نابلس- ندى عمر- على تخوم البلدة القديمة من نابلس, في غرفة صغيرة بها كل معالم القدم التى تظهر في أدواتها والوانها وشقوق جدرانها, حتى في رائحتها التي تحمل عبق الماضي الجميل, يعتاش قاسم الزربا (ابو نضال) من مدينة نابلس الذي يحتضن حرفته المتوارثة منذ أكثر من تسعين عاما, يخشى عليها الاندثار في ظل التطور التكنولوجي الكبير في مختلف الصناعات والقطاعات.
صناعة المفاتيح بمختلف انواعها وطباعتها يدويا, حرفة تعلمها وتمرس عليها الخمسيني ابو نضال من جده قبل والده, الذي كان يرافقه في جميع الاوقات، مما اشعل في قلبه شغف هذه المهنة المتواضعة, وهي مهنة فنية لاتحظى باهتمام الاجيال الان.
"لم يتعلمها احد من ابنائي"، بكل اسف وعلامات التعب تملأ وجهه بدأ أبو نضال حديثه بعد تنهيدات الخوف من المستقبل الذي يهدد مهنته, حالها حال الكثير من الحرف القديمة في مدينته نابلس.
ويتابع أبو نضال: "الحياة تغيرت ولم يعد لمثل هذه الحرف الفنية البسيطة رواجاً كما في الماضي, ولم تعد مصدر رزق يكفي رب اسرةٍ ليعتاش منه في ظل الغلاء ومتطلبات الحياة وتفاصيلها".
ومن نظرة سارحة يحاول فيها الزربا تذكر معالم حياته مع جده في صناعة المفاتيح سابقا, قال: "كان جدي نموذجاً في الامانة التي تعد من اهم مقومات مهنته المتواضعة, كان يسجل اسماء ومعلومات عن كل من يصنع مفتاح او يطبع عنده, ويعتمد عليه رجال الامن كمرجع لهم في قضايا السرقة او الجنايات التي تحدث في المنازل, ولايرضى اي مقابل لذلك".
ويضيف: "تغيرت بعض تفاصيل المهنة وآليات صناعة المفاتيح عن السابق, فقد كانت بماكنات قديمة شبه يدوية، اما الان أستخدم ثلاث ماكنات في الصناعة والطباعة سهلة وغير متعبة في الاستخدام".
لم يبق شيء على ماهو عليه الان, كل شي تغير بشكل سريع مع سيطرة التكنولوجيا التي لا ترحم جانباً, ولكن الخوف من موت صناعات تعد تراثاً وتاريخياً للشعب الفلسطيني.