الحدود أحد مظاهر العلاقات الدولية، ان الحدود مسؤولة عن إقامة العلاقات المكانية التي تختص بدراسة الحدود السياسية، ويتم في هذا المجال تحليل وظائف هذه الحدود، ومدى قبول الدول المشتركة فيها لها، وتوقيعها على الطبيعة، ووصف الحدود، والمظاهر المختلفة التي تسير معها، وأنواعها المختلفة، ومشاكلها إذا كانت لها مشاكل، ومناقشة الملاحة في المياه الإقليمية، ومشاكل الترانزيت بالنسبة للتجارة، والناس، ومما يزيد أهمية الحدود هو أنه يتوقف عليها تحديد الرقعة الأرضية للدول والموارد الطبيعية، وما يترتب عليها من فعاليات اقتصادية، وبشرية، وتحديد المجال الجوي، والمائي، وما في باطن الأرض، وقاع المياه فهي حقاً تحديد للملكية على المستوى الدولي، وتحديد هوية السكان الوطنية، ويظهر أنه بدون الحدود الدولية لا يمكن أن تقوم الدولة بمهامها، ووظائفها إذ أن الحدود الدولية هي التي تحدد أراضي الدولة بوضوح، ومع عدم الإقرار بالحدود الدولية لا يمكن إقرار النظام الدولي الحالي، ويصبح من المستحيل معرفة أين تنتهي سيادة الدولة، وأين ستبدأ الدول الأخرى، ونظراً لارتباط الحدود، والمصالح الاستراتيجية، والاقتصادية فإن الدفاع عنها يمثل أقصى الوظائف الخارجية للدول أهمية.
إن ترسيم الحدود الدولية على أساس الاتفاقيات ولا سيما عندما تحظى تلك الاتفاقيات بتأييد الأطراف لها، فإنها تكون مدعاة لقيام علاقات جوار مستقرة، وهادئة نسبياً، بينما يكون العكس عندما يكون أحد الأطراف غير مقتنع بخط الحدود الدولية، فتكون احتمالات إثارة المشاكل، والمنازعات الحدودية التي ربما تتطور إلى حروب حدودية.
بالواقع أن الحدود السياسية القائمة بين الدول، كما هو الحال في مناطق عديدة من العالم، إنما تقوم بالفصل بين الجماعات ذات الأصول الثقافية، والحضارية الواحدة، والتي تسكن عند مناطق الحدود، وعلى جوانبها.
تقسم الحدود من حيث شرعيتها والاعتراف بها: إلى حدود يعترف بها القانون الدولي، كما هو معروف عن معظم الحدود الدولية، وحدود تعترف بها بعض الدول فقط، وبخاصة الدول المجاورة، وهي قسمان: حدود تغيرت مواضعها، ولكن لم يتغير وضعها القانوني مثل بعض الحدود، وفي أوروبا الشرقية، وحدود تعترف بها بعض الدول من الناحية القانونية، وتعدها حدوداً لا تزال قائمة مثل حدود دويلات البلطيق بالنسبة للولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن الحدود الدولية تستند إلى أساس شرعي وقانوني، إلا أنه قد يصادف أن بعض الدول لا تعترف بشرعيتها، وتدعي بخط حدود مغاير، ومن هنا تبدأ النزاعات الحدودية التي يتطلب حلها مراعاة الواقع الجغرافي، والسكاني، والحقائق التاريخية عند تخطيطها بحيث نصل إلى أعلى قدر من الاتفاق، ورضا الأطراف، وأقل ما يمكن من أسباب التوتر الكامنة في حالة تعذر تجاوزها نهائياً.
ومع تقديرنا وإدراكنا لصعوبة تحقيق ذلك، إلا أن من شأن التعاون، وعلاقات حسن الجوار، وترسيخ الثقة المتبادلة، والاطمئنان لنوايا كل طرف للطرف الآخر، أن يساعد للتوصل لترسيم للحدود يرضى عنه جميع الأطراف، وإن تباينت درجات الرضى من دولة لأخرى.
وعلى الرغم من أهمية الاتفاقيات الدولية في تعيين وترسيم الحدود الدولية، إلا أنه لا يمكن أم تنكر أهمية القوة، والعلاقات السياسية في الحفاظ على أمن وحرمة الحدود الدولية، وعليه فإنه إذا ما كانت الحدود ترسي، وتدعم الوضع القانوني للحدود فإن القوة ضرورية لثباتها، واستمرارها.
يعتقد بعض الجغرافيين السياسيين، بأن أفضل تخطيط للحدود للفصل بين الدول المتباينة في نظمها، وحضارتها، وتركيبها الأنثروبولوجي، هو الذي يتماشى مع الواقع الطوبوغرافي الذي يشكل حداً فاصلاً في أحيان كثيرة، وهذه تسمى بالحدود الطبيعية.
إن اتفاقيات الحدود الدولية هي الأساس الشرعي، والقانوني للاعتراف المتبادل بين الدول من رسم، وتخطيط الحدود الدولية بينهما، وعلى الرغم من القوة القانونية، والشرعية لاتفاقيات الحدود إلا أن الحدود الدولية، واحترام حرمتها تبقى مرهونة بالعلاقات بين الدول التي تتحكم فيها محددات كثيرة غير اتفاقيات الحدود، وعلى رأسها القوة اللازمة لحفظ تلك الحدود، وحسن إدارة العلاقات الإقليمية، والدولية.