الرئيسية / الأخبار / فلسطين
منى منصور: امرأة حديدية من طراز خاص
تاريخ النشر: الثلاثاء 10/02/2015 11:32
منى منصور: امرأة حديدية من طراز خاص
منى منصور: امرأة حديدية من طراز خاص

 إعداد: حياة أنور دوابشة

                                                                                                               

باسمة المحيا، بمنديلها ناصع البياض وبذكرها المتكرر لله ودعائها ليلتئم جرح هذا الوطن، تود لو أن الحديث معها يدوم ويدوم، شخصية عاشرت بداية البدايات وقابلت أسماءً قدمت نفسها فداء لتراب هذا الوطن ودفاعاً عن مقدساته، شخصية لو التقيتها عام 1982 لرأيتها تذرع أروقة جامعة النجاح الوطنية حمل هم وطن لم تتخيل أنها ستدعمه كما فعلت، وتوزع كتباً يخشى آخرون من توزيعها بحكم محتواها.

النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني منى سليم منصور، من مواليد مدينة نابلس عام 1961م، زوجة الشهيد القيادي في حركة حماس جمال منصور، أمٌ تحتضن عائلة من ثلاث فتيات وشابين>

 حصلت منى منصور على درجة البكالوريوس في الفيزياء من جامعة النجاح الوطنية عام 1985م. وشغلت مناصب عديدة فكانت مدرسة في كلية المجتمع الإسلامي في الزرقاء، وعملت كمدرسة في مدارس محافظة نابلس لأكثر من ثماني سنوات.

 يعرف الجميع مدى نشاط منصور في مجال العمل النسوي وشؤون المرأة، وهي عضو في الهيئة الإدارية لمركز جذور الثقافي في نابلس وعضو في الهيئة العامة لجمعية الاتحاد النسائي، كما أنها عضو في الهيئة العامة لجمعية التضامن الخيرية والإسلامية ومن المؤسسين للمنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين.

في أكناف النجاح

تتحدث منى منصور عن حياتها الجامعية وتقول" التحقت في جامعة النجاح الوطنية وأخذت على عاتقي التنقل بين ألوان الفصائل الكثيرة أحاور بعضها، أتفق مع البعض وأختلف أحياناً وكنت أبحث عن ما أراه صحيحاً حتى وجدت الاتجاه الإسلامي، وفي ذلك الوقت لم أكن أرتدي الحجاب حتى ولم يخطر ببالي ولا ببال عائلتي أني سوف أصبح جزءاً من هذا الاتجاه".

تتذكر منى منصور يوم ارتدائها للحجاب وبابتسامة جميلة تروي " ارتديت الحجاب أنا و5 من زميلاتي" وتستغرق كثيراً من الوقت وهي تبتسم ليبدو أنها كانت أجمل لحظات حياتها ولتبدو ممتنة لتلك الأيام وتستذكر كذلك تهنئة الشهيد جمال منصور لها ولزميلاتها في ذلك الوقت حيث كان جمال منصور ذلك الشخص القائد منذ ريعان شبابه.

تنحدر النائب في المجلس التشريعي من عائلة منفتحة إلى حد ما وكان غريباً عليهم كما يبدو أن ترتدي ابنتهم الحجاب وأن تقرر لاحقاً أن ترتدي الجلباب، عدا عن ذلك قرارها بالالتحاق بالاتجاه الإسلامي عن قناعة بأنه هو الاتجاه الصحيح والذي سيضمن لها تقديم كل ما تستطيع فداءً لهذا الوطن.

اشتهرت منى منصور في أيام دراستها في جامعة النجاح بنشاط ومشاركات فاعلة واعتصامات كثيرة وقامت بفعاليات لبيع كتب كان من الصعب على أحد بما كان بيعها في ذلك الوقت نظراً لمضمونها، ولأن كل شيء يبدأ بفكرة، تستذكر وعلامات الفخر المتواضع بادية عليها مشروعاً صغيراً قامت به، تقول" كنت أمتلك سيارة في ذلك الوقت وقررت بيع كتب في ساحة الجامعة وهذا ما حدث كنت أشتريها بنفسي وأبيعها في الجامعة على أن تكون عائدات هذا المشروع البسيط للمسجد الموجود في الجامعة ولترميم حماماته وسرعان ما ارتفع عدد الطاولات التي انضمت إلي ممن أعرفهن من صديقاتي واللواتي أردن مشاركتي هذه الفكرة المتواضعة".

الزوجة والأم

كبرت منى الطالبة وكان لها أن تزوجت الشهيد جمال منصور بعد مناوشات بينها وبين العائلة تقول" كان مركز الشهيد في ذلك الوقت يثير الرعب في نفوس الكثيرين وأن تتزوج فتاة من عائلتي به كان شيئاً غير سهل، ولكنّي أخذت على عاتقي إقناع أبي بمدى مناسبته لي فرحت أعرض عليه بيانات كتبها الشهيد بيده وأسمعه محاضرات ألقاها حتى اقتنع وتم الزواج على أكمل وجه ".

تستكمل " كان زوجي في ذلك الوقت في أوج نشاطه وكثر اعتقاله ومطاردته حتى تم إبعاده إلى مرج الزهور عام 1992 وكانت تلك الأيام صعبة كثيرة وكانت ديوننا كثيرة أيضاً فقد تركت عملي ووكان راتب زوجي متواضعا، ولكن الدين لم يكن بالشيء، فبعد 10 سنوات عدت للعمل لكي أساعده وتمكنا من تجاوز المطب المادي".

هو مطب بسيط فمنى تكمل حديثها قائلة" كانت الاعتداءات التي تعرضنا لها واعتقالات زوجي المتكررة أمراً غير هين"، منى الزوجة كانت تتضرع ليلاً لكي يخرج زوجها من السجن وحدث مرة أن خرج في يوم محكمته وفوجئت بالجيران يخبرونها أن زوجها "أبا بكر" قد نزل من السيارة وعاد لبيته.

تضيف النائب في المجلس التشريعي" كان اعتقال زوجي صعباً حتى أن أولاده ولدوا في فترة غيابه تلك الفترة التي كان يخرج من السجن وسرعان ما يعود إليه مرة أخرى وعندما أبعد لمرج الزهور ازدادت هذه المعاناة".

منى الإنسانة لا تستسلم وتصلح أن تلقب بالمرأة الحديدية في تلك الأيام ذهبت منى إلى عائلات المبعدين وأخذت على عاتقها تسجيل أصواتهم على شريط كاست بعثت به للمبعدين في مرج الزهور، وكم كان إنجازاً جميلاً من امرأة تقاسم هذه العائلات معاناتهم وتتجرع معاناة أيضاً ولكنها اختارت الصمود والصبر والجلد.

هذه الزوجة حرصت كل الحرص على أن تكمل واجباتها كزوجة وتوقعت الكثير وصبرت على الاعتقالات من قبل الاحتلال ومن قبل السلطة الفلسطينية والاعتداءات والإبعاد حتى جاء موعد الشهادة يوم أن استشهد جمال منصور بتاريخ 31/7/2001 .

كان للحزن باب ولكن الهدف طغى عليه وحدث أن أكملت الزوجة طريق الشهيد والتحقت بانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 .

تقول منى منصور" لم تتوقف الاعتداءات بحقي يوماً فقد اعتدي على مكتبها مرات عديدة وأطلق عليه النار حوالي سبع مرات وداهمته الأجهزة الأمنية ، كما أن ملاحقاتي بالسيارة كانت أمراً اعتيادياً وصولاً إلى الاعتداء علي وعلى أعضاء المجلس التشريعي بالزجاج والحجارة وغيرها".

النائب منى

تروي النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني منى منصور" وصل بهم الأمر أن اعتدوا على مكتبي في عمارة العالول وأحرقوه ومنعت من السفر ومازلت منذ عام 2009 رغم إنجازاتي الكثيرة فقد كنت أزور بلداناً كثيرة أتحدث فيها بمحاضرات لا بغرض الزيارات الترفيهية البرلمانية كما يقولون فقد كنت في اليوم الواحد أقدم 4 محاضرات أتحدث فيها عن القضية الفلسطينية وأحسن صورة حماس في أذهان الجمهور بعد تشويهها من قبل كثيرين".

تتطرق إلى منصبها الحالي وتذكر حجم المأساة التي تعانيها، تقول" المجلس التشريعي غير مفعّل وهذه وصمة عار علينا، ووضع المجلس مخزٍ للغاية، فبعد اتفاق الشاطئ كان لابد من تفعيل المجلس فوراً ولكن أياً من هذا لم يحدث".

ترى النائب منى بأن الحكومة غير معنية بتفعيل المجلس التشريعي فهو يعتبر أعلى سلطة في فلسطين وبتعطيله فإنه لن يتم محاسبة السلطة التنفيذية ولن يقوم المجلس بدوره كمراقب، وهذا هو المطلوب فقد تشكلت حكومات غير قانونية كثيرة إن تم تفعيل المجلس التشريعي فسوف تلغى هذه الحكومات وقوانين كثيرة بقرارٍ منه، ولذلك لن يفعّل المجلس فهذا قرار لا يخدم الحكومة بأي حالٍ من الأحوال".

ينص اتفاق المصالحة الذي وقع عقد في مخيم الشاطئ بغزة في حزيران الماضي والذي شكلت على أساسه  حكومة الوفاق الوطني على أن يدعو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لجلسة للمجلس التشريعي بعد تشكيل الحكومة إلا أن ذلك لم يتم.

يذكر أن المجلس التشريعي لم يعقد جلسة مشتركة منذ بدء الانقسام عام 2007، غير أن  كتلة التغيير والإصلاح عقدته بتوكيلات النواب المعتقلين لدى الاحتلال لاكتمال النصاب وذلك في مقره بغزة بسبب إغلاق السلطة لمقره في الضفة الغربية.

تقول النائب منى منصور" أولئك الذين ساعدونا في الوصول إلى هذا المنصب والمركز لا نراهم اليوم، والمجلس التشريعي في وضع حرج للغاية لكننا نقوم بواجباتنا بكل ما نملك من جهد".

اتفاق الشاطئ وتفعيل المجلس سيؤدي إلى إلغاء قرار الاعتقال السياسي أو هذا ما هو متوقع وسيساعد النواب المعتقلين من المجلس التشريعي الذين لا يألون جهداً في خدمة وطنهم وضحوا بالكثير من أجله.

وعن رأيها بحماس اليوم تقول النائب منى منصور" حماس الأمس كانت قوة يهابها الجميع لكن اليوم قوتها تتركز في قطاع غزة وقد طلب منا أن نركع ونقول بأن خيار الشعب الوحيد نحو الوصول إلى التحرر هو المفاوضات ونزع السلاح والاستغناء عن خيار المقاومة لكنّا رفضنا".

تضيف النائب منى" شعب محتل أطيافه كلها تحمل كلمة التحرير،  كل الفصائل تعلم أن التحرير لا يأتي إلا بالشعار الخاص بها، شعار البندقية، لكنهم اليوم أسقطوا البندقية بعد أن كانت مرفوعة واستبدلوها بعلامة السلام والمفاوضات".

ترى النائب منى بأن قضية فلسطين هي قضية العالم بأكمله وأنها لن تتحرر إلا بوحدة الصف، والذي إن اعتمد خيار الكفاح المسلح فسينتصر ولو حدث لانتهى الاحتلال منذ زمن، وتعلم هي أن هذا الاحتلال سيزول يوماً بهمة المواطنين وهمة من يحملون أرواحهم على أكفهم، فشعب لا يهاب الموت سينتصر على شعب حريص على الحياة.

هي طالبة اختارت الاتجاه الذي ترى فيه كل الحق، زوجة حملت القضية مع زوجها حتى استشهد وما وهنت، ومعتقلة سياسية وأمٌ ونائب وامرأة أقل ما يقال بحقها أنها امرأة حديدية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017