أصدر مركز التعليم البيئي/ الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، ورقة حقائق لمناسبة موسم هجرة الطيور الربيعية، والذي ينطلق في الخامس عشر من شباط كل عام.
وأكدت الورقة وجود ما يقارب 530 نوعاً من الطيور في فلسطين التاريخية، فيما يزيد عدد الطيور في (الضفة الغربية وقطاع غزة) حالياً عن 347 نوعاً.
وأشارت إلى أن أسراب الطيور التي تقطع مسافات طويلة في طرق هجرتها الربيعية هذه الأيام، وتبحث عن موائل مؤقتة في بلادنا؛ للراحة والغذاء قبل أن تواصل مسيرتها، توفر فرصة جديدة للتمتع بجماليتها، والتعرف على عالمها، ومراقبتها، في وقت ينهب الاحتلال كل ما هو فلسطيني، ويهود الأرض والشجر والحجر، مثلما يفعل هذه الأيام بزهرة شقائق النعمان، التي نسبها إلى نفسه!
وأضافت الورقة، إن نشر مفاهيم مراقبة الطيور وتحجيلها له أبعاد مختلفة، ويحمل قيمًا بيئية، ويحتاج إلى جهد كبير، لرفع مستويات الوعي حول المخاطر التي تتعرض طريق هجرتها من تدمير، وصيد الجائر، وتلوث وتداعيات تغير مناخي. عدا عن تطوير القوانين الفلسطينية التي تحمي هذه الطيور خاصة المهددة بالانقراض.
علم وليس ترفًا
وبينت الورقة أن دراسة الطيور ومراقبتها، علم بذاته وليست ترفاً، وبخاصة في بلادنا التي تواجه تحديات جراء الاحتلال وإفرازاته، وما تعانيه من تحديات عديدة.
وأوضحت أن اختفاء أسراب الطيور المهاجرة، يطرح العديد من التساؤلات حول تدمير النظام البيئي، والعبث بتوازنه، وقتل الكثير من الأعداء الطبيعية للآفات الزراعية، بفعل الاستخدام المفرط للكيماويات السامة، وما يمثله ذلك من تهديد للتنوع الحيوي وعناصره.
وأضافت: تُقسم طيور فلسطين إلى خمس مجموعات هي : المقيمة (المستوطنة)، والزائرة الصيفية، والمهاجرة، والزائرة الشتوية، والمشردة.
وقدمت معطيات سريعة حول كل مجموعة. وقالت إنه بوسع الباحثين والمعنيين والمهتمين بالاستزادة، أو التعمق في الأسماء العلمية، واللاتينية، والرتب، والعائلات، وغيرها، الرجوع إلى كتاب (طيور فلسطين) المكون من جزأين الذي أصدره الباحث والمدير التنفيذي للمركز سيمون عوض قبل ست سنوات.
تصنيفات
وقالت: تتواجد الطيور المقيمة على مدار العام، وتُفرخ وتتكاثر وترعى صغارها ضمن البيئات المختلفة في فلسطين، كالعصفور الدوري (البلدي)، والغراب الأبقع، وعصفور الشمس الفلسطيني. وتتوزع هذه الطيور بين الشائعة كالبلبل أصفر العجز، والنادرة جداً كحال النسر المُلتحي. وتنتقل بعض أنواعها من منطقة لأخرى في فلسطين، مثل الزرزور الأسود (السوادية)، إذ يمكن ملاحظة التغير في أعدادها من خلال مراقبتها في مناطق تواجدها. فيما يستقر البعض الأخر في منطقة محددة، كشأن البومة النسارية. وتشمل الكثير من الطيور الاجتماعية، التي تعيش ضمن مجموعات على مدار السنة، كشأن الحمام الجبلي. وتشكل هذه المجموعة 20% من طيور فلسطين، وثمة أنواع تكون خليطة ما بين المقيمة والموسمية، ولا يمكن ملاحظة هذا إلا بمراقبة التغير في أعداد هذه الأنواع، وأماكن تفريخها.
وتابعت الورقة: أما الطيور الزائرة الصيفية، فتمكث بين شهري شباط وأيلول، بعضها يصل يافعاً ويمكث في فلسطين حتى يكمل سن البلوغ، ثم يعود لموطنه الأصلي للتكاثر. وبعضها الآخر يُفرّخ ويتكاثر ويرعى صغاره في بلادنا. ومعظم هذه الطيور تصلنا من القارة الأفريقية، وشبه القارة الهندية. وتبدأ هذه الأنواع بالعودة إلى فلسطين من مواطن قضاء شتائها بداية شباط، فمثلاً تعود السمامة العادية في بداية شباط لتبني أعشاشها، أما الرخمة المصرية فتبدأ بالقدوم منتصف شباط، وعموماً فإن معظم الطيور الزائرة صيفاً تأتي في آذار.
ومضت: أما مجموعة الطيور المهاجرة فتعبر فلسطين خلال الهجرة الخريفية و(أو) الربيعية. فبعضها يعبر بلادنا بسرعة، والآخر يستريح فيها أثناء الهجرة عدة أيام أو أسابيع، وبعض أنواعها يهاجر ليلاً، وقسم منها يختار النهار للهجرة. والسبب الرئيس لكثرة الأعداد والأنواع في الطيور المهاجرة عبر فلسطين، موقعها الجغرافي الحيوي بين القارات الثلاث، ووقوعها في منتصف طريق هجرة الطيور.
وقالت: إن من أهم مسارات هجرة الطيور في فلسطين هي المناطق الواقعة ضمن حفرة الانهدام وهي مناطق الاغوار واريحا الذي تم دراستها من قبل طاقم باحثي المركز خلال انشاء محطات مراقبة وتحجيل في هذه المناطق.
وأضافت الورقة: يأتي القسم الأكبر من الطيور المهاجرة من أوروبا، وكذلك من وسط آسيا وغربها، وتقضي الشتاء في أفريقيا. وهذه الطيور تعبر فلسطين وتختار خطوط هجرة مختلفة خلال هجرتي الخريف والربيع. ويُلاحظ بعضها بأعداد أكبر خلال الخريف مثل النكّات (السّياف)، فيما يُشاهد البعض الآخر بأعداد أكبر خلال الهجرة الربيعية كاللقلق الأبيض، الذي يعتبر من أكثر الطيور المهاجرة مشاهدة خلال الربيع، وتشاهد منه أسراب مُحلقة بالمئات أو بالآلاف مستخدمة تيارات الهواء الساخن، متجهة شمالاً، أو وهي تهبط للطعام والراحة. كما أن العديد من الطيور الجارحة تحلق فوق فلسطين، في خطوط هجرة محددة، وأكثرها عدداً حوّام النحل، إذ تم تسجيل نصف مليون طائر منه في سنة واحدة!
وتتميز 90% من هذه الطيور، بأن عبورها عادة يكون أقصر في الربيع منه في الخريف؛ بسبب الاندفاع القوي للطيور للوصول إلى مناطق تفريخها بأسرع وقت ممكن، لتأسيس مناطق نفوذ، واستغلال الوقت الثمين بأقصر فرصة.
وحول الطيور الزائرة الشتوية، قالت الورقة، إنها التي تقصد فلسطين طلباً للدفء قادمة من أوروبا ووسط آسيا وشمالها، حيث تقضي فترة الشتاء، وتغادر عند نهايته. وتبدأ أفواج هذه الطيور بالوصول نهاية أيلول، وتستقر خلال كانون الأول وكانون الثاني. ويلعب تنوع بيئات فلسطين دوراً كبيراً لوجود أنواع زائرة شتوية، وبخاصة في المناطق الرطبة.
وتبان هذه الأنواع وتختفي بطريقة غريبة وخفية ومميزة، فمثلاً بعض الطيور تبان فور سقوط الأمطار، وكأنها تأتي مع زخات المطر الأولى، مثل الذعرة البيضاء (الكركزان أو القوقزان).
وتابعت: تحتاج 90% من هذه الطيور إلى نحو ستة أسابيع للوصول إلى مناطق قضاء شتائها، بينما 90% منها تغادر بين عشية وضحاها نهاية فترة الشتاء. وتختلط بعض أنواعها مع أعداد كثيرة من النوع المقيم نفسه في بلادنا،.
ووفق الورقة، فإن الطيور المُشرّدة تظهر فجأة، وفي فترات غير منتظمة، وليس لها أوقات محددة للظهور او للاختفاء، ويُسجل ظهورها عدة مرات فقط. فيما تُشكل حوالي 25% من مجموع طيور فلسطين. وتلعب العوامل الجوية المتغيرة والفجائية، دورًا في انحراف الطيور عن مساراتها الطبيعية.
دعوات
وتضمنت الورقة دعوات للتعريف بالتنوع الفريد لفلسطين، وصيانة النظم البيئية والمحافظة عليها من التخريب، والاعتناء بموائل الطيور، وحماية الأنواع المهددة بالانقراض، ومحاربة الصيد الجائر، وحظر الاتجار بالحيوانات البرية، وإنشاء قاعدة معلومات للتوثيق، وبناء إستراتيجية وطنية لحماية التنوع الحيوي، والإعلان عن الأنواع المهددة بالانقراض، وصون المناطق المهمة للطيور، وسن تشريعات وتفعيل القوانين السارية لحماية التنوع الحيوي. والالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة، والمساهمة في تطور متحف التاريخ الطبيعي لفلسطين التابع للمركز، بجانب البدء بتطوير الوعي البيئي في كل المجالات.
ودعا "التعليم البيئي" مجلس الوزراء للإعلان عن عصفور الشمس طائرًا وطنيًا لفلسطين، واعتبار شقائق النعمان الزهرة لوطنية، وهي نداءات أطلقها المركز قبل سنوات، وتضمنتها أجندته المطبوعة العام الماضي؛ للحفاظ على تراثنا البيئي من التحريف.
وحث المركز وسائل الإعلام على توخي الدقة، وعدم نشر معلومات غير علمية أو موثقة حول الطيور ومراقبتها وتحجيلها، من هواة أو غير متخصصين في عالم الطيور.
واختتمت الورقة بالتذكير في الأسابيع الوطنية لمراقبة الطيور وتحجيلها التي نظمها المركز بالتعاون مع سلطة جودة البيئية، خلال أربع مواسم ويستعد لإطلاق الأسبوع الخامس ضمن فعاليات يوم البيئة الفلسطيني، الذي يصادف في الخامس من آذار.