كتب أمين أبو وردة
سجن النقب
بعد انقطاع قرابة الـ13 عاماً كان اللقاء مفاجئاً والمكان استثنائياً في بوسطة النقليات مع الأسير خالد خديش "أبو العبد" في باحة سجن جلبوع حيث وجهان يلتقيان بعد هذا الغياب القسري بابتسامات تحمل خلفها اشتياق لا يقدر بثمن.
في أجواء عدم الاكتراث للسلاسل المثبتة في الأيدي والأرجل، جرى تبادل للسلامات والاطمئنان في الدقائق الأولى، أعقبه الحديث عن الظرف الراهن لحالة الأسير وأخبار الأصدقاء حتى استقرت النفوس في نفس الكرسي انطلاقاً من جلبوع باتجاه سجون الشمال وفقا لمسار البوسطة المعتاد.
مئات الأسئلة طرحها أبو العبد يحتاج لإجابتها فانقلب الأمر، وأصبحت الصورة معاكسة الصحفي أصبح المتحدث، والأسير هو الإعلامي ما هي أخبار مخيم بلاطة مسقط رأسي؟، كيف ترى الوضع السياسي الراهن؟ هل هناك تسريبات عن صفقة التبادل؟ من معك من أسرى المخيم وما هي أخبارهم؟
أسئلة احتاجت لساعات طويلة للإجابة عليها، لكن تم اختزال الإجابات بما يكفل استغلال الفرصة التي قد لا تعوض. يشعر أبو العبد بالأسى على حال المخيم والتراجع في العمل الوطني وسيادة سلوكيات في غاية الخطورة، ناهيك عن نسيان أبطال بالأسر دون اهتمام ومتابعة تذكر.
تحليلات لهذا الواقع ودوافعه ومسبباته تداخلت في ظل النقاشات، التي تلاقت المواقف في غالبية المسائل المطروحة، بسبب التشخيص العلمي والمهني للحالة الداخلية على مستوى فلسطين والخاصة على مستوى المخيم.
لم أدخر جهداً في معرفة أخبار أبو العبد من لحظة الاعتقال، وما تخللها من محاكمات انتهت بالسجن بالمؤبد، وحركة تنقلات في السجون كما أسهب بتشخيص حالة الحركة الأسيرة في السجون وما أصابها في بعض الأوقات، ترهل وتراجع وغياب العقلية المجمعة والمنظمة، والتي ساهمت في إخفاقها أمام مصلحة سجون الاحتلال.
يتوقف أبو العبد عن الحديث بسبب حالة الدوخة التي يعاني منها مع كل بوسطة، مقدماً اعتذارا عن هذه الحالة من باب حسن الخلق والمعاملة.
توقفت البوسطة بعد ساعات طويلة في معبار الرملة، حيث يكون الفراق بعد ساعتين أو أقل حيث سأبقى لليوم التالي بانتظار التوجه إلى سجن عوفر لحضور محكمة استئناف عسكرية، أما أبو العبد فإنه منقول إلى سجن نفحة حيث ينتقل مساءاً إلى هناك.
ثم استغلال الفرصة وطرح من يعرف الأسئلة والأمنيات المتبادلة والدعاء أن ينتهي من الظرف بالقريب العاجل، كانت معنويات خديش عالية وهمته مرتفعة، وايمانه بالله وبقدره لا يتزحزح كما كان قبل الاعتقال.