اقترب مني بهدوء، كان يحمل بيده ورقه مغلقة، مدّها اليّ دون ان يتفوّه بحرف، كلمات لم استطع قراءتها، الا انني علمت بأنه تقرير طبّي مهترئ مختوم بختم المستشفى.

" انا بدفع 4000 شيكل كل شهر عشان اتعالج"، هكذا بدأ محمد خليل صالح حشاش ابن ال25 عاما من مدينة نابلس في مخيم بلاطة تفسيره لطلاسم الورقة الصغيرة، عيناه تائهتان في الارض خجلا لكن الحاجة ارغمته على التسوّل ومدّ يده للغريب.

يقول محمد " منذ ان كنت في ال14 من العمر، وقعت على حافة صخرة اثناء هربي من اشتباكات مسلّحة وقعت في المخيم، ومنذ تلك اللحظة وانا اعاني من تشنجات في رأسي و شحنات كهربائية زائدة تسببت لي بالصرع كل فترة" و يضيف " انا أب لطفلين، عمر و معاذ لم يتجاوزا ال3 اعوام، متطلباتهم كثيرة، وانا اقسم بأنني سأعود الى المنزل دون ان اجد لهم ولزوجتي ما يأكلونه، قد يمر عليّ يومين و ثلاثة دون طعام".

انت بتشتغل يا محمد؟

مع ابتسامة شقّت ثغره المهموم "لو كنت استطيع العمل لما كنت وجدتني هنا، تارة اُطرد، وتارة اجد من يتعاطف معي بشيكل او اثنين" و يتابع " انا لم اكمل دراستي، وتوقفت عند الصف الثاني، لا املك شهادة ادافع بها عن نفسي الان، قدمت طلب للعمل في البلديات كعامل نظافة، ولكن مرضي يمنعني من القيام بأي مجهود".

" لا معيل لأسرتي ابدا، توفّيت امي منذ فترة طويلة، و أبي هاجر و تزوج بأخرى، نعتاش من أهل الخير على الصدقات، أما الشؤون الاجتماعية و الزكاة و الوكالة لم اترك باباً الا وطرقته لكن دون فائدة، ولم اكن بالنسبة اليهم حاله تحتاج المساعدة".

يحاول محمد الان ايجاد عمل كحارس في اي مؤسسة او عمارة فهو الشيء الوحيد الذي يمكن ان ينتشل حاله السيء الى افضل، و ينقذ عائلته من الجوع .

حكايات مؤلمة نسمعها كل يوم تنخر في اجسادنا حزنا، محمد حشاش واحد من مئات القصص الخفية التي لا نعلم عنها الا بالصدفة رغم انها قريبة منّا جدا، ولو ان كل واحد منا زال الغباش عن عينيه و بحث عن عائلة واحدة و تبنّاها بأبسط أساسيات الحياة كالطعام و الشراب لما كنّا وصلنا الى هذا الحال من القهر و الجوع و التردّي في الاحوال الاقتصادية و الاجتماعية.

لتقديم أي مساعدة يرجى الاتصال على الرقم التالي :

0597338832