الرئيسية / ثقافة وأدب
مهرجان نابلس الدولي للثقافة والفنون خطوة باتجاه إعادة الروح لبلدتها القديمة
تاريخ النشر: الخميس 05/05/2016 21:12
مهرجان نابلس الدولي للثقافة والفنون خطوة باتجاه إعادة الروح لبلدتها القديمة
مهرجان نابلس الدولي للثقافة والفنون خطوة باتجاه إعادة الروح لبلدتها القديمة

 بعد ثمانية ايام متتالية من العروض الفنية والثقافية المتنوعة، اختتم مهرجان نابلس الدولي الاول فعالياته المتنوعة، على امل العودة ثانية لإقامة هذا المهرجان في نسخته الثانية في الربيع المقبل، ليشكل محطة هامة على صعيد استعادة المدينة لمكانتها الثقافية، واعادة الروح لبلدتها القديمة. واقيم الحفل الختامي لهذا المهرجان في موقع خان الوكالة التاريخي في قلب البلدة القديمة والذي أحيته الفرقة البولندية وفرقة "هوية" الفلسطينية، تلاه حفل عشاء على شرف الفرق المشاركة ومؤسسات المدينة أقيم في نادي المدينة غرب مدينة نابلس.

المهرجان الذي انطلق في 25 نيسان واختتم في 2 ايار الجاري، شمل اكثر من 60 فعالية متنوعة، قدمتها فرق فنية وموسيقية من إحدى عشرة دولة اجنبية بالاضافة إلى فرق موسيقية وفنية من نابلس والمناطق الفلسطينية، حيث توزعت فعالياته على أكثر من أحد عشر موقعا غطت مختلف المناطق الجغرافية من مدينة ومخيمات وقرى.
وقد تم تنظيم هذا المهرجان بالشراكة ما بين بلدية نابلس وجمعية "بروجكت هوب"، وبرعاية مؤسسة عبد المحسن القطان ومنظمة اطباء بلا حدود وعدد من شركات القطاع الخاص.
وقال رئيس لجنة ادارة بلدية نابلس معالي المهندس سميح طبيلة أن هذا المهرجان "شكل تظاهرة ثقافية تعبر عن حاضرنا وذاكرتنا الفلسطينية العابقة بالحضارة والتاريخ، وتؤكد على المكانة الثقافية لمدينة نابلس بصفتها محورا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا هاما، ساهم وبقوة في تشكيل معالم الحضارة والهوية الفلسطينية الراسخة والممتدة عبر التاريخ".
واعتبر طبيلة أن تنظيم هذا المهرجان الدولي الأول من نوعه في نابلس، يكتسب أهمية خاصة وله مدلولاته الثقافية والسياسية والاجتماعية بالنسبة لشعب يكافح من اجل انتزاع حريته واستقلاله، ويدافع عن حقه المشروع في الحفاظ على معالم ورموز هويته الوطنية، موضحا أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى دائما وأبدا لمحو الهوية الثقافية والحضارية للشعب الفلسطيني ووجوده على أرضه، من خلال محاولة سرقة تراثه وثقافته، لخدمة أهدافه وغاياته، ومن خلال التحكم بالمواقع الأثرية والتاريخية وتغيير معالمها بشكل منظم وممنهج. واضاف أن أهمية هذا المهرجان تنبع من أنه جاء في ظل المحاولات المتكررة لعزل فلسطين وفصلها عن محيطها الدولي، وقطع كل سبل التواصل بين أبناء الشعب الفلسطيني وباقي شعوب العالم. وأكد أن بلدية نابلس تبذل جهودا حثيثة لإعادة إحياء وترميم بعض المواقع التاريخية في البلدة القديمة، والحفاظ عليها من الضياع، وتحويلها الى مركز جذب سكاني وتجاري وسياحي مرموق في المستقبل المنظور.
كما أضاف طبيلة أن بلدية نابلس سخرت كافة الإمكانيات المادية والعينية ووفرت التسهيلات اللازمة من أجل إظهار الهوية الثقافية لهذه المدينة التاريخية بأجمل صورة، موضحا أنه شخصيا كان يتابع كافة التفاصيل والترتيبات اللوجيستية مع مختلف الطواقم من خلال العديد من الاجتماعات التي عقدت لهذا الغرض.
وشكر طبيلة كافة الفنانين والفرق المحلية والدولية المشاركة، كما شكر كل من ساهم في إنجاح هذا المهرجان ورعايته.
حلم يتحقق
ويقول مدير جمعية "بروجكت هوب" حكيم صباح أن فكرة المهرجان ولدت منذ عدة سنوات، وفي هذا العام تبلورت الفكرة وخرجت الى النور. ويضيف: "كان لدي حلم بان تحتضن نابلس كمدينة تاريخية وعريقة مثل هذا المهرجان". ويشير الى ان الهدف من هذا المهرجان هو إعادة الحياة إلى البلدة القديمة بنابلس والتي تعتبر كنزا حضاريا وثقافيا وتاريخيا لما تحتضنه من عناصر أثرية ومواقع تاريخية تعود إلى آلاف السنين، ويقول: "نابلس ليست متحفا أثريا فحسب، وإنما بلدتها القديمة تشكل متحفا كبيرا، ومن المحزن ان تكون خاوية على عروشها".
ويؤكد أن المهرجان سعى لاعادة اهتمام الناس بالبلدة القديمة، ولهذا تركزت غالبية فعاليات المهرجان فيها، حيث اقيمت الحفلات الموسيقية الرئيسية يوميا في خان الوكالة، كما اقيم 15 معرضا فنيا في مختلف احياء البلدة وأزقتها.
وبعد أن تبلورت فكرة المهرجان، قام صباح على مدى الشهور الماضية بجولات دولية شملت عددا من الدول الاوروبية، زار خلالها مدنا تربطها علاقات توأمة مع بلدية نابلس، مثل مدن ليل الفرنسية، وستافنجر النرويجية، ودندي الاسكتلندية، ومدنا اخرى في الدنمرك وامريكا وبولندا وايرلنداوالمانيا وجنوب افريقيا والولايات المتحدة. وقد اثمرت هذه الجولات اتفاقيات لايفاد فرق موسيقية وفنية شهيرة في تلك البلدان للمشاركة بالمهرجان، بهدف التضامن مع الشعب الفلسطيني عامة، وفي مدينة نابلس خاصة، ودعم قضيته العادلة.
وشارك بفعاليات المهرجان كافة المراكز الثقافية التابعة لبلدية نابلس تمثلت بمشاركة جوقة مركز الطفل الثقافي وفرقة هيلا التابعة لمركز إسعاد الطفولة ومعارض فنية قام بتنظيمها مركز حمدي منكو وفعاليات فنية ومعارض أقيمت في مركز تنمية موارد المجتمع الواقع في البلدة القديمة وأمسيات ثقافية ومعارض أقيمت في مكتبة بلدية نابلس. كما شاركت عدد من المؤسسات المحلية منها مركز يافا الثقافي بمخيم بلاطة ومركز التطوير المجتمعي ودار الفنون في مخيمي عسكر الجديد والقديم، ومركز مريم هاشم لفنون الطهي بنابلس، والمعهد الفرنسي، ومعهد إدوارد سعيد، ومدرسة نابلس للسيرك وقصر القاسم التابع لجامعة النجاح الوطنية ومؤسسة أطباء بلا حدود. وقد أقيمت هذه الفعاليات في المراكز المذكورة يوميا بالإضافة إلى مهرجان الفيلم الألماني والذي أقيم في مركز حمدي منكو، وفعالية شجرة الأمل في حدائق جمال عبد الناصر ومكتبة بلدية نابلس ومركز الطفل الثقافي، ومسابقة الطهي في مركز مريم هاشم لفنون الطهي، فيما أقيم الحفل الرئيسي والذي شارك فيه مختلف الفرق المحلية والدولية في موقع خان الوكالة وبمشاركة أعداد كبيرة من المؤسسات المحلية والدولية ومواطني المدينة.
وأوضح طبيلة ان هذا المهرجان قد حظي باهتمام كبير من جانب مؤسسات القطاع الخاص والتي قدمت المساهمات العنينية والمادية والضيافة للضيوف والفرق الدولية والمحلية المشاركة وكذلك المنظمين، مثمنا عاليا هذه المساهمات لكل من ملتقى رجال اعمال نابلس، وشركة بوظة الارز، وشركة الخلود للمفروشات وشركة الزلموط للمواد الغذائية وشركة توزيع كهرباء الشمال ولجان مخيمي عسكر وبلاطة معبرا عن تثمين منظمي المهرجان لدورهم في اظهار كرم الضيافة النابلسية.
نجاح لافت
واعتبر المهندس طبيلة ان الشراكة مع مؤسسة بروجيكت هوب مثالا يحتذى للتعاون المثمر مع مؤسسات المجتمع المدني، والتي أسهمت في توحيد الجهود لإخراج المهرجان بهذه الصورة المميزة والذي اعتبر ناجح بكل المقاييس، لافتا الى ان جميع الفقرات الفنية والثقافية كانت تشهد حضورا كبيرا، خاصة وان هذا هو اول مهرجان بهذا الحجم ويستمر لهذه المدة في شمال الضفة الغربية. وقال أن فعاليات أخرى اضيفت للمهرجان لم تكن مقررة سابقا، فمن خلال ورشات العمل التي عقدت مع فنانين اجانب، تم انتاج اعمال فنية جديدة، واقيمت لها معارض خاصة.
وقال صباح أن نجاح المهرجان سيسهم في توثيق علاقات الصداقة مع دول وشعوب صديقة مثل جنوب افريقيا، حيث تم تدشين "شجرة الامل"، من خلال إلباس عدد من جذوع الشجر في مواقع مختلفة بالمدينة بمطرزات من تراث جنوب افريقيا، تعبيرا عن الصداقة بين الشعبين. ونوه الى ان حوالي 150 فنانا وموسيقيا وزائرا حضروا من دول اوروبية وكندا على حسابهم الشخصي خصيصا للمشاركة في فعاليات هذا المهرجان بعد التواصل معهم واطلاعهم على فعالياته. وأكد أن أعضاء الفرق الاجنبية الذين عبروا عن سعادتهم بهذه المشاركة، أن لديهم استعداد للمشاركة في السنوات المقبلة، وأن أحدهم -وهو فرنسي- قال انه سيمكث شهرا كاملا في المرة القادمة.
وأضاف صباح انه تم خلال المهرجان تكريم شخصيتين ثقافيتين نابلسيتين، هما الفنانة التشكيلية الراحلة عفاف عرفات، وذلك باقامة معرض لاعمالها في صبانة عرفات، والشاعرة الراحلة فدوى طوقان بعرض فيلم وثائقي عنها في قاعة مركز الطفل الثقافي وبحضور وزير الثقافة الفلسطيني معالي الدكتور ايهاب بسيسو، مبينا انه سيتم في كل عام تكريم شخصيتين ثقافيتين.
واستكمل صباح حديثه قائلا، ان التحدي الاكبر يكمن في تحسين الاداء في السنوات القادمة، مضيفا: "نسعى في السنة القادمة الى اشراك فرق عربية، وهو ما لم ننجح به هذا العام بسبب التعقيدات الاسرائيلية امام وصول الفرق والفنانين العرب". وبيّن أن منظمي المهرجان يدرسون توسيع رقعته في السنة القادمة ليشمل عروضا تقام في محافظات الشمال. وكان لافتا ان حضور جميع فعاليات المهرجان متاح مجانا أمام الجمهور، ويعزو صباح ذلك الى ان الثقافة والفنون يجب ان تكون مجانية كالصحة والتعليم، حتى لا تكون حكرا على النخبة. لافتا أن عدد الحضور لكافة فعاليات المهرجان قد وصل إلى خمسة آلاف شخص من المواطنين والمؤسسات المحلية.
وأعرب صباح عن أمله بأن يكون المهرجان فاتحة ومحفزا لباقي المؤسسات لاقامة مهرجانات مشابهة هذا العام، موضحا أنه كان للتوأمات دور اساس في انجاح هذا المهرجان، مبينا ان جمعيته وبلدية نابلس تعملان على مشروع للتوأمة مع مدينة بولدر بولاية كولورادو الامريكية منذ عام 2011، الا ان ما يعيق اتمامها هو ضغوط اللوبي الصهيوني في الولاية الأمريكية المذكورة. وقال: "حصلنا على ثلاثة اصوات من اعضاء مجلس المدينة، ونعمل على كسب اصوات اثنين او ثلاثة اخرين لضمان تمرير مشروع التوأمة".
 
المزيد من الصور
مهرجان نابلس الدولي للثقافة والفنون خطوة باتجاه إعادة الروح لبلدتها القديمة
مهرجان نابلس الدولي للثقافة والفنون خطوة باتجاه إعادة الروح لبلدتها القديمة
مهرجان نابلس الدولي للثقافة والفنون خطوة باتجاه إعادة الروح لبلدتها القديمة
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017