أصداء- زينب الخاروف- على الطريق الواصل بين مدينتي رام الله ونابلس يقع مول "رامي ليفي"، الذي لا يخلو من المتسوقين العرب طوال اليوم، والذين جاءوا لشراء ما يلزمهم من حاجيات بأزهد الأسعار، ومركبات داخلة وخارجة إلى مواقف المول، وعلى مدخله غرفة صغيرة الحجم يوجد فيها شخصان عربيان ينظمان مرور المركبات.
وبالرغم من كون هذا "المول" إسرائيليا، إلا أنه يلحظ إقبال الفلسطينيين الكبير على شراء البضائع والسلع منه، نظرا لمناسبة أسعاره لأوضاعهم المادية، فالبضائع الموجودة فيه تباع بأسعار أقل من الأسعار في المتاجر الفلسطينية، مما يشكل عبئا إضافيا على الاقتصاد الفلسطيني.
يقسم متجر رامي ليفي إلى ثلاثة أقسام، منها قسم للملابس والأحذية، وقسم للفواكه والخضروات بالإضافة إلى السلع الغذائية المختلفة، وقسم يضم المطاعم حيث يذهب إليه بعض المتسوقين عند الانتهاء من التسوق.
40% من المتسوقين عرب
بينما كنا نتجول في زوايا المول قابلنا جمال وهو أحد العاملين العرب فيه، وخلال حديثنا معه أشار إلى أن 40% من المتسوقين في المول هم من العرب الذين يأتون باستمرار من مختلف مدن الضفة الغربية خصيصا للتسوق من المول، وشراء حاجياتهم بأرخص الأسعار.
أما حسن وهو عامل عربي آخر، فأشار إلى أنه يعمل في مول إسرائيلي لأنه لم يتمكن من إيجاد فرصة عمل له، قائلا: "لقد طرقت جميع أبواب العمل الفلسطينية، لكني لم أجد عملا ووجدت نفسي عاطلا عن العمل ضمن طابور البطالة، مما اضطرني للبحث عن العمل عند الإسرائيليين، وأخيرا وجدت عملا في هذا المول".
محمد أحد الزبائن العرب الذين التقينا بهم، وعند سؤالنا له عن أسباب إقباله على الشراء من محل إسرائيلي، بالرغم من أن ذلك يساهم في كساد البضائع الفلسطينية، أجاب أنه يضطر للشراء منه لأن أسعاره تتناسب مع وضعه المادي، قائلا: "دخلي ليس عاليا، وهو بالكاد يكفي الاحتياجات الأساسية لعائلتي، لذلك أشترى السلع الأرخص ثمنا".
عواقب اقتصادية وخيمة
من جانبه أشار محمد عباس أستاذ علم الاقتصاد في جامعة القدس المفتوحة إلى خطورة عدم وجود وعي وطني كافي لدعم المنتج المحلي الفلسطيني والحد من بضائع المستوطنات، منوها إلى ضرورة إقبال المستهلك على المنتجات الفلسطينية والابتعاد عن المنتجات الإسرائيلية، لتدعيم الاقتصاد الوطني، وتمكين الشركات الفلسطينية من منافسة الشركات الإسرائيلية في السوق المحلي.
وأضاف أن الإقبال على المحلات والبضائع الإسرائيلية من شأنه تقليل الطلب على المنتج المحلي، مما يؤدي إلى إلغاء الدافعية والحافزية لدى أصحاب الشركات والمصانع الفلسطينية عندما يرون المواطن الفلسطيني يركز على البضائع الإسرائيلية ويصرف النظر على المنتج والوطني الفلسطيني، وهذا يؤثر بطريقة مباشرة وغير مباشرة على كساد البضائع الفلسطينية في المصانع.
كما يعمل ذلك على انخفاض الناتج المحلي الفلسطيني، وزيادة البطالة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني أصلا، من خلال إلغاء بعض الوظائف في المصانع الفلسطينية.
واختتم عباس حديثه بالقول: "مقاطعة البضائع الإسرائيلية لا تكون من خلال الشعارات التي نرددها فقط، وإنما المقاطعة تتطلب وقفة جدية من قبل أبناء الشعب الفلسطيني".