تقرير : إيمان فقها
رائحة تذوقّ الإبداع تنسمت على ساحة التحمت بألوان الشطرنج، مجسمّ لسفينةٍ زُخرفت راياتها ب (تجري الرياح كما تجري سفينتُنا..نحنُ الرياح ونحنُ البحر)، بخطّ ديوانيّ فارسيّ ثلثٍ رقعةٍ ديوانيّ جليّ تنشقت كلية الهندسة عطرَ سحرِ بحرٍ رونقيّ، بأناملَ طلبةٍ تربعوا على طاولة محيطين بعيونٍ جاءت تُذهل من حكاياتِ الروعة، في جامعةِ النجاح الوطنية طلابُها في رقيّ الخطوط أبدعوا سحراً ملائكياً.
إيماناً بأنّ الحرف هو صَلاتنا، و بهذا وحده يصيرُ الخطاطُ شاهداً على البهاء الإلهي، احتضنت كلية الهندسة في جامعة النجاح الوطنية أمس الأربعاء بدايةَ أولّ يومٍ لمعرض "إنّ من الخط لسحراً" ليستمرّ حتى مساء يوم الخميس، من إعداد طلبة امتزجت أناملهم رونقَ الإبداع فسطروه حقيقةً على أرض الواقع، بحضور كلّ من عميد كلية الهندسة عامر الهموز، والدكتور محمد دويكات، والدكتور جبر خضير، والدكتور محمد عبد الخالق، والدكتور حسني عودة، وفريق سلسلة تنوين، ومنسقي المعرض، وعدد هائل من الطلبة.
بدأت الفكرة من سلسلة تنوين، حيث تجتمعُ هذه السلسة الشبابية التطوعية كلّ فترةٍ لتعزز ثقافة القراءة في المجتمع، وتترجم الأفكار إلى أعمال تطوعية اجتماعية تؤثر في حياة الناس، وتحطم الحواجز بينهم وبين القراءة، وتوزع في أنفسهم قيمة حبّ الكتاب.
و عن سبب اختيارهم اسمَ السلسة، فالتنوينُ في اللغة سواء أ كان تنوينَ فتح أو ضم أو كسرٍ، فإنّه يأتي باجتماع حركتين، ولا يأتي حركةً واحدةً منفردةً، وهي إشارةٌ إلى أنّ القارئ لا يجب أن يكون وحيداً، وإنّما أن يشاركَ ما يقرأ حتى تتوسع مداركه، وأيضاً التنوين في اللغة العربية يخلق حرفاً جديداً في الكلمة من خلال اللفظ ، وكذلك القراءة تخلق لنا حياة جديدة فوق حياتنا.
ابتدع فريقُ سلسلة تنوين فكرةً لمعرض ٍ يبرز المواهب فيذكر منسق السلسلة، وطالب كلية الإعلام في جامعة النجاح همام عتيلي (20) عاماً " معرض الخط ترجمة لأفكار نقرأها، فهذا الفنّ وهذا الجانب الجمالي من اللغة يجب أن يروج للناس، ويُعطي لهم جمالية هذا الجزء، وهذا الجزء حضارتنا التي كانت موجودة سابقاً".
حيث شارك ثلاثةٌ من طلبة كلية الهندسة بالمعرضِ وهم " علاء دويكات، وهناء حمارشة، ومراد دويكات"، أبهروا الجميع بخطوطهم وفنّياتهم، وكان هناك إقبال فوق المتوقع في المعرض، ومشاركة كبيرة من الطلاب، وزاويتان إحداهما للهدايا، والأخرى يقوم الطلاب والحضور أنفسهم بتجربة خطوطهم كنوعٍ من التشجيع لهم".
أولّ قسم بالمعرض كان لأناملِ الطالب المبدع في كلية الهندسة علاء دويكات (22) عاماً حيث زُخرِفت إحدى لوحاته بخط نسخٍ يحملُ بيتَ شعر (و أمطرت لؤلؤاً من نرجسٍ وسقت ورداً وعضّت على العناب بالبرد).
وفي هذا السياق يقول الخطّاط علاء دويكات "الخط العربي يُهمل، ولغتنا العربية مهملة من أغلب الطلاب، جاءت فكرة المعرض لنريَ الطلابّ جمالَ الخط، وجمال لغتنا العربية، فهو علمٌ قائم بذاته يدخل فيه الهندسة والفن ".
شارك علاء دويكات في مجموعةِ لوحات، متقناً خطيّ النسخ والرقعة، حيث يضيف قائلاً "عدةُ طلاب في مشاهدتهم معرضنا تذكروا أنواع الخطوط، زخرفنا القرآن، والشعر، والحروف، وسنعيد المعرض ذاته لنصدح أركان جميع الجامعات الفلسطينية".
أما القسمُ الثاني فسطر إبداع الطالبة المبدعة في كلية الهندسة هناء حمارشة حيث زَخرفت بالخطّ الفارسي بيتَ شعرٍ يحملُ ( و ما حياةُ المرء إن صارَ عبداً يمتطي ظهرهُ شقيّ مريد).
حيث تقول الطالبة هناء حمارشة " هذه الموهبة لديّ منذ الصغر، وأنا من ضمن فريق تنوين، فكرنا بطريقةٍ نلفت بها النظر لتشجيع القراءة، والخط العربي كقيمة جمالية، من خلال هذه المعرض سنعرض أعمالنا الفنية كفكرةٍ وجمال".
"هذا أولّ معرضٍ لي، فرحةٌ جداً بالإقبال الهائل عليه، قمنا بإخراج أعمالنا بإتقان ،والطموح مستمرّ لإنشاء معارض أخرى تؤثر على الناس بالفن، وتغيرّ من سلوك الأفراد الكتابة بطريقة الفرانكو (العربيزي).هذا ما ذكرته الخطاطة هناء حمارشة.
وفي نهاية حديثها شكرت كلّ من رحب بفكرة إنشاء المعرض، وسهل لهم النشاط، وخاصة عميد كلية الهندسة عامر الهموز، والدكتور محمد دويكات.
أما القسم النهائيّ فكان للطالب المبدع في كلية الهندسة مراد دويكات حيث عُلِّقت أبيات الشعر التي خطها بالفارسي برايةٍ يحملها مجسمّ سفينةٍ كُتِب عليها "إنّ الذي يرتجي شيئاً بهمته يلقاه لو حاربتهُ الإنس والجان".
وحول المعرض تقول الطالبة في كلية الهندسة أروى حنون(19عاماً) " فكرة المعرض رائعة، جاءت في وقتٍ توجه الأغلب نحو الفرانكو(العربيزي)، سلطتِ الضوء على الخطّ العربي، والأعمال الموجودة مذهلة للغاية".
أما الطالبة في كلية الهندسة ساجدة صوافطة (19 عاماً) فتقول "من ناحيةٍ تعليمية تذكرنا أنواع الخطوط، ونأمل أن يقوم هؤلاء المبدعين بعملِ دوراتٍ لنا، وسأكون أول المشاركين".
يا روح الإبداع بشبابنا تألق، ويا رقيّ لغتنا عودي بعزيمتهم، من جامعة النجاح تسلل ثلاثة طلاب بإبداعهم نحو القمة، أذهلوا الجميع بفنّهم الخطي، وإصرارهم على العودة بعربيتنا إلى جذورها المتأصلة.