د. خالد معالي
مع اشراقة شمس الأول من أيار؛ وفي يوم العمال العالمي؛ توجه مئات ألاف العمال في الضفة الغربية والوطن إلى أعمالهم وأشغالهم بهمة ونشاط؛ فيما كانت شريحة وقطاع الموظفين العموميين نائمون؛ ومن ثم يخططون كيف يقضون بيقية يوم إجازة عيد العمال في التفسح والتنزه في ربوع الوطن الجميل.
كيف يفرح عمالنا بعيدهم! وهم مستهدفون على مدار الساعة في لقمة خبزهم المغمسة بالدم؛ فعشرات الوفيات تقع بينهم سنويا بسبب ملاحقة الاحتلال، وبسبب حالة القلق والخوف خلال العمل أو بسبب اجتيازهم للحواجز والجدار العنصري للوصول إلى أماكن عملهم في الداخل المحتل.
من خلال حوار مع شريحة العمال؛ تبين انه لا يعرف الكثير منهم أنه حان يومهم بالأول من أيار، ومن عرف منهم يبحث عن الفرحة به فلا يجدها؛ لخصوصية وضعهم الصعب والشاق، المتمثل بواقع تعيس؛ ووقوعهم تحت أشرس وأظلم احتلال عرفه التاريخ؛ رغم أن جميع عمال العالم يفرحون به؛ عبر تحقيقهم الانجاز تلو الانجاز، وتحصيل حقوقهم من حلوق مشغليهم من أصحاب رؤوس الأموال.
معاناة العمال في الداخل المحتل لا توصف ومتعددة الأوجه في الضفة الغربية؛ برغم الأجرة المرتفعة نسبيا؛ حيث يتم ابتزاز بعضهم والضغط عليهم بطرق عديدة، من بينها أكل وهضم حقوقهم، ومحاولة الإسقاط والتخابر عبر التصاريح، عدا عن حالات الوفيات العديدة، والابتزاز الجنسي والمخدرات وغيرها.
مشكلة تصاريح العمل هي الأصعب؛ وهي نقطة ضعف كبيرة للعمال يستغلها المشغلين بأكل حقوقهم ومخابرات الاحتلال في إسقاطهم في وحل الخيانة ان استطاعوا إلى ذلك سبيلا؛ وباقي العمال يعملون بشكل غير قانوني، حيث يكون الموت والحبس يترصدهم في كل لحظة على يد شرطة الاحتلال وجنود حرس الحدود وجيش الاحتلال.
الهجرة إلى الخارج؛ صارت مطلب جزء من المواطنين حيث يعيش اغلب العمال تحت خط الفقر الوطني الذي اعتمده جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني وحدده بقيمة 2350 شيكلا ما يقارب 677 دولارا أمريكيا، وهناك من العاملات من تتقاضى أجرة شهرية ب600 شيكل ، وهو اقل من الحد الأدنى للأجور البالغ 1450 شيكلا.
كل عامل لا يحمل تصريحا هو أيضا معرض للابتزاز ومن يحتج أو يعترض يقول له مشغله سوف أسجنك عبر الاتصال بالشرطة ويتهمه بأنه مخالف.
النساء العاملات اللواتي هن في ازدياد مستمر، يتعرضن لأوضاع صعبة جدا في الضفة ولا يتقاضين الحد الأدنى للأجور؛ مما يضطرهن للبحث عن عمل داخل المستوطنات او في ال 48 ؛ ما يعمل على نشر التفكك الأسري، وغياب الأم عن البيت لفترات طويلة، عدا عن محاولات رخيصة للابتزاز الجنسي لبعضهن؛ وسط غياب تام وصمت مثير ومريب للمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية.
من صور معاناة العمال؛ الغرامات الباهظة، والسجن لأشهر أو الطرد من العمل لمن يقبض عليه يعمل بدون تصريح في الداخل المحتل؛ وأكثر ما يخيف هو الإجبار والإكراه على الارتباط أو التهديد بالسجن لأشهر وسنوات؛ وحتى أن عمال يشكون من تمزيق تصاريحهم بحسب أمزجة جنود الاحتلال خاصة وقت حدوث عمليات ضد المستوطنين أو جنود الاحتلال خلال انتفاضة القدس الحالية.