تقرير أبو زيد حموضة
فلسطين المحتلة نابلس
28/3/2014
نّظّم المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني " تنوير " أمسية شعرية بالتعاون مع وزارة الثقافة في نابلس واتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين وبيت الشعر الفلسطيني، أحياها الشاعر والأديب هشام عودة.
م.زياد عميرة رئيس مجلس إدارة المنتدى رحب بالحضور الكريم منوها إلى دور المنتدى بفتح ذراعيه لكل الطاقات والمبادرات الإبداعية الفلسطينية في الوطن والشتات، وأنه صوت الذين لا صوت لهم،ومنبرا وبيتا لكل الفلسطينيين الأحرار الذين يجمعهم الجرح والهدف الواحد.
بدأ الجلسة الشاعر مراد السوداني، رئيس اتحاد الكتاب، والشاعر محمد حلمي الريسشة المدير في بيت الشعر، فقدما إيجازا عن حياة الشاعر عودة، ابن قرية كفل حارس، الذي عاد إلى الوطن بعد قرابة أربعين عاما من الغياب ألقسري، قضى معظمها في العراق حيث درس الاقتصاد والإدارة في جامعة المستنصرية ببغداد، وحيث مارس مختلف الأنشطة الأدبية والصحافية والإعلامية.
استهل الشاعر عودة حديثه بالإشادة بأبناء فلسطين الصامدين على ثرى وطنهم، ولفت الانتباه الى وهم الاتكال على الزعامات العربية الضالعة مع الاستعمار، بخلاف الشعوب العربية المتعطشة للاستقلال، وتخليص فلسطين من نير الاحتلال. ثم تحدث عن حياته في العراق، وعلاقاته الوثيقة مع الفنانين والشعراء العراقيين، مثل جواد سليم، وحميد سعيد، وغيرهما، وأن للعراق نصيبا من حبه وأشعاره.
وقرأ الشاعر عودة عددا من قصائده الجميلة التي استحوذت على إعجاب الحضور، ومنها: " مقام الرصافة " التي أشار فيها إلى الغزو الأجنبي الآثم للعراق الشقيق، والى تعاطفه العميق مع العراق بقلبه ولسانه ويده.
" عشرون عاما/ والرصافة تصطفي لغتي / وتسكن في حروفي / عشرون عاما / ويداي تحتضنان سعفها " .
وقرأ أيضا قصيدته " ما لم تقله شهرذاد "، حيث يبدو تفاؤل الشاعر واضحا في الحديث عن المعارك التي يخوضها العراق، ومن ذلك قوله: " اندهي في حدا " معارضا فيروز في قولها " لا تندهي ما في حدا " وحيث " الكاظمية تمشط في الليل شعر النخيل " " والنهر يغسل أوجاع عشاقه من العامرية حتى جنين " .
ثم قرأ الشاعر عددا من المقطوعات الغزلية الجميلة، من الشعر العمودي، وقصيدته " طارت بي الارض " التي يتمثل فيها طيف الوحدة العربية للشاعر، والذي حاول استعادته حين أفاق من نومه:
" ونمت دهرا على خد الزمان هنا/ وقلت للارض تيهي فالمدى عربُ/ أغمضت عيني كي لا يختفي حلمي / وقلت للناس إن الصحب ما ذهبوا ".
وعندما سئل الشاعر عودة عن قصيدته " حوارية الجّميز والحجارة " ذكر أنها قيلت في التغّني ببطولات الانتفاضة الأولى ( 1987 )، وباسمها عنون ديوانه " حوارية الجميزة والحجارة " الصادر عام 1989. وفي هذه القصيدة الواسعة الانتشار يقول: " أعرف ذاكرتي حين تطل من البحر/ ومن عين امرأة عاشقة في الليل / تبلل بالدمع وسادتها / كانت أمي تحفظ موالا حملته الريح مع البحر/ إلى البيارة.
ويعيد هذا المقطع إلى الأذهان أغنية الشاعر الشعبي الفلسطيني " أبو عرب " حيث نجد الأم المبعدة عن الوطن في أغنية " هدّي يا بحر هدّي " تشمشم الوسادة وتبللها بالدموع.
تجدر الإشارة إلى أن للشاعر الأديب هشام عودة عدة دواوين شعرية منها: " حوارية الجّميز والحجارة " ، و " أمير مجدو "، و " دفاعا عن اللحظة الراهنة ". وله أيضا عدد من الكتب في الأدب والنقد، منها " الأمثال الشعبية الفلسطينية "، " قراءة معاصرة "، وبير الرصاص " الذي يروي فيه سيرة طفولته ومكان مولده، و " علي السرطاوي – سيرة شاعر " وغيرها.
وقد علق الكاتب التربوي، علي خليل حمد ، على قصائد الشاعر هشام عودة بقوله: إنها تتوزع في معظمها على موضوعات الوطن " فلسطين "، والعراق، والمرأة، وإن المفردات الرُّعوية تتخللها بوضوح، وأن فيها من جمال الإيقاع والموسيقى ما يؤهلها لأن تغنى وتستمتع بها الجماهير العربية في مختلف أقطارها.
وحول أثر المكان وسيكولوجيته على الشعر: علق الشاعر عن الاثر الكبير للمكان على دراسة الشعر، وأفاد أن بعضا من شعره يدرس في المدارس الفلسطينية وخاصة قصائده حول بغداد، التي تاثر بها الشاعر، فيقول: رأيت الشعر يمشي على قدميه في بغداد، فهي مدينة شاعرة، حيث الرجال والنساء يقرضون الشعر بالعامية والفصحى والصوفية، لذا فبغداد دوما مستهدفة.
وأردف الشاعر عودة في الرد على تحمل الأدباء والشعراء ودورهم في عملية المقاطعة الثقافية والأدبية للكيان الصهيوني وتعريته كآخر احتلال ولازال يرتكب موجات من التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني المسالم، أجاب: كوني نائب اتحاد الكتاب الأردنيين فإننا في الاتحاد نسعى لتشكيل جبهة ثقافية قومية مقاومة للتطبيع والحث على ثقافة المقاومة واعادة الاعتبار لها في مقاطعة الصهاينة والأنظمة التي تطبع معها، وأشار بوجود مشروع ثقافي، والسعي لتعميمه على الاتحادات العربية الأخرى للنهوض في الجبهة الثقافية المقاومة والتي سيكون الشاعر الفلسطيني مراد السوداني أحد أعمدة هذا المشروع كما ذكر الشاعر.
أما حول كتابة الشعر وعن إحساسه عندما يكتب عن فلسطين، أجاب: كل الشعراء كتبت عن فلسطين بالإحساس والمخيال، فلنا فلسطيننا المتخيلة التي تعيش فينا، والتي نحلم بها، فالكتابة عن فلسطين له إحساس مختلف وطعم آخر، لكني لم أكتب حول زيارتي الأخيرة لها وعناقها بعد أربعون عاما لأني لا زلت أعيش التجربة.
وحول شبهه بالشاعر العراقي الكبير مظفر النواب، ذكر بأنه يوجد تشابه الى حد كبير، وفي عمان كان الكثير يطلبون منه توقيع بعض الكتب باعتباره النواب، وذكر بعضا من الطرف الغريبة التي صادفته في عمان وبغداد ودمشق.