mildin og amning mildin creme mildin virker ikke"> أبو دية: من يتعلم صغيراً يصبح مبدعاً - أصداء mildin og amning mildin creme mildin virker ikke">
الرئيسية / ثقافة وأدب
أبو دية: من يتعلم صغيراً يصبح مبدعاً
تاريخ النشر: الأحد 17/07/2016 14:45
أبو دية: من يتعلم صغيراً يصبح مبدعاً
أبو دية: من يتعلم صغيراً يصبح مبدعاً

 كتبت:رانيا بشار وتيماء عمران

دخلنا إليه في مكتبه الساعة 11 صباحاً , وجدناه جالساً على الكرسي   ينتظرنا ,حاملاً العود يعزف عليه, بدأ يحدثنا عن  حياته الإجتماعية والشخصية , لمعت عيناه الزرقاوين , وكأن شريط حياته مر أمامه , وضحكة ارتسمت على وجهه , لذكريات طفولته الجميلة التي ذهبت ولم تعود يوماً , التي كانت ممزوجة مع انتفاضات الشعب الفلسطيني , ومسؤوليات حملها على أكتافه منذ نعومة أظافره .

 

ابن قرية كفر قدوم (قرية المواجهات) , الذي لم تكن طفولته كأي طفل عادي ,حمل الهموم والمسؤولية منذ وفاة والده , عمل في سن 11 في الحدادة (اللحام) , والكهرباء , والمطحنة (الجاروشة) ,  جزار , حلاق يحلق لأولاده  ,  يهوى تربية الطيور خاصة (الحسون ) , ميكانيكي  اكتسبها من أخيه الكبير, امتاز بشعر أبيض طويل , عينان زرقاوتين , أبيض الوجه , جميل الصوت في قراءة القرآن ,وفي غناء أغاني أم كلثوم , وعازف العود , والبيانو, والقانون .

 

أحمد صبحي أحمد أبو ديه, محاضر علوم موسيقية  في جامعة النجاح الوطنية ,(51عاماً) ,يتوسط بين خمسة أخوة ,وستة أخوات , وهو الرقم الثاني بين إخوته , جاء بعد أربعة أخوات , فرحت والدته بمجيئه ووزعت الحلوى ,كان المدلل بين  أسرته.

 

على الله تعود أيام الطفولة

 

"عندما كان عمري سنتين, دخل الإحتلال الإسرائيلي أراضي 67 , طفولتي بدأت بزيارة والدي في سجن طولكرم المركزي ,قضى سنتين في الإعتقال , على أساس أنه تنظيم , والدي سافر إلى ألمانيا ,وانقطع عنا فترة ثم عاد إلى البلاد ,اهتم بتربيتي ,كان محباَ للون شعري الأبيض ,وممانعاً لحلقه لحين نزولي إلى المدرسة , وصل طوله 60 سم , سألني المدير (أنتَ بنت ولا شب؟) , كان عمري وقتها ستة سنوات , قال لي احلق شعرك لأنه ممنوع , أستذكر لحظة مجيئ والدي إلى الحلاق , وطلب منه شعراتي للإحتفاظ بهم , قام بتخبئتهم في بكجة العرس ,تقريباً مر عليهم30 سنة، ومن أيام عدة قمت بالسؤال  عليهم, ولم أعرف  أين ذهبوا ".

 

بالنسبة لأبو ديه أيام الطفولة هي أجمل أيام حياته , لأنها  تذكره بمدرسته التي لا تبعد كثيراً عن البيت سوى ثلاثة متر فقط ,يفصل بيت عائلته سور واحد , وقت الإستراحة بين الحصص , يتناول الفطور في البيت , كانت والدته تحضر له وجبة البيض التي يحبها , عندما تسمع جرس المدرسة يدق , ينظر لزملائه في المدرسة من البيت ويقول (يا حرام أنا بالبيت وهم  بالمدرسة بفطروا ) هذه الذكريات ما زالت عالقة في ذاكرة أبو دية .

 

من الإبتدائي إلى الثانوي

 

" مرحلة انتقالي من الأساسي إلى الثانوية صعبة , كنت من الطلاب المميزين والمتفوقين , وعملاق في الإنجليزي , عائلتي جميعها ثقافتها انجليزية ,السبب في ذلك أن والدي كان في الخارج ,مرحلة الإعدادي تمتاز بذكريات مؤلمة , أصبح عمري 11 سنة حاول والدي أن يعلمني صنعات عدة , مثل اللحام لأنه كان في أوروبا يعمل لًحّيم (والذي يتعلم وهو صغير يصبح لديه نوع من الإبداع) , ظروف أهلي صعبة قمت بفتح محّددة لي عن حب وقناعة لمساعدة أهلي في حياتهم".

 

"في أقل من شهر أتقنت الحّدادة , العمل في ذلك المجال متعب للغاية ,خصوصاً أنه يحتاج إلى قوة جسدية , بالرغم من صغر سني, (كنت أطلب المساعدة من الناس مثل ارفع لي هذه القطعة ), في يوم من الأيام قال لي والدي أنه يريد السفر إلى ليبيا, واستشارني هل أغلق المحّددة أم أتركها مفتوحة ,علماً أني صغير ولا يعتمد علي، ولم أقم بإغلقها، وعندما سافر والدي كان عمري11سنة ، وقمت بتفصيل أول شباك وباب لمؤسسة في قرية كفر قدوم، والى الآن موجودة، والدي عمل في ليبيا فترة شهرين ثم عاد إلى البلاد, أصيب بجلطة التي كان إحدى أسبابها السجن عند الاحتلال ،كان وضعه الصحي حرج،  في سنة(1979_1980) لم يكن في ذلك الوقت أي أطباء مختصون في جراحة القلب ، علاجه المتوفر حبة تحت اللسان, وقد قمنا بالإتصال بأطباء مختصين في جراحة القلب وبروفسورين اسرائيلين، لإصدار فيزا لألمانيا للعلاج هناك، توفى والدي في ريعان شبابه , في عمر 14 سنة علمني صنعة الكهرباء ,نحن أول ناس نمد الكهرباء في  البلد ,كمشروع (موترات) ,بنينا مطحنة قمح في البلد لأننا مزارعين ,ونحتاج لها كثيراً ,ولا تزال المطحنة موجودة ,قمنا بترميمها قبل ثلاثة أيام ,لأن النساء كانت هي التي تقوم بالخبيز على الطابون والوقادة ".

 

كانت عائلته السباقة في جلب المشاريع للبلدة ,لأن والده كان رجل مثقف , أخاه الكبير عمل مهندساً, وسافر إلى الكويت على أساس أن يعمل , ثم توفى والده في الطريق مع أخيه , الكبير بين أخوته الموجود في فلسطين ,حمل مسؤولية البيت كله على عاتقه في سن مبكر , أصغر أخ له حين تركهم والده عمره سنتين , في إحدى المرات  يذكر أبو ديه أنه ضرب بيده على الطاولة وقال (أنا  من الآن رجل البيت) ,أخته التي كانت تكبره بسنة أنهت التوجيهي والتحقت بجامعة النجاح الوطنية سنة 1985, درست أساليب انجليزي ,وهو دبلوم انجليزي في دار المعلمين , ذات مرة اتصل عمه به لكي يسافر إليه , رد عليه حينها (لا أستطتيع لأنني أتحمل مسؤولية البيت وأخوتي ) يصغره أربعة أخوة ’ويدرسون الجامعة كلهم معه , كان أخيه الصغير قد سافر إلى ألمانيا ,لم يستفد منها شيء لا في مجال الدراسة ولا العمل.

 

"ها أنا قد أديتُ الوصية كما وصاني والدي ,ثم فُتحت كلية الفنون الجميلة في جامعة النجاح , قلت لوالدتي خذي هذه الشهادة اشتغلي بها , كنت مميز وأنا صغير في قراءة القرآن ,ومشارك في احتفالات المدرسة  وما زلت ,كان لي خالين من المقرئين وإمامين في المساجد , هذه وراثة أخذتها عنهم ,وهو السر الذي كشف موهبتي في الغناء "

 

أيام الجامعة ودراسة المعهد

 

"ما بعد ذلك عملت في المحّددة والمطحنة ,وقد أنهيت سنتين دبلوم في دار المعلمين أدب انجليزي , أكملت تعليمي بكلية الفنون بتخصص موسيقى في جامعة النجاح سنة (1987_1988) , سميت جامعة (الحصار والإنتصار )  في عام1992 , بسبب الأيام الصعبة التي مرت بها الجامعة ,حيث حوصرت من جميع المداخل والجهات لمدة خمسة أيام , كنا نعزف للزملاء والزميلات والأساتذة المحاصرين لدعم نفسيتهم , لدرجة أن بعضهم أكل ورق الصنوبر من الجوع , كان يوجد طاقم طبي ومسعفين ,في اليوم الخامس للحصار حصلت  حالات إغماء , وتخصصت في البيانو، كان من أمنيتي أن أتعلم على آلة القانون ,أستاذي وهيب دويكات يعزف على القانون , وأنا أغني لأم كلثوم ,الأستاذ فواز البسطامي في المعهد ,كنت أترك محاضراتي للساعة الخامسة , يقول لي ( صوتك جميل جداً ,وحرام تدرس أدب انجليزي تعال عنا على النجاح) ,أتقنت العزف على القانون , السبب وراء حبي لهذه الآلة , لأن اتجاهي شرقي وهذه الآلة صعبة كونها تتكون من 27 وتر مضروبة في ثلاثة".

اشترى آلة البيانو وأتقنه , أتمم دوزان الآلآت وأخذ هذه المهنة من شخص بالقدس ,تحتاج هذه المهنة الى موسيقي وشخص لديه حب في الميكانيك , في الوقت الحالي يستطيع أبو ديه أن يضبط معظم الآلآت الموسيقية .

آلة القانون بحوزتي

 

"على أية حال ظلت القانون في بالي وتخرجت, أقيمت حفلة في الجامعة لمارسيل خليفة ,ووليد عبد السلام ,وأنشدنا فيها الأغاني الثورية ,بالصدفة في الليل طرقت المخابرات الإسرائيلية باب البيت ,واعتقلوني بتهمة تنظيم الجبهة الشعبية والأسلحة , أخذوني الى التحقيق في مركز طولكرم لمدة (48 يوماً) , لأنه قد تم امساك مجموعة فيها شخص أشقر يدرس في النجاح من قرية كفر قدوم ,ظنوه أنا , كنت نحيل الجسم ولحيتي كبيرة جداً , ثم اقتنعت المخابرات الإسرائيلية أنه لا دخل لي بهذه الإتهامات".

 

في حفلة اليوم الماسي في الجامعة , الكل أعجبه صوته من رئيس الجامعة ومجلس الأمناء ,اختاروه أن يُدرس في الجامعة , سنة 1993 تم توظيفه واعطائه مواد بسيطة في الجامعة , ثم أتى العميد إليه ليقول له (نريد أن نثبتك في الجامعة ).

حياته الزوجية

"تزوجت في عمر(33سنة ) من بنت الجيران ,كان عمرها (17عاماً) توجيهي في سنة 2000 كنت متزوج ,ثم أكملت الماجستير في النجاح , تخصص أساليب التدريس , لم أختار واحدة من الزميلات اللواتي كن معي ,لأني لست من هؤلاء الشباب الذين يلعبون بمشاعر البنات  ثم يرمون بهن , تربيتي كانت سليمة والى الآن أتذكر عيون والدي الخضراء أشعر بالخوف منهم , بالرغم من أنه متوفي (35 سنة ) إلا أني أعرف حدودي جيداً ".

 

أبو ديه وأولاده

لديه  ثلاثة أولاد, وبنتين  ,وهم (مالك , مؤنس ,  مؤمن , ميس , ,مرح )

كبيرهم مالك الذي يشبه أباه كثيراً ,توجيهي علمي من الأوائل على صفه ,صوته جميل , يجيد العزف على آلة القانون مثل أبيه , وتم اختياره ليمثل دولة فلسطين في الأردن أمام الملكة رانيا , الأصغر منه مؤنس ترفيع صف عاشر محب لمهنة الميكانيك ,يليه مؤمن  روضة , ابنته ميس صف سادس , مرح  سنة ونصف ,  علاقته مع أولاده قائمة على المحبة والإحترام  والتفاهم .

ما بين البكالوريس والماجستير

 

" في سنة 1993 تم توظيفي بشكل مؤقت ,لمدة سنتين في الجامعة , هذا العمل لم يكفيني من مصاريف لعائلتي , جميل أن يقطف الإنسان ثمار حياته ويبدأ بتدريس طلاب من جيله ,وزملاء له على مقاعد الدراسة , وتعاملنا في كلية الفنون كأسرة ,يحرصون على مصلحتنا ,وعلى أن تكون العلاقة مع الطالب مميزة لا يوجد فيها فجوة , وهذا أثر علي بالتحديد في تطوير شخصيتي وأخذ منهم الخبرة ,ومن الأساتذة الذين علموني  (ابراهيم خروبي ,أحمد موسى ,غاوي غاوي ,فواز البسطامي الذي علمني العزف على آلة القانون )   أذكر موقف لي مع أ .غاوي أنه كان يختارني من بين كل الطلاب حتى أشرح المادة لهم  , (يقول لي أنتَ تخصصك موسيقى ) من دون تحضير المادة مسبقاً أشرحها مع وجود 70 طالباً في المحاضرة , وأنا سنة ثالثة , بعدها أصبحت أغني أمام ألف شخص دون خوف ".

 

"لا بد أن يكون هناك عقبات مثل أن تأتيك مادة صعبة مثل مادة الإحصاء , ونحن كنا طلاب أدبي  , وفي تخصصات الكلية لم نأخذ مثل هذه المادة (احصاء تحليلي) , تقوم بإعطاء طالب الماجستير مادة تحليلية صعبة وليس من السهل فهمها , وبدون ذكر اسم المدرس أذكر أن هناك دكتور كان يشرح لنا هذه المادة ويكتب على اللوح بالطابشير, دون أن نفهم شيئاَ من المادة المشروحة , عددنا بلغ 15 شخص , منهم متقاعدين , قدمنا الإمتحان الأول في المادة كان من سبعة درجات , واحد منا جاب فقط ( 1ونص ) ,حصل حالة إغماء أثناء تأدية الإمتحان ".

 

أبو ديه تمكن من أن يصبح محاضر في الجامعة , وبعد سنتين تم توقيع عقد بينه وبين الجامعة وتثبيته بشكل دائم , محبوب لدى طلابه كثيراً ,لأن علاقة الطالب مع أستاذه قائمة على العلامات فقط , علماً أنه مر على وظيفته 22 سنة , بالرغم من حصوله على دكتوراه في تخصصه , رفضها بسبب أنه المعيل الوحيد عائلته .

كتاب مدخل لعلم الموسيقى

 

"قمت بتأليفه أنا وزميلي الدكتور أحمد موسى, أخذ فترة سنتين من أنجازه ,والآن الطلاب يدرسونه من تخصصات مختلفة في الجامعة , كمساق أساسي في كلية الفنون ,ومساق حر في الكليات الأخرى , نتج عن خبرة 25 سنة على أساس أن يكون في متناول كل طالب اذا لم يفهم من أستاذه ليكون معه كمرجع , نجح الكتاب وصدرت كمية كبيرة منه الى الجامعات في الخارج , وحكموه في مصر وتونس والأردن ".

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017