تغريدة بقلم د. عدنان ملحم
*وانت تسير بسيارتك السوداء، باتجاه وسط البلد .تقف على إشارة المرور الواقفة بجانب البنك العربي في وسط رفيديا. اللون الأحمر يجبرك على الوقوف بسيارتك قليلا. سيارات عديدة تتجاوز الإشارة. غير عابئة بأرواح الناس. السائقون من مختلف الأعمار والشهادات والخطابات. لا تسطيع إلا أن تقول "لا حول ولا قوة إلا بالله ".
*ترغب أن توقف سيارتك في المرأب الذي تعتاد عليه. والقابع خلف حلويات دمشق في وسط المدينة. يخرج عليك شاب مفتول العضلات. يقول لك:- الموقف محجوز لأصحاب السيارات ذات الأرقام الصفراء. وبين "خض ورض" يسمح لك بالوقوف بشرط عدم المكوث طويلا. تعود سريعا، تجد الحارس يقرأ القرآن .يعطيك مفتاح سيارتك، تعطيه ما اعتدت على دفعه ثمنا لذلك. يرفض أن يأخذ الـ 5 شواقل. يطالبك بضعفها. تخجل من صوته، ومن وجه أطفالك. لا تسطيع إلا أن تقول "لا حول ولا قوة إلا بالله".
*على باب مصعد العمارة، تقابل جارك العائد من صلاة العصر. "النور يشع من عينيه". تطالبه أن يسدد المبالغ المتراكمة عليه لصالح لجنة العمارة مقابل ما تقدمه للسكان من خدمات عامة فيقول لك للمرة الألف "إن شاء الله ". لا تسطيع إلا أن تقول "لا حول ولا قوة إلا بالله".
*وانت تسير بسيارتك باتجاه بلدتك، تلبية لوليمة يقيمها أحد الأقارب الأعزاء تشاهد سيارة شحن ضخمة "قلاب" يطرح بقايا مواد بناء على جانب الشارع. وآخر يصب مياه عادمة في الأراضي الزراعية القريبة من قرية صرة. لا تسطيع إلا أن تقول "لا حول ولا قوة الا بالله".
*بعد الإفطار تذهب إلى أحد المساجد لأداء صلاة العشاء والتراويح. سيارات المصلين تغلق الطرقات وتعيق حركة الناس ومصالحهم. يهرول الناس إلى المسجد بسرعة فائقة طلبا للثواب والحسنات، غير عابثين بما تقترفه أيديهم. لا تسطيع إلا أن تقول "لا حول ولا قوة إلا بالله".
* تعود إلى منزلك في وقت متأخر من الليل. بقايا الطعام تملأ حواف الحاويات. أكياس بلاستيكية سوداء فيها:- أرز +قطع دجاج + قطع لحم + خبز + عبوات عصائر ملونة. لا تسطيع وأنت تسمع لأنشودة صبر الفقراء إلا أن تقول "لا حول ولا قوة إلا بالله".
*تولج إلى أحد المساجد القريبة من سكناك لتؤدي صلاة الجمعة. شاب صغير ملتحٍ تحدث في درسه الديني عن معاملة الرجل لزوجته ومدى التأديب المتاح له شرعا لعقابها إن أخطأت. وفي خطبة الجمعة الرئيس تحدث عن عذاب القبر. لا تسطيع إلا أن تقول "لا حول ولا قوة إلا بالله".
**أيها السادة والسيدات الأفاضل:- نحن بحاجة إلى خطاب ديني جديد تعلى فيه قيمة الأخلاق والسلوك لتصل إلى مستوى قيمة العبادات والعقائد. نحن بحاجة إلى إعادة قراءة متأنية للنصوص والمصادر والمناهج لكي تغير بشكل فعلي لا نظري، من نمط حياتنا في الأسواق والمصانع والمدارس والجامعات والمنازل.
يجب أن نعالج أنفسنا من مرض انفصام الشخصية اللعين (الشيزوفرينيا). جميعنا يحمل في داخله أكثر من شخصية وبطل. أكثر من لافتة وشعار. أكثر من مثال وصورة. الاديان جاءت لتعمل على ترسيخ قواعد الأخلاق والقيم والإنسانية والمحبة والتعاون والاحترام.
ملاحظة مهمة:- (جميع الحكايا الواردة في التغريدة أعلاه حقيقية مائة بالمئة، ولا خيال فيها أو زيادة أو نقصان).
د .عدنان ملحم
