الرئيسية / الأخبار / فلسطين
سليمان أبو محسن: شهيد وأسير وجندي مجهول!
تاريخ النشر: الأحد 15/02/2015 19:17
سليمان أبو محسن: شهيد وأسير وجندي مجهول!
سليمان أبو محسن: شهيد وأسير وجندي مجهول!

 طوباس: وثقت الحلقة الثالثة والعشرون من سلسلة "كواكب لا تغيب" لوزارة الإعلام والاتحاد العام للمرأة حكاية الشهيد سليمان إسماعيل أبو محسن، الذي  رحل قبل 35 عاماً، بعد وقت قصير من إطلاق سراحه من سجون الاحتلال.

تروي ابنته منى بصوت منهك: لا أنسى يوم 26 كانون الأول عام 1978، حين سقط والدي، الذي تنقل بين معتقلات المسكوبية والخليل وجنين. فبعد خروجه من السجن نقلناه إلى مستشفيات نابلس، وكان يعاني أوجاعًا في يديه ورجليه، وأخبرنا الأطباء أن شرايينه تقطعت بشكل متعمد، وبدأت صحته تتدهور بسرعة.
وصف
تقول: كان والدي طويل القامة، أسمر البشرة، وعيونه واسعة، وقوي البنية، وعرفه الناس بشجاعته، وكان من رجال الإصلاح والريادة.
وتعرض أبو محسن للاعتقال عدة مرات، وبفترات مختلفة، وأمضى في سجن جنين تسعة أشهر، قبل أن يتعرض لانتكاسة صحية، ويسقط بعدها بمرض لم يتمكن الأطباء من علاجه.
تكونت عائلة أبو محسن من ثلاثة أخوة ومثلهم من الأخوات، وتعرض الوالد للمطاردة من جيش الاحتلال لفترات عديدة، وكان يتنقل في مهامه التنظيمية بين ضفتي النهر, فيما عمل مزارعاً في قرية أبو عنيز على نهر الأردن، التي تعرضت للتدمير خلال نكسة عام 1967.
تكمل وهي تحمل صورة لوالدها: درس أبي حتى الصف الخامس الابتدائي، وعرف بتفوقه بين زملائه، لكنه لم يكمل تعليمه، واتجه نحو الأرض، وانضم في سنوات مبكرة إلى صفوف المقاومة.
مما تحفظه الابنة، أن الأهالي كانوا يخافون زيارة لتهنئته بعد إطلاق سراحه؛ خشية من  تنكيل الاحتلال بهم، وهو أمر كان شائعًا بين الناس، بعد وقت قصير من النكسة.
تقول منى، التي أبصرت النور عام 1948: نال والدي محبة الناس، وكان يصلح بينهم، ولم يخاصم أحداً، لكنه كان كتومًا، وصاحب سر عميق، ولم يعرف أحداً تفاصيل نشاطه في المقاومة.
لا تسقط من ذاكرة أبو محسن تفاصيل علاقتها المتينة مع والدها، وبخاصة حين كان يزورها ويداعب أطفالها، ويحرص على رسم الفرح على وجوههم.
وجع
تتابع: كنت أزور والدي دائماً في المستشفى، وكان قليل الكلام وكثير الوجع، لكن لم نشعر بضعفه أمامنا، وظل كتوماً لأسراره. ولا أنسى يوم استشهاده، ففي الصباح تعب كثيراً وبعد وقت قصير من مغادرته للمستشفى، ولم أنتظر أن أمشي في الطريق الرسمي الذي يوصلني من بيتي إليه، فبحث عن طرق قصيرة من بين منازل الجيران، إلى أن وصلت إليه، ووجد وجهه مصفراً، ويتألم من صدره، فسألته عن سبب وجعه، وهل غضب من أحد منا، فلم يرد، وحضر الطبيب عوض، وسأله عن تناوله للدواء ومواعيده، وقبل أن يغادر أعطاني والدي إشارة أن أحضر المال  للطبيب بدل زيارته، ولم تمر إلا لحظات، حتى غادر والدي الدنيا.
كررت العائلة إطلاق اسم سليمان على أبنائها، وصار اليوم لديها المهندس والجامعي، لكن الابنة منى تقول إن أحداً منهم لا يشبه سليمان الأول.
جندي مجهول
يقول فواز أبو دواس، أحد أبناء طوباس: كنت في الثامنة عشرة، حين اعتاد جدي علي -رحمه الله- يصطحبني خلال زيارته لابن خالته الراحل سليمان أبو محسن، وتعلق في ذهني بنيته القوية، وما عرف عنه من سمعة طيبة، ولحظات حياته الأخيرة، بعد إطلاق سراحه، حين أفرج الاحتلال عنه بحالة صحية صعبة.
يضيف: وقتها، كان الناس يخافون زيارة الأسرى المفرج عنهم، ويجنبون الاحتكاك بهم؛ خشية تعرضهم للملاحقة والاعتقال. والمفارقة، أن كثيرين يجهلون قصة الشهيد أبو محسن، الذي لم يأخذ حقه في التوثيق، وظل الجندي المجهول، في وقت كانت تختفي منه وسائل الاتصال السريعة قياسًا بما نشهده هذه الأيام.
روايات إنسانية
بدوره، ذكر منسق وزارة الإعلام في طوباس والأغوار الشمالية، عبد الباسط خلف أن "كواكب لا تغيب" الذي يختتم الشهر الماضي سنته الثانية، نقل 35 قصة لشهداء الحرية الذين سقطوا خلال انتفاضة الحجارة عام 1987 وما سبقها، في طوباس وطمون وعقابا ومخيم الفارعة وتياسير.
وأضاف أن السلسة تهدف لإعادة كتابة حكايات الشهداء بقالب إنساني مؤثر، مثلما تعكف في عامها الثالث على جمع مقتنيات الشهداء ضمن معرض مفتوح، بالشراكة مع مؤسسات رسمية بالمحافظة.

المزيد من الصور
سليمان أبو محسن: شهيد وأسير وجندي مجهول!
سليمان أبو محسن: شهيد وأسير وجندي مجهول!
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017