الرئيسية / الأخبار / فلسطين
افتخار وهدى: قيّدان وشمس!
تاريخ النشر: الثلاثاء 25/04/2017 20:21
افتخار وهدى:  قيّدان وشمس!
افتخار وهدى: قيّدان وشمس!

طوباس: تمضي السبعينية افتخار دراغمة والستينية هدى بني عودة، يومهما التاسع في خيمة التضامن مع أسرى الحرية، وسط طوباس. وتعجز مقطوعات موسيقية تبشر بانكسار القيد، وإشراقة الشمس عن كبح شوق الأمين لأحمد و"سلّوم"، فتمسكان بصورتين، ولا تخفيان الحزن والقلق، لكن الأمل يسكن قلوبهن.
تحمل دراغمة صورة لحبيبها أحمد لطفي، وتحصي الأيام المتبقية لإطلاقه، وتسرد خلال الحلقة (66) من سلسلة "أصوات من طوباس" لوزارة الإعلام، التي خصصت لسلاح الأمعاء الخاوية: سجنوا أحمد 3 مرات، اليوم عمره 42 سنة، أمضى منها 21 سنة في معتقلات: هداريم، وريمون، وجلبوع، وبئر السبع، والنقب، ولم يبق شعر على رأسه، وصار جلدة وعظمة.
لحم وعود
تستعير الراوية بمثل شعبي "إن سلم العود اللحم موجود" لمواساة نفسها، وتبشر الحاضرين بأن الأسرى سيعانقون الشمس عما قريب. ولا تسقط من قهرها ما يسمى رفض الاحتلال الأمني لها، ما حال دون زيارة ولدها منذ الصيف الماضي.
ويقضي أحمد حكمًا بأربع عشرة سنة، تضاف إلى حكمين سابقين، طالا لست سنوات، فيما يعاني إصابة بيده، يقابلها إهمال طبي.
تسترد دراغمة: كان ابني يلعب الطابة، ويحب الناس، ويحلم بدراسة الهندسة، وكنت أوزع ملابسه الجديدة على أخوته ويضحك. وأحب كثيرا المقلوبة والأوزي، وكان يركب دراجة دائماً.
ومما لا تنساه الأم المكلومة، تعرض ابنها لأول اعتقال يوم كان طفلاً خلال انتفاضة الحجارة، واعتقاله على حاجز عسكري قرب جنين في المرة الثانية، والقبض عليه في كمين بعد مطاردة أربع سنوات في الثالثة.
تعيد الساردة نظراتها إلى صورة أحمد، صاحب الترتيب الثاني في العائلة، فيما يسبقه محمد، ويليه إياد، وعبد الله. وتتوزع بينهما ست شقيقات، وتقول إن إضراب الأسرى يوجع قلبها، لكنها تتيقن من أن الفجر سيطرق بابها يومًا ليخبرها بأن محمد عاد قبل إكمال حكمه.


"الكابتن" سلوّم
فيما تجلس هدى بني عودة، التي رأت النور في طمون عام 1958، تحت صورة ضخمة لابنها عبد السلام عبد الرحيم، أو أبو أمير كما أسماه رفاق القيد، أو "سلّوم" مثلما يناديه أصحابه في اسم حركي.
تقول: نحن في منتصف الطريق، مضت 15 سنة، وبقيت مثلها لإطلاق سراحي ابني، وبإذن الله سيخرج قبل ذلك الموعد بكثير.
يحجز "سلّوم" المكان الثاني في العائلة، ويسبقه عصام، يليه عبد الله، ويونس، وعلي، وماهر، وسبق لعبد الله وعلي ومحمد أن تعرضوا للاعتقال لمدد متفاوتة، وتكمل الأم: اعتقلوا عبد السلام في رام الله، في 4 تشرين الثاني 2002، بعد مطاردة سنتين، حين كان يزور والده المصاب بعيار في الكتف في مستشفى رام الله الحكومي.
ووفق الراوية، فإن شوق ابنها لأبيه جعل الاحتلال يتعقب مكان وجوده، لينتهي المطاف باعتقاله في مقر وزارة التربية والتعليم مع مجموعة من رفاقه، ويومها منع والده من الهرب وأمسكه بيده، خشيه تصفيته، حينما شاهد منطقة محاصرة وبناية محاطة بعشرات الجنود.
تعود الأم لطفولة سلوم، لتتذكر نشاط ابنها في طفولته، وحبه للعمل، ودعوته المتكررة لرفاقه للغداء، ولا تنس شغفه وتفوقه في كرة القدم، والتنس، وهي الهواية التي لا زال يتفاخر بها وراء القضبان. وتتوقف كثيراً عند أحلامه، فقد كان يتمنى أن يصبح "كابتن طائرة"، وخاصة حينما يرتدى زياً رسميًا يشبه ملابس الضباط.


أطباق مُحرمّة
تروي: حرمت نفسي منذ اعتقاله من الدجاج المحشي وورق العنب والمقلوبة، ومنعت المسخّن في البيت؛ لأنه أعتقل قبل يوم واحد من دعوة صديقتي له لتناوله في رام الله.
انخرط عبد السلام مبكرًا في العمل، وكان يذهب لقطاف البندورة من مزارع الفارعة، وشعر بالمسؤولية مبكرًا، ولم يكن يعرف الخوف في صغره، وساعد مجموعة من الشبان الأكبر منه على الإفلات من كمين للاحتلال، حين تسلل في جوف الليل إلى المنزل المجاور لينقل التحذير من جنود الاحتلال في المنطقة.
تقول: حين أزور ابني أتذكر قوته وإرادة، وأتعلم منه الصبر والإرادة، ويشجعني على الأمل، فقد أنهى البكالوريس، ويستعد للماجستير، ويحب التاريخ. وأنسى بلقائه المر الذي أتجرعه، ويذهب قهر التنقل بين سجون: جلبوع، وشطة، وريمون، وبئر السبع، وهداريم، والدامون، والجلمة، وعوفر.
تكمل: كان عمره 22 سنة، واليوم صار ابن 37، ورغم أنني أحصي الأيام المتبقية ساعة بساعة، وشهرًا بشهر، إلا أنني متيقنة من أنه سيطرق باب منزلنا بعد وقت قصير بحول الله، ويقول لي: رجع سلّوم.
تنهي: أتذكر أخي سامر، الذي اعتقل 16 سنة، ولا تذهب من بالي وفاة أمي أنيسة قبل الإفراج عنه بأربعة أشهر، ويومها كتب بحرقة أخي :" أماه، ألا تنتظري أربعة أشهر أخرى؟"
وجع وحرية
بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في طوباس والأغوار الشمالية عبد الباسط خلف إلى أن "أصوات من طوباس" تخصص للمرة الثانية على التوالي مساحتها لمواكبة إضراب الحركة الأسيرة في يومه التاسع.
وأضاف: سبق أن تتبعت الحلقة الأسبوع الفائت تجربة الأسير الثمانيني محمد سليمان سياجات، وفيها قص الراوي تجربته الاعتقالية التي تلت النكسة بعد وقت قصير، إذ اعتقل بداية تشرين الأول عام 1967، وسرد حكاية أول إضراب عن الطعام نفذه أسرى الحرية عام 1968 وتواصل 11 يومًا.
 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017