الرئيسية / مقالات
كأنك يا أبو زيد ما غزيت
تاريخ النشر: الأثنين 27/03/2017 20:09
كأنك يا أبو زيد ما غزيت
كأنك يا أبو زيد ما غزيت

 كتبت محمد درويش

أربعة سنواتٍ خلت، ثم حان موعد اللحظة التي انتظرها بفارغ الصبر، ليخرج حاملاً بيديه شهادته الجامعية، سجد لله شكراً وقبّل والديه عرفاناً لهما وإمتناناً لكل جهودهما الجبارة، بعد نجاحه في السير خطوةٍ جديدة على طريق تحقيق الحلم، لكنه لم يتوقع أن ابتسامته ستتحول إلى عُبوس، وفرحته إلى غم، ولم يتوقع أن يلتحق بقافلة الخريجين العاطلين عن العمل في فلسطين.

وبعد التخرج لم يأبه نصار صوفان كثيرا من الواقع الذي يواجه  الكثير من الخريجين، فكان كثيرا ما يردد على لسانه "بهمش" سأبدأ بخوض رحلة البحث عن عمل ولا بد أن أجد العمل الذي يناسب تخصصي في العلاقات العامة والاعلام في فترة قصيرة لكي أساعد أهلي واقدم لهم العون قدر المستطاع بعد كل ما بذلوه لي من أجل أن أُكمل دراستي، فقد حان الوقت لأسدد لهم ولو القليل.

وبعد قرابة الشهر تناثر ذلك الأمل الذي كنت أضعه ببالي، وبدأت طموحاتي تتبدد وأنا أحاول أن أذكر نفسي بذلك التخصص الذي قضيت أربعة سنوات في دراسته، وبما كان يقوله زملائي لي أن تخصص العلاقات العامة له مجال مفتوح بعد تخرجك.

لكن لم أتوانى يوما ما عن ذلك الإصرار الذي بداخلي في الحصول على وظيفة، فلم أترك مكانا إلا ولملمت شهادتي وأوراقي وذهبت إليه، لكن لسان حالهم كان يقول :" اترك لنا نسخة من تلك الشهادات ومن الCV  ونحن نعود لك باتصال".

وبعد فقدان ذلك الأمل في الحصول على وظيفة حدثنا صوفان:" كانت مرحلة البحث عن وظيفة هي النقطة التي بدأت من عندها باكتشاف خيبات الآمال".

ويضيف صوفان:" فعند كل لقاء ومقابلة تبني العديد من الآمال على أنك ستحصل في النهاية على أحد تلك الإجابتين "سنعاود الاتصال بك" أو "لم تحقق الشروط المطلوبة"، تلك الشروط التي لا يمكن أن تحققها وكيف ستحققها وأولها سنوات من الخبرة"، ويكمل صوفان متسائلا  "ما هي مدى الخبرة التي ستجدها عند شخص حديث التخرج".

وبعد التنقل ما بين مؤسسة وأخرى وما بين مسؤول وآخر للحصول على وظيفة تتناسب مع تخصص صوفان في العلاقات العامة شعر بأنه وصل لطريق مغلق، ويقول:" وصلت لمرحلة اليأس من تلك الشهادة التي تعبت سنوات وسنوات للحصول عليها بعد أن وصلت لطريق مسدود، فأريد أن أبحث عن أي عمل لكي أبدأ بحياتي وأعوض ما فاتني من القطارالذي أدركني من سنوات".

ويكمل صوفان:" سأضطر أن أعمل بالباطون الذي حاولت أن أتجنبه لمشقته وصعوبة العمل به، لكن تلك النظرات التي تنظر لي بشفقة على تلك الأيام التي قضيتها بالجامعة التي ظننت بأنها ستغنيني عن هذا الواقع المنافي تماما عن تلك الأحلام التي كنت اخطها بمخيلتي، لكن مثل ما قال المثل "كأنك يا أبو زيد ماغزيت" ".

لا يزال صوفان يشعر بالندم ويعاتب ذاته لعدم اقتناعه بوجهة نظر صديقه "أبو حكيم" الذي لم يحالفه الحظ  في اجتياز الثانوية العامة قبل خمسة سنوات، بأن يؤجل دراسته لعدة سنوات لكي يتسنى له العمل قليلا قبل البدء في المرحلة الدراسة الجامعية، لكن صوفان لم يقتنع بوجهة نظر صديقه أبو حكيم.

نصار صوفان لم يكن وحده يعاني من قلة فرص العمل بعد التخرج من الجامعة، بل هناك ما يقارب اربعة الاف خريج سنويا يعاني معظمهم من هذا الكابوس المظلم الذي يتعرضون له، وذلك لقلة فرص العمل في السوق الفلسطيني مقابل عدد الخريجين تارة، وعدم آهلية الخريجين وعدم جهوزيتهم للعمل من جانب آخر.

يقول رئيس وحدة الخريجين والتوظيف في جامعة النجاح رافع دراغمة:" عدد الخريجين سنويا يتراوح ما بين ٣٥٠٠_٤٠٠٠، حيث أنه يعاني غالبية هؤلاء الخريجين من قلة فرص العمل في السوق الفلسطيني، وعدم آهلية الخريج للعمل".

ويضيف دراغمة": كثرة الخريجين في التخصص الواحد بسبب وجود التخصص في اكثر من جامعة فلسطينية كان من المسببات التي أدت إلى الاكتفاء في عدد معين من الخريجين مما يدفع ما تبقى من الخريجين عاطلين عن العمل أو يمتهن مهنة أخرى".

ويكمل دراغمة ": هناك ضعف في مهارات الخريج وكفاءته خاصة في مجالات الحاسوب واللغة الانجليزية ومهارات الاتصال والتواصل".

 

تقوم وحدة الخريجين في جامعة النجاح على تدريب الخريجين على المهارات التي يحتاجها سوق العمل، يقول دراغمة:" نعمل على اكساب الطلاب الخريجين العديد من المهارات التي تؤهله على الحصول على فرص عمل تتناسب  مع تخصصاتهم، وإكسابهم القدرة على التواصل مع المؤسسات والشركات".

لم يكن صوفان بعد فشله في الحصول على وظيفة  مقتنعا بلادنا، وبعينتيه اللتين أنهكهما القهر والتعب يقول صوفان:" إن هذه البلاد منهكة ومتعبة لا أدري كيف يمكن أن تستوعب هذا الكم الهائل من الخريجين، فإنني أفضل الهجرة للعمل في الخارج".

ويضيف صوفان بابتسامة خفيفة:" أتمنى أن تكون هناك خطط لدى المؤسسات  لعلاج مشكلة البطالة لدى الخريجين وتوفير فرص عمل لهؤلاء الطلبة التي ضاقت بهم الأوضاع" .

 

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017