الرئيسية / منوعات / تكنولوجيا
الأطفال والتربية على وسائل التواصل الاجتماعي
تاريخ النشر: الثلاثاء 25/10/2016 07:40
الأطفال والتربية على وسائل التواصل الاجتماعي
الأطفال والتربية على وسائل التواصل الاجتماعي

 لأطفال والتربية على وسائل التواصل الاجتماعي

عبد الحكيم أبو جاموس

في هذه الأيام، بات أبناؤنا يستخدمون العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، من "فيسبوك" و"تويتر" و"واتس أب"، "وسناب شات"، وغيرها، بصورة وصلت إلى حدّ الإدمان، لا سيما عند فئة الفتيان والشباب. 

لا أحد ينكر أن هذه المواقع باتت لنا جميعاً، مهمّةً وضرورية، ووسيلةً للتعليم والتعلّم والتثقيف، وتبادل الأفكار والإبداعات، والتواصل، شريطة أن نستخدمها بالطريقة الأمثل، لأنّ عكس ذلك، يعني قائمةً طويلةً من السلبيّات، والمردود السيئ، والآثار التدميرية في بعض الأحيان، على هؤلاء الأطفال.

وبات لزاماً علينا، في ظل التغيّرات المتسارعة، التي نشهدها في عصرنا الرقمي الراهن، أن نلحق هذه التطورات، وبات قطاع التربية والتعليم، أكثر المطالبين بإدراك أهميتها ومخاطرها، وضرورة الانسجام مع روح العصر ومتغيّراته. ولكن في الوقت نفسه، يتطلّب الأمر منّا أن نستثمر هذا التطوّر، لتحقيق الأفضل دائماً، لا أن يجرفنا التيّار وتصبح هذه الوسائل بمثابة قطيعة بدل التواصل.
 

أخطاء إملائية قاتلة ولغة ركيكة
المراقب لبعض ما يُنشر على هذه المواقع، يحزن لرؤية الخطاب العامي السائد، والذي كثرت فيه الأخطاء الإملائية، وكتابة العربية العاميّة بأحرف انكليزية، وما بات يعرف بـ"العربيزي".
"
7.4% فقط من الذكور، يستخدمون اللغة العربية السليمة، أثناء تواصلهم على الفيسبوك، فيما لا تستخدمها الإناث مُطلقاً

"
عندها، نكون كمن خرج من عباءة التطوّر التكنولوجي بخُفّي حُنين، كما يقولون، ولم نُفلحْ في تحقيق الهدف المنشود، الرامي إلى تحقيق الجودة، وتحسين نوعيّة التعليم والتعلّم، وتحقيق الإبداع والابتكار، وإمعان الفكر والعقل، بدل الجنوح إلى التسلية الفارغة، والدردشة الهابطة.

قطيعة وغربة بين الجيل واللغة
الدكتور سعيد عيّاد، رئيس دائرة اللغة العربية والإعلام في جامعة بيت لحم الفلسطينية، أعدّ دراسة بحثيّة حول "أثر وسائل التواصل الاجتماعي على القراءة – الفيسبوك أنموذجاً"، جاءت نتيجتها سلبية. وتشير إلى أن الجيل لا يُحسن استثمار هذه الوسائل، ولا يدرك مدى خطورتها، فقد تبيّن أن 7.4% فقط من الذكور، يستخدمون اللغة العربية السليمة، أثناء تواصلهم على الفيسبوك، فيما لا تستخدمها الإناث مُطلقاً، وهذا يعني على المدى البعيد، أنّ قطيعةً كبيرة، وغربةً مريرة، ستكون مستقبلاً بين أبناء الجيل ولغتهم، بصورة تهدد هذه اللغة الكريمة.

في المقابل، فإن 48.1% من الذكور، و50% من الإناث، يستخدمون العامية دائماً. كما أن 25.9% من الذكور، و30.6% من الإناث، يلجأون إلى استعمال اللغتين العربية والإنكليزية دائماً. كما أن نسبة عالية من أبنائنا يجلسون على الانترنت لفترات طويلة، وبذلك ينشغلون عن الدراسة، وعن كل ما هو مفيد، وعن القيام بأي واجبات أخرى، ويواصلون التسلية الرخيصة.

 
إقبال على المواقع الإباحية وازدياد الجرائم الإلكترونية
الباحث في الإعلام الجديد د. أمين أبو وردة، يرى أن هناك توجهاً قوياً لدى الشارع الفلسطيني للانخراط في المجتمع الافتراضي، واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة بين الناشئة والأطفال، لدوافع عديدة في ظل توفر سبل الاستخدام من اشتراكات للإنترنت في المنزل والمدرسة والجامعة والنوادي والمتنزهات إلى جانب حيازة الغالبية القصوى منهم لأجهزة خلوية تمكنهم من ذلك.
 
"
يلاحظ وجود إقبال لافت على المواقع الإباحية، وهذا ما تظهره إحصاءات موقع اليكسا المختص بمتابعة المواقع الإلكترونية وترتيبها

"
ويرى أنّه "من خلال المتابعة والرصد لطبيعة هذا الاستخدام، يلاحظ وجود إقبال لافت على المواقع الإباحية، وهذا ما تظهره إحصاءات موقع اليكسا المختص بمتابعة المواقع الإلكترونية وترتيبها". كما أنه رصد ارتفاع نسب وإحصاءات الجرائم الإلكترونية عبر تلك الشبكات، سواء قرصنة بعض الاشتراكات أو الابتزاز أو المعاكسة، بحسب أبو وردة. 

ويضيف: "بالتالي، يلاحظ أن الاستخدام السلبي في صفوف الطلبة والناشئة لشبكات التواصل الاجتماعي طغى على الاستخدامات الإيجابية، ناهيك عن قضاء ساعات طويلة أمام تلك الأدوات دون فائدة، ما يفقدهم المقدرة على التركيز وتحقيق نتائج إيجابية في الدراسة والاختبارات. كما ساهمت تلك الشبكات في إحداث فجوة في العلاقة الاجتماعية بين الطلبة أنفسهم وبين الطالب والمدرس من خلال كشف خفايا العلاقات لكل طرف والاهتمامات والتتبع غير المحمود، ما يشوّه العلاقة المكتسبة والهامة بين المعلم والطالب".
ويؤكد أبو وردة أنه ينبغي للطلبة النظر إلى تجارب الدول المتقدمة في كيفية الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي، في تقريب المسافات وتحقيق الفائدة المرجوة في التعرف على المعرفة أينما وجدت والحصول على المعلومة لأجل الفائدة وليس التسلية والابتعاد عن الإثارة الصفراء والتصيّد للآخرين.

أمام ذلك، فإنّ هذه المؤشرات تحتاج إلى متابعة حثيثة من قبل الأهل، والمدارس والجامعات، كي لا يبقى أبناؤنا منغمسين في هذا المستنقع. وحين لا تعود التكنولوجيا مفيدة للطلبة، ولا تؤدي إلى تحسين مهارتي القراءة والكتابة لديهم، ولا تطوّر معارفهم ومداركهم، تصبح من دون جدوى.
العربي الجديد
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017