نابلس من ملاك عويسي
يُعد جبل عيبال اعلى قمة في سلسلة جبال نابلس الممتدة من الناصرة الى مشارف القدس يقع شمال مدينة نابلس وترتفع قمتّه المنبسطة ٩٥٠ متر فوق سطح البحر، فهو يشرف على المنطقة بأسرها حيث يستطيع ان يرى المُطل من الجبل جبال لبنان والسلط والكرمل بالاضافة وادي الأردن والساحل الغربي على البحر الأبيض المتوسط.
هذا الموقع الاستراتيجي جعل من الجبل محطاً سياسياً للاحتلال الاسرائيلي محاولاً ضمّه وسلبه لِربط المستوطنات ببعضها البعض وعزل مدينة نابلس عن باقي المُدن عبر اقامة مستوطنة على جبل عيبال ضمن خطة حكومية استيطانية ساعياً في ذلك استخدامها كنقطة وصل بين مستوطنات شمال الضفة مثل مستوطنتي “ألون موريه” و”براخا”.

الاهمية الجغرافية والدينيّة
لا تُعد هذه المرة الاولى التي يصرّح فيها الاحتلال بتهّويد جبل عيبال، ففي السابق تعهد وزير الاسكان في حكومة الاحتلال الاسرائيلي اوري ارئيل بفتح منطقة جبل عيبال لحركة تنقل المستعمرين، وتحويله الى منتجع سياحي بدعوى أنه مكان "ديني مقدس"، وفقاً للرواية الاسرائيلية فإن جبل عيبال يحوي مقام "يوشع بن نون" ويعتبرونه موقعاً دينياً يجب الوصول إليه لاقامه صلوات والشعائر تلموديّة.

في اطار التحّركات السريعة للسيطرة على جبل عيبال
قال صلاح الخواجا مساعد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان: إعلانهم الرسمي عن إقامة مستوطنة على جبل عيبال لم يكن خطوة عشوائية، بل هو امتداد لسلسلة من الاعتداءات المنهجية التي استهدفت مؤخرًا المناطق المصنفة (ب)، في محاولة واضحة لتجاوز اتفاق أوسلو وتفكيك خريطته.

واوضح خواجا: أن اختيار الجبل جاء بناءً على موقعه الجغرافي المرتفع، ما يمنح الاحتلال سيطرة بصرية على أغلب مناطق شمال الضفة، ويُسهّل عمليات الربط بين المستوطنات المحيطة. "الهدف ليس فقط بناء مستوطنة، بل تعزيز الكتل الاستيطانية وربطها كأصابع تخترق الجغرافيا الفلسطينية وتُفكك تماسكها".

الخطة الاوسع.
تأتي هذه الخطوة ضمن الخطّة الشاملة التي صادق عليها مجلس الوزراء الاسرائيلي لانشاء ٢٢ مستوطنة في مناطق مختلفة في الضفة الغربية بحسب حركة "السلام الان" الاسرائيلية المتخصصة في مراقبة النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أشارت الحركة إلى أن 12 من المستوطنات، من بين الـ 22 مستوطنة التي قررتها حكومة الاحتلال، هي بؤر استيطانية ومزارع غير قانونية أقيمت في السنوات الأخيرة وسيتم تصنيفها كمستوطنات، وأضافت الى انه بدأت عملية تأهيل7 بؤر استيطانية غير قانونية للاعتراف بها كـ"أحياء" للمستوطنات القائمة.

قال محمود الصيّفي مدير مركز ابحاث الاراضي في نابلس: مستوطنة جبل عيبال هي ضمن المخطط الذي صادق عليه المجلس الاسرائيلي، والذي يهدف من خلاله منع قيام دولة فلسطينيّة واستيلاء على الاراضي، فإقامة هذه المستوطنة في جبل عيبال ستسيطر على جميع مناطق في قرية عصيرة الشمالية، بالاضافة الى حِصار الجُغرافيا الفلسطينية من خلال حصار التجمّعات الفلسطينية وتقطيع اوصالها سواء القرى او المدن، والهدف الاكبر لاقامة هذه المستوطنة هو حماية المستوطنات الكبيرة من خلال ربط مكانتهم الجغرافية ببعض.

واضاف الصيّفي: اصبح الاستيطان في محافظة نابلس احداث يوميّة، والتوسع الاستيطاني هو توسّع حاصل مثل قرية دوما التي اصبحت قرية معّزولة ومرشحة ضمن خطة الضمّ، وقرية قُصرة التي تعاني منذ سابع من اكتوبر من اكثر من ١٠ بؤر استيطانية اقيمت على ارضّها وما يرافق ذلك من سيطرة على اراضيها الزراعية، عدا عن اعتداءات المستوطنين على المُزارعين كما حصل في خربة طويّل وطانا اللتي سيطروا على ينابيع المياه واجبروا اهلها على الرحيل.

واشار الصيّفي: مدينة نابلس باتت محاصرة من سِت مستوطنات تعمل مثل سُوار لمنع تمدّد المدينة، في وقت يوجد بها ما يقارب ٧٠ بؤرة ومعسكر ومستوطنة تتوزع على محافظة تبلغ مساحتها ٦٠٠ الف دونم ، و ٤٤ ٪؜ من هذه المساحة هي مناطق مصنفة ضمن منطقة (ج).

الوجود اليهودي في نابلس
منذ بداية حرب السابع من اكتوبر ابتكر المستوطنين اسلوب جديد لتهجير التجمعات الفلسطينيّة عبر اقامة بؤر استيطانية غير قانونية منها ما هو المُقرر في محيط جبل عيبال بهدف اعادة رسم المشهد الديني والجغرافي اليهودي في المنطقة المتمثّل في الاقتحامات العدّة لقبر يوسف المصنف ضمن منطقة (أ) والخاضع تحت سيطرة السلطة الفلسطينيّة والذي يتخذّه المستوطنين مكاناً دينيا لاقامة احتفالاتهم وصلواتهم فيه، فقد شهدت مدينه نابلس في ٢٨ يونيو اقتحاماً واسعاً لقبر يوسف من قبل المستوطنين رافقه تأمين عسكري مكثّف، وبحسب صحيفة يدعوت احرنوت فإن الجيش الاسرائيلي يدرس اعادة الوجود الدائم في "قبر يوسف" بعد 25 عاماً من إخلائه ويزعم المستوطنين لخطة العودة اليه وإعادة فرض السيطرة التامة على القبر.