حذّر وزير الصحة الألماني هيرمان غروهه البشرية من العودة إلى عصر ما قبل البنسلين بسبب مقاومة البكتيريا المتزايدة للمضادات الحيوية المعروفة.
وتعهدت المستشارة انجيلا ميركل بطرح الملف الذي أعده الأطباء الألمان حول الموضوع، في اجتماع السبعة الكبار في بافاريا.
وتفوقت البكتيريا في تطوير مقاومتها للمضادات الحيوية على العلماء الذي يطورون هذه المضادات الحيوية.
ويمكن أن تؤدي هذه الحال إلى زيادة عدد ضحايا البكتيريا المقاومة عن عدد ضحايا السرطان، بحسب دراسة ألمانية حديثة ستطرح على قمة السبعة الكبار في ايلمناو في ولاية بافاريا.
وحذرت الدراسة التي أعدتها الباحثة اليزابيت ماير، من معهد الأبحاث الوقائية وصحة البيئة، من أن الاستمرار في استخدام المضادات الحيوية بالطريقة الحالية سيرفع نسبة البكتيريا العصية على المضادات الحيوية.
ويؤدي هذا إلى نشوء أجيال جديدة من البكتيريا المرضية العدائية التي قد تعجز البشرية عن كبح جماحها. ويقدر العلماء نسبة البكتيريا العصية على المضادات الحيوية بنحو 10% من مجموع البكتيريا المرضية المعروفة.
والمشكلة هي أن المضادات الحيوية، التي تستخدم بكثرة، تسللت إلى حياتنا، وإلى المياه التي نشربها، وإلى اللحوم التي نتناولها، وأصبحت هي بالذات سر تطوير البكتيريا لوسائل مقاومتها لهذه المضادات.
ويحذر الباحثون من ضرر إكثار معالجة الأطفال بهذه المضادات الحيوية، لأن ذلك يعزز مناعتها ضد المضادات الحيوية عند البلوغ، لكن الأطباء ما انفكوا يصفون الأطنان منها في معالجة الأطفال سنويًا.
واعتمدت الباحثة على إحصائيات رسمية بريطانية وألمانية وفرنسية في قراءة مستقبل البكتيريا العصية على المضادات الحيوية.
وتوصلت ماير إلى أن عدد ضحايا البكتيريا العصية البالغ 700 ألف إنسان اليوم سيقفز إلى 10 ملايين ضحية في 2050 ما لم تجد البشرية حلًا لهذه المعضلة.
وتتكهن الدراسة بالنظر إلى مستويات الوقاية المرتفعة في أوروبا، أن يرتفع عدد ضحايا البكتيريا المقاومة من 23 ألفًا اليوم إلى 400 ألف في نفس الفترة.
وبهذا ستتفوق هذه البكتيريا بعد 35 عامًا، من ناحية بطشها بالإنسان، على الأمراض السرطانية التي يحقق العلم في علاجها خطوات أسرع من خطواته في كسر مقاومة البكتيريا المرضية الخطيرة.
وهناك اختلاف ظاهر بين تقديرات وزارة الصحة الألمانية وتقديرات شركات التأمين الصحي، في قضية انتقال عدوى البكتيريا إلى المرضى أثناء العلاج في المستشفيات، لكنها تتفق على أن عدد الضحايا لا يزال عاليًا رغم تقدم وسائل التعقيم والوقاية في ألمانيا.
وتقدر وزارة الصحة التقاط البكتيريا المرضية من قبل 400-600 ألف ألماني أثناء العلاج، ويموت منهم سنويا نحو 15 ألفًا.
وتقدر جمعية الرقابة على الوقاية الصحية في المستشفيات الألمانية ضحايا البكتيريا في المستشفيات بنحو 30 ألفًا.
ومعظم هؤلاء المرضى هم من ضحايا البكتيريا العصية على المضادات الحيوية، وتتوقع الدراسة أن تزداد أعدادهم إذا ما واصل الأطباء استخدام نفس المضادات الحيوية التقليدية.
يعالج الأطباء في المستشفيات الألمانية 30% من مرضاهم بالمضادات الحيوية، وهي نسبة عالية من وجهة نظر الباحثة معدة الدراسة. وتستنتج الدراسة أن العلاج بالمضادات الحيوية لا لزوم له بنسبة 30% من هذه الحالات.