أصداء- أمين أبو وردة- كانت دقات الساعة قد تعدت قليلا منتصف الليل، حيث استباح زوار الليل أكثر من 30 منزلا في نابلس ومخيم بلاطة في 15 نيسان، لتكون الحصيلة حفنة من المعتقلين جلها من الأسرى المحررين والأكاديميين.
ساعات معدودة تخللها اقتحام وتحطيم ومصادرة وتخريب واستجواب وترويع وتدنيس لم تقف عند حد الحدث اليومي بل امتدت واستمرت سنوات طوال.
كانت لسعات البرد في الطريق المؤدي إلى معسكر حوارة يرافقها شتائم من هنا وهناك وأوصوات لهاث الكلب المفترس الذي يرافق الجيش في الوصول إلى القدر المؤقت.
توافد الزوار واحدا تلو الآخر بعد إجراء الفحص الطبي والتفتيش شبه العاري وضبط الموجودات، حيث كان الجميع في غرف حديدية يطلق عليها مركز توقيف حوارة الواقع على مدخل نابلس الجنوبي المجاور لبلدتي حوارة وعورتا.
انهمك الجميع بتفقد بعضهم البعض ومعرفة ما جرى من حدث غير اعتيادي لم تكن له مقدمات أو مبررات واضحة، حيث اكتملت الصورة واستقر بهم الحال على "أبراش" مصفوفة فوق بعضها البعض.
في ظل أجواء باردة كانت حصة الواحد منهم خمس بطانيات يستخدم واحدة منها على الأقل كوسادة وأخرى يضعها على الأرض فرشة من المطاط والباقي يتغطى به بحثا عن الدفء.
حان وقت الفورة الصباحية والتقى الجميع في الساحة واقترب العدد من (14)، البعض يعرف الآخرين وهناك من يلتقي بهم لأول مرة، وكان الحديث يدور حول الحملة، حيث أطلق الأسير عبد الله العكر عليها "العشب الناشف" إدراكا منه أن الجميع بعيد كل البعد عن أي نشاط ومنهمك بعمله.
أحاديث الشباب تذهب للماضي في سنوات عاشوا خلالها في الاعتقال أو تحليل لأسباب الحملة وطريق تنفيذها وما صاحبها من مصادرات لأملاك ونقود خاصة.
مواعظ المهندس وجيه أبو عيده كانت تخفف عن الموجودين خاصة المعتقلين العمال الذين اعتقلوا بنفس الفترة لمحاولتهم دخول مناطق الخط الأخضر تسللا وكان جلهم من صغار السن.
وعند الخروج في كل فورة يسأل الجميع: ما هي أخبار حملة "العشب الناشف"؟