بقلم: أيمن هشام عزريل
إن الإرهاب والعنف والتطرف بات يفرض نفسه في الظروف الآتية أكثر من ذي قبل، وبات يشغل الرأي العام العالمي والمحلي، إن جريمة الإرهاب كغيرها من الجرائم التقليدية تشترك معها في العوامل والأسباب المؤدية إلى وقوعها.
يرى البعض في أننا يجب ألا نسوي بين الإرهابي وبين غيره من مرتكبي جرائم العنف لأن مرتكب العمل الإرهابي كثيراً ما يعد نفسه ضحية، وينظر إلى عمله على أنه مجرد رد فعل بسيط على إرهاب أعظم ويمارس ضده، أو تمارسه المؤسسة التي ينتمي إليها المجني عليه، لذلك يواجه العمل الإرهابي ذاته العديد من الاختلافات في تحديد هويته، لذا فالعمل الإرهابي متصل بالدوافع النفسية والاجتماعية والاقتصادية المحيطة بالفرد، فالبناء السيكولوجي الفردي يلعب دوراً مهماً في تفاعل الفرد مع الجماعة.
إن الفهم الخاطئ للدين ومبادئه وأحكامه، وهو سائد في هذه الأيام، والإحباط الذي يعيش في ظله الشباب نتيجة افتقارهم إلى الكثير من المبادئ والمثل العليا التي يؤمنون بها في سلوك المجتمع، أو سياسة الحكم والفراغ الديني والتحريض من قبل الفكر التكفيري يعطي الفرصة للجماعات المتطرفة لشغل هذا الفراغ بالأفكار التي يروجون لها ويعتنقونها، كما ان غياب الحوار من قبل علماء الدين لكل الأفكار المتطرفة، ومناقشة الجوانب التي تؤدي إلى التطرف في الرأي يرسخ الفكر المتطرف لدى الشباب، فالكثير من دعاة التطرف والعنف يفتقدون منهجية الحوار، إن الجماعات الإرهابية تعتمد على فتاوى صادرة عن المنظرين والزعماء الروحيين للتنظيمات المتطرفة في شتى أنحاء العالم بقصد إباحة ممارساتهم لأنشطة محظورة دينياً وقانونياً بذريعة تمكنهم من فرصة التكفير عن ذنوبهم.
قد يرى البعض أن أسباب الثورات والعنف السياسي هي نفسها أسباب الإرهاب والتي تشمل حسب رأيهم عدة عوامل وجميع هذه العوامل تنطلق من تعدد السبب في حدوث الظاهرة الإرهابية في أي مجتمع من المجتمعات، للإحاطة بالعوامل الخارجية لجرائم الإرهاب، تعتبر الأسرة اللبنة الأساسية في بناء المجتمع وعليها يقوم تماسكه وقوته، فإن كانت متماسكة فإن المجتمع متماسك، أما إذا كانت تلك الأسرة مفككة يسودها الجهل والمشاكل الأسرية، ويعني ذلك انهيار دورها الرئيسي في التنشئة السليمة، كما أن هناك من الأسباب الحالة الاجتماعية وما يسمى (الفراغ الاجتماعي) التي يعيشها بعض شباب اليوم، ضعف دور المدرسة في التربية والتنشئة السليمة وغرس القيم الروحية والأخلاقية، كذلك التحول الاجتماعي الذي طرأ على المجتمعات الحديثة، التنوع السكاني والتكدس في مساحات إقليمية محدودة في أحياء سكنية عشوائية.
كذلك من الأسباب، الأسباب الاقتصادية فالاقتصاد الضعيف للدولة يهيئ للإرهاب تربة صالحة لإثارة البلبلة والكراهية ضد الدولة والمجتمع وتشجيع الطبقات الدنيا للخروج ضد الدولة والقيام بأعمال العنف والإرهاب ضد النظام العام، من أجل ذلك أيضاً تسعى المنظمات الإرهابية إلى ضرب الاقتصاد القومي وتعطيل المرافق الإنتاجية، أو الاستثمارية حتى تتمكن من التأثير على الدولة والدعوة لأهدافها السياسية، ومما لاشك فيه أن تفاقم المشكلات الاقتصادية في مجتمع ما من فقر وبطالة وديون وارتفاع الأسعار مقابل قلة في الدخل يؤدي إلى إصابة بعض الأفراد بحالات من الاحباط واليأس وإحساس بالعداء تجاه المهيمنين على اقتصاد البلد، حيث يشعرون بالفوارق الطبقية في المجتمع الذي يعيشون فيه وبسوء توزيع الثروة الوطنية والاستيلاء على الأموال العامة بدون وجه حق، مما يدفعهم إلى الرغبة في الانتقام واستعمال العنف في الاحتجاج على تلك الأوضاع المتردية واستمالتهم من قبل بعض الجماعات الإرهابية التي تستغل مثل هذه الظروف في السيطرة على الأشخاص الناقمين على الأوضاع الاقتصادية وإغرائهم بالأموال، أو تضليلهم باسم الدين للقضاء على مسببات الفساد الاقتصادي.
علينا أن لا ننسى أن الإسلام ينبذ العنف ويدعو إلى الحوار ليس بين المسلمين فحسب ولكن بين المسلمين وأهل الديانات الأخرى، ولكن الحوار يتطلب وقبل كل شيء أن يقوم كبار علماء الأمة بتوضيح كثير من المفاهيم والمصطلحات.