يتمتع الروبل الروسي بتاريخ غني وقديم، يبلغ خمسمئة سنة على أقل تقدير، مرّ خلاله بعشرة إصلاحات، لكن الاقتصاد الروسي وعملته يدفعان ثمناً باهظاً منذ أكثر من عام جراء تهاوي أسعار النفط العالمية الذي وجه ضربة قاسية لهما، وجعل الروبل يفقد أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار (الدولار يعادل حاليا أكثر من سبعين روبلا)، وتسبب هذا في غلاء أسعار عدد كبير من السلع.
ويقول خبراء اقتصاديون إن روسيا لن تستطيع الخروج من المأزق العام المقبل، لا سيما أن اقتصادها متعلق إلى حد كبير بتصدير النفط والغاز الطبيعي.
ويشكل النفط والغاز الطبيعي نحو 58% من عائدات روسيا، الأمر الذي جعل اقتصادها يدخل مأزقا منذ انخفاض سعر خام "برنت" من 115 إلى 39.8 دولارًا للبرميل.
وقالت الخبيرة الاقتصادية في مركز "كابيتال إكونوميكس" بالعاصمة البريطانية لندن ليزا أرمولينكو إن خفض أسعار النفط كشف هشاشة هيكلية الاقتصاد الروسي.
وأوضحت أرمولينكو أن عوامل انخفاض أسعار النفط، والمخاطر السياسية الداخلية في روسيا، ستؤدي إلى تباطؤ انتعاش الاقتصاد الروسي، مضيفة أن "روسيا تعيش أزمة في ميزانيتها، ومعدلات التضخم فيها عالية، وخسر الروبل الروسي كثيراً من قيمته أمام العملات الأخرى".
الاستهلاك والمبيعات
يأتي ذلك في وقت أشارت فيه إحصاءات نشرت الخميس 17-12-2015 إلى تراجع استهلاك الأسر الروسية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بسبب الأزمة الاقتصادية، بينما ارتفع معدل البطالة، وسط تزايد المخاوف من أن يؤدي انخفاض أسعار النفط مجددا إلى ركود جديد العام المقبل.
وبحسب مكتب "روستات" الاتحادي للإحصاءات، تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 13.1% مقارنة مع الشهر نفسه من عام 2014، في مقابل 11.7% في أكتوبر/تشرين الأول الذي كان أيضا أسوأ شهر استهلاكي في روسيا منذ بداية القرن الحالي.
وهذا التفاقم في التراجع يبقى نسبيا، ويعود إلى تسارع سقوط الروبل الروسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، مما دفع الروس إلى موجة شراء خوفا من ارتفاع الأسعار، مما يجعل المقارنة غير مواتية.
وتؤكد الإحصائيات مخاوف السكان، إذ بلغ معدل التضخم السنوي 15% الشهر الماضي.
كما تراجعت الأجور الفعلية للأسر المتأثرة بالتضخم بنسبة 9% خلال عام في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقارنة بـ 10.9% في الشهر السابق.
وقال محللون إن هذه الإحصائيات "تظهر أن الانتعاش تباطأ الشهر الماضي، قبل الانتكاسة الأخيرة في أسعار النفط، والتي هي مدعاة قلق".
وقدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 بنسبة 3.7%، مشددا على "مؤشرات الاستقرار" الأخيرة، لكنه حذر من أن على روسيا الاستعداد "لكل السيناريوهات" نظرا إلى تدني أسعار النفط.
وتتوقع الحكومة نموا بنسبة 0.7% العام المقبل، لكن هذا التوقع يستند إلى سعر خمسين دولارا للبرميل، في حين كان سعره 37 دولارا في لندن الخميس الماضي.
وكالات