تؤكد مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في ذكرى اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا التعذيب الذي يصادف يوم غداً 26 يونيو، أن قوات الاحتلال الإسرائيلية مستمرة في استخدام كافة اشكال التعذيب الجسدي والنفسي بحق الاسرى والمعتقلين الفلسطينين في سجونها، وكان اخرها المصادقة بالقراءة الاولى على قانون التغذية القسرية.
ومن المنتظر الآن أن يتم عرض قانون "التغذية القسرية" على الكنيست للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة ليتم تطبيقه بالفعل على ارض الواقع، فى ظل معارضه من المنظمات الدولية. حيث ترى مؤسسة الضمير أن إقرار هذا القانون بحجة حماية حياة المضربين عن الطعام، ما هو إلا استمرار لسياسة التضليل والخداع التي تمارسها دولة الاحتلال، وهي محاولة فاشلة تكشفها حقيقة دأبها على استخدام أبشع أساليب القتل والتعذيب بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، ويعد القانون بمثابة تصريح لقوات مصلحة السجون الإسرائيلية وطاقمها الطبي بقتل المزيد من المعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام.
حيث نص إعلان مالطا الذي تبنته منظمة الصحة العالمية أن "كل قرار تم بشكل غير إرادي وتحت التهديد والإلزام هو عديم القيمة الأخلاقية، حيث لا يصح إلزام المضربين عن الطعام بتلقي علاج يرفضونه. واعتبار الإطعام الإجباري لمن يرفض ذلك بأنه عمل غير مبرر. ويجب على الأطباء حماية المضربين عن الطعام من أي إجبار. وإن الإطعام الذي يصاحبه التهديد او الإلزام او إستعمال التكبيل يعتبر شكل من أشكال التعامل المذل واللاإنساني، حتى ولو كان الهدف منه منفعه المضرب عن الطعام، ويرفض الإطعام القسري لبعض المحتجزين بهدف تخويفهم وإجبارهم على إيقاف الإضراب عن الطعام".
التعذيب يطال الأطفال
اعتقلت قوات الاحتلال الطفل م.م (15 عاماً) من منزله في قرية العيساوية شرق القدس المحتلة في 15/6/2015. وقال الطفل م.م لوحدة التوثيق والدراسات في مؤسسة الضمير "خلال التحقيق معي كان المحقق يشتمني ويشتم عائلتي بكلام بذيء، كما وهددني المحقق بإعتقال اخواتي وعائلتي، وعند اخراجي من غرفة التحقيق بدأ بضربي، حيث قام بلطمي على رأسي بيده ثلاثة مرات، وقام ايضا بركلي باقدامي بشكل قوي مما سبب لي الماً في قدمي، ... كما وتم وضعي انا وشخصين اخرين داخل غرفة، وطلبوا منا توجيه رأسنا للحائط، وبقينا على هذه الحالة لحوالي ثلاثة ساعات".
وأضاف الطفل م.م "في غرفة الإنتظار في المسكوبية، دخل شخصين اسرائيليين (يبدو أنهم سجناء مدنين)، وبشكل مفاجئ هجم علي هؤلاء الشخصين من الخلف وضربوني بكامل قوتهم على رأسي وجسدي، وبعدها قاموا بالقائي على الارض وتمديدي، وجلس الاثنان بجانبي وأستمرا في ضربي من جديد، في البداية بدأ الضرب على وجهي بلكمات قوية، وبدأت الدماء تسيل من فمي ومن انفي نتيجة الضرب، وخلال الضرب قام احدهم بإخراج آلة حلاقة تتكون من رأس حاد وضربني بها على خلفية راسي، فشعرت بالم شديد وبدأ الدم يسيل من راسي بغزارة مما أفقدني الوعي على الفور، وصحوت بعدها فوجدت نفسي في غرفة الطبيب، وكان الالم في كل انحاء جسدي".
يشار الى أنه تم اطلاق سراح الطفل م.م يوم الاحد 21/6/2015 نتيجة عدم وجود أي ادله تدينه، وكان شرط الإفراج هو ابعاده عن العيسوية في حبس منزلي في بيت اخته في قرية صور باهر لمدة غير محددة.
الضمير: على المجتمع الدولي ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين
تستمر دولة الاحتلال في محاولة شرعنة استخدام التعذيب الجسدي والنفسي والتحايل على القانون والمعاهدات الدولية التي جرمت التعذيب ومنعته بشكل مطلق، فعلى الرغم من انضمام دولة الاحتلال الى كافة المعاهدات الدولية الا انها نجحت في الافلات من العقاب جراء استخدامها التعذيب الممنهج الواسع النطاق بحق مئات ألاف الاسرى والمعتقلين الفلسطينين منذ بدء الاحتلال.
كما واستخدم جهاز مخابرات الاحتلال "الشاباك" التعذيب تحت غطاء قرار من لجنة وزارية تدعى "لجنة لنادو"، والتي اقرت استخدام التعذيب، هذا وأنكرت المحاكم الإسرائيلية بما فيها المحكمة العليا لعدة سنوات قيام جهاز المخابرات باستخدام التعذيب.
وعلى الرغم من صدور قرار المحكمة العليا في 1999 القاضي بوقف التعذيب، إلا أن المخابرات الإسرائيلية طورت أساليب جديدة للتحايل على هذا القرار. وأخفق قرار المحكمة المذكور في توفير وسائل ملاحقة لمرتكبي جرائم التعذيب، بل على العكس وفر الحماية لهم فيما وصف بحالات "القنبلة الموقوتة".
خلال العقديين الماضيين، لم يحظ الاسرى والمعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال بأي شكل من أشكال الحماية من المجتمع الدولي فيما يتعلق بالتعذيب الذي يتعرضون له بشكل ممنهج، واخفقت الدول المتعاقدة على اتفاقيات جنيف الرابعة في مسائلة ومحاسبة مجرمي الحرب المتهمين بإرتكاب جرائم التعذيب.
وعليه تطالب الضمير الأمم المتحدة والدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقيات جنيف ومحكمة الجنايات الدولية، بملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين على جرائم التعذيب الممنهج بحق ابناء الشعب الفلسطيني، فالتعذيب هو جريمة لا تسقط بالتقادم.
كما وتشدد الضمير على ضرورة احترام السلطة الفلسطينية لالتزاماتها ومسؤولياتها الناتجة عن انضمامها لاتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقيات جنيف الاربعة، وغيرها من اتفاقيات حقوق الإنسان التي تحتم على السلطة الفلسطينية انهاء سياسات التعذيب ومحاسبة مرتكبيه.
يشار الى أنه ومنذ العام 1967 قتل ما يقارب ال205 أسيراً ومعتقلاً فلسطينياً في سجون الاحتلال، 73 منهم نتيجة التعرض للتعذيب أثناء التحقيق، كان آخرهم الشهيد عرفات جردات الذي تعرض للتعذيب حتى الموت في مركز تحقيق الجلمة في شباط 2013.