حاورها - نهاد الطويل - في هذا الحوار الدافىء تحاول الدكتورة شيخة الجاسم،تسليط الضوء في عجالة سريعة على علم 'الميتافيزيقا' علها تضع القارىء على عتبات هذا العلم المترامي وتنثر من علمها الغزير في العقلية العربية فلسفية واعية وتزيل الغبار عن العقول..ِِ
* بداية: من هي شيخة الجاسم؟
اسمي شيخة يوسف عبد القادر الجاسم، كويتية، أحمل الدكتوراه من جامعة فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية في الميتافيزيقا، وأعمل في قسم الفلسفة في جامعة الكويت.
* باختصار ما المقصود بالميتافيزيقا؟ وما التحديات التي تواجه هذا العلم في منطقتنا العربية؟ خاصة في جامعاتنا؟
من المتعارف عليه أن الميتافيزيقا تعني علم ما وراء الطبيعة، أي العلم الذي يدرس الأسس والمبادئ التي يبنى عليها علم الفيزياء. وهو علم إنساني نظري بحت إلا أنه يأخذ مواضيعه من عالم الطبيعة وخصوصا الفيزياء. فمثلا الكيمياء تدرس االموجودات بتحليل تركيبها الكيميائي وعلم الاحياء يدرس الموجودات بدراسة وظائفها الحيوية أما الميتافيزيقا فيدرس الموجودات من حيث هي موجودة. يدرس الخواص ويناقش هل هي كليات لها وجود مستقل عن الجزئي الموجود الذي نتحدث عنه أم لا. هذا مجرد لمحة سريعة وبسيطة جدا للميتافيزيقا.
أما التحديات التي تواجه الميتافيزيقا فهي نفسها التي تواجه كل العلوم الإنسانية في عالمنا العربي، لابد من مواكبة آخر الاكتشافات والنظريات العلمية ومن ثم البناء عليها، ولابد أن نناقش كل الأفكار ونعريها ونمحصها ونفحص أسسها دون تحفظ إذا أردنا أن نواكب العالم المتحضر.
جامعاتنا هي امتداد للمجتمع، هي أحد مؤسسات المجتمع بالتالي التابوهات والممنوعات التي تسيطر على المجتمع لابد أن يكون لها تأثير على البحث العلمي وحرية التعبير في الجامعات العربية.
*ما الذي يطغى في هذه الأيام على مشروع وفكر شيخة الفلسفي ما انعكس وأحدث تغييرا في حياتك؟
أنا أرى أن النظريات التي لا تطبق هي نظريات عقيمة، لم تستفد البشرية منها. الفكر الذي لا يغيرك ولا يجعل منك إنسانا أفضل ولا يقربك من السعادة فهو مجرد مضيعة للوقت والجهد. الذي يشغلني الآن في هذه المرحلة من حياتي هو التطبيق، الخروج للعالم والمساعدة في جعل الأرض مكانا أفضل وذلك بنشر التنوير وتسليط الضوء على المواضيع التي لا يجرؤ الجميع على مناقشتها.
*كيف يمكن أن تصير فلسفتكم اليوم فعالة في مجتمعات عربية لها همومها المتعددة، متاعبها وأمالها؟
علينا أن نمضي للأمام لكي نعالج جراحنا، نخلق عالم أفضل بالعمل. العودة للماضي واسترجاع شريط الذكريات مرة بعد مرة ونعي تاريخنا في كل مناسبة لن يقضي على الهموم، بل المضي قدما للأمام بالعمل وبمراجعة معتقداتنا وأفكارنا حول أنفسنا والعالم، هذا ما يخرجنا من الحالة المتردية التي نعانيها.
*أي الفلسفات أثرت في شيخة وكونت شخصيتها حتى وصلت ما وصلت إليه؟
استفدت من كل فيلسوف درسته، حتى الذي أراه مخطئا أو لا يتناسب مع توجهي في الحياة، فالفلسفة بالنهاية تعبر عن رغبة الإنسان أن يفهم نفسه وما حوله، وكل فيلسوف هو ابن بيئته وعصره.
ربما في بداياتي مع الفلسفة كانت الوجودية هي ما يعبر عن نفسي، أحاول أن أجد إجابة لمعنى الحياة.
وفي مراحل أخرى شيخ الفلاسفة أرسطو هو قائد الفكر العقلاني الذي قرب بين الفلسفة والعلم. إلا أنني تأثرت أيضا بالفلسفات الشرقية كالتاوية والبوذية فلديهم الكثير من الأفكار والمعتقدات التي تساعدك للعيش بسلام في عالم يصعب فهمه والسيطرة عليه. وسياسيا أميل إلى فلاسفة العقد الاجتماعي القدماء والمعاصرين فأنا أرى أن الفرد أهم عنصر في الدولة وليس العكس، الدولة وجدت لخدمة الشعب، والحكام ينبغي أن يقوموا بهذا الدور الذي يتوقعه الشعب منهم.
*إلى أي ناحية يتجه الفيلسوف الميتافيزيقي في عباراته؟
في الميتافيزيقا العاصرة أصبحت الميتافيزيقا وثيقة الصلة بفلسفة اللغة، فلكي نفهم ما هو موجود نحلل اللغة التي نستخدمها للتعبير عن الموجودات.
*أخيرا ما هي الميتافيزيقا المرفوضة عند شيخة الجاسم؟
إن ما تجده في العالم منتشرا ويسمى ميتافيزيقا فهو ليس من علم الميتافيزيقا من شيء، مثل الخروج خارج الجسد والتخاطر عن بعد وغيرها من الأمور.. وهذا هو الظلم الواقع على الميتافيزيقا الحقيقية التي تدرس في الجامعات المحترمة حول العالم.
بالنهاية ما هو موجود هو الإنسان وهو مصدر الأفكار وهو من يصور أفكاره في لغات. نحن نفهم العالم كما نصوره لأنفسنا باللغات التي نستخدمها. تحليلنا للغة يساعدنا على فهم ما هو موجود. وهذه هي الميتافيزيقا.