لم أتمالك نفسي وأنا أقف بخشوع تام أمام حضرة أضرحة شهداء الجيش العراقي الباسل في مقبرة شهداء ذاك الجيش والتي تقع إلى الشرق من مدينة نابلس قرب مخيم عسكر للاجئين الفلسطينيين..فسبقت دموعي لساني في التعبير عن فخر رفعني إلى عنان السماء وخصوصا وأنا أقرأ على شواهد تلك الأضرحة أسماء من عائلات عربية معروفة في العراق بولائها لقضايا العروبة وعلى رأسها قضية العرب المركزية فلسطين المحتلة..وشواهد قبور أخرى سجل على شواهدها مجهول من العراق ولكنه بالنسبة ألينا معروف لأنه يكفي أن يكون من العراق..وقد جاءت زيارتي لتلك الأضرحة مع وفد من نشطاء المقاومة الفلسطينية يمثلون مختلف الفصائل الفلسطينية في محافظة نابلس...وكنا قبل ذلك مررنا بضريح الجندي الأردني الشهيد والمدفون في الجهة الغربية من مدينة نابلس بالقرب من مخيم عين الماء ,وكذلك أضرحة الشهداء السوريين والتي لا تبعد كثيرا عن مقبرة شهداء الجيش العراقي إلى الشرق قليلا بالقرب من بلدة بيت فوريك حيث قرأنا الفاتحة على أرواح الشهداء جميعا..وهنا أشير أن تلك الزيارات لم تكن وليدة الصدفة بل كانت مناسبة عظيمة لأحياء الذكرى السابعة لاستشهاد فارس القومية العربية (صدام حسين).
ما دفعني للكتابة عن تلك الزيارات لأضرحة الشهداء العرب في هذه الأثناء هومشاركتي في تشييع جثمان الشهيد الأردني الفلسطيني الأصل (رائد زعيتر)القا ضي في محكمة بداية عمان والتي جرت مراسمها في شوارع مدينة نابلس حيث سجي جسده الطاهر إلى مثواه الأخير في المقبرة الغربية للمدينة..وكنت حينها أقف على بعد أمتار قليلة من السفير الأردني لدى السلطة الفلسطينية وطاقم سفارته المرافق له في التشييع..لقد تركت تلك الوقفة أثرا عميقا وعظيما في نفوسنا عن المعاني الحقيقية للأخوة العربية ,وذكرتنا بنبل المناضلين العرب اللذين ضحوا بكل شيء في سبيل الحرية وكرامة الإنسان العربي ..وتعزيزا لقدسية الأراضي الفلسطينية وأقصاها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
نعم وأمام تلك المشاهد ونحن نقف بخشوع أمام أضرحة الشهداء العرب من العراق والأردن وسوريا والمسجاة جثامينهم الطاهرة على الأرض الفلسطينية المحتلة..تلك الوقفة والمشاهد التي جسدت بالدليل القاطع المعاني القومية العربية النبيلة ووحدة المصير العربي المشترك..ومثلت أمال وتطلعات الجماهير العربية قاطبة في الحرية والانعتاق من نير الاحتلال والاستبداد والهيمنة الاستعمارية ..وكذلك الاستغلال والإقطاع.. والرفض المطلق لواقع التجزئة والشرذمة والتخلف وكل ما يعيق نهوض الأمة وتقدمها ورقيها وصولا لموقع الريادة بين الأمم وهو المكان الطبيعي الذي يليق بأمة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام..أمة أبا بكر الصديق وعائشة أم المؤمنين وعلي وعمر وعثمان..وكذلك سعد والزبير والقعقاع والحجاج والمهلب ابن صفرة..أمة المعتصم ونور الدين وصلاح..وعمر المختار وجمال عبد الناصر وصدام ..والياسر وابوعلي والياسين.وأمة الحضارات والبطولات.
يقينا إن امة بهذه القائمة الطويلة من العظماء والأبطال والشهداء الإبرار..فيها موطن الأنبياء والرسل ..وفيها مهد الرسالات السماوية ومنبع الحضارات الإنسانية ..أمة كهذه أمة حية لا تموت وان أصابها الوهن والضعف لا بد ستنهض يوما من كبوتها لتذيق أعدائها مّر الكؤوس وشر الهزائم..ولا بد من عودة لمجد الأمة وشروق جديد يضيء دروب العالمين بنور الرسالة الخالدة.
بقلم:ثائر حنني
بيت فوريك-فلسطين
آذار-2014