وبين ادارة المستشفى لأن التكاليف تراكمت عليها ولا تقوى على دفعها وقال لها أحد الأطباء "اخرجيه لأنه هو والسرير اخوة، لا فائدة من علاجه فهو ميّت بجميع الأحوال ".
وتقول بعينيْن حادّتيْن أن بعد اصرارها على علاجه لأنها لم تقتنع بأنه سيموت، ومسايرة لها فتح الأطباء ثقبة في عنقه حتى يدخل الطعام الى معدته .
وتتابع حديثها ان بعد (9 أشهر) من العناء والألم وخوفها من لحظة تصعد فيها روح محمد الى السماء، عاد اليه الوعي وتمكن من تحريك جميع أعضائه وحواسه، باستثناء بصره لم يستطع التحكم به حتى هذا اليوم، فأخرجه الممرضون بسرير المستشفى الى البيت لترعاه والدته، لأنه برأيهم لم يتبقى شيء الّا وقدّموه لعلاجه.
وتكمل انها شعرتْ بأن الدنيا لا تسعها بعوْدة ولدها الى الحياة خاصة بعد نطقه كلمة (ماما) ابتهجتْ من اعماق قلبها كما فرحتْ عندما نطقها أول مرة في الصغر أثناء مداعبتها له بين أحضانها.
وتقول والدته أن بعد نجاحها في اقناعه بأن الحياة لن تتوقف بفقدان بصيرته تزوّج بعد سنتين من وقوع الحادث أي عندما كان عمره 20 عاماً وأنجب طفلاً.
ولد تلمسُ القوة والشجاعة عند رؤية شخصيته القوية وطلاقته في الكلام، يقول طفل محمد، أنه حزين لأنه ليس كسائر الأطفال الذين يتجوّلون في أرجاء المدينة برفقة آبائهم لكي يشترون لهم ما يشتهون، بل على العكس هو يذهب مع أمه لشراء الحاجات التي يحتاجونها ويساعدها في أعباء المنزل ويتحمل المسؤولية في رعاية والده برفقة أمه وجدته.
ويختتم حديثه، انه يتألم لأن والده لم يستطيع رؤيته منذ ولادته كباقي الآباء، رغم أنه يحاول كثيراً أن يصف لوالده نفسه ويصف والدته له التي لم يراها مطلقاً منذ زواجه منها، لكنه أحبّ روحها الطيبّة واهتمامها به، والأهم من ذلك لم تشعره في يوم من الأيام أنه عاجز عن الرؤية أو ينقصه شيء .