كتبت :ميس حسون
في فلسطين كل شيء بات مختلفا, ففي أي مكان على هذه البقعة الجغرافية توقع أن تجد الكثير من الحكايات .
ليس الموت هذه المرة من فرق بين الأب والأم وابنائهما رغم حقيقته وإيماننا به, هم أيتام مع وقف التنفيذ قلوبهم حزينة منهكة وأرواحهم متعبة , ففراق الوالدين صعب جدا خاصة وإن كان فراقا تعسفيا, هؤلاء هم عائلة عدنان وريم حمارشة الذين غيبهما الإحتلال الإسرائيلي عن منزليهما وعائلتيهما ليقبعا خلف زنازين من ظلم وظلام.
تقول ليلى حمارشة الإبنة البكر للأسيران : أنه تم إعتقال والدها عدنان حمارشة"48" عاما أثناء مروره على حاجز عسكري بتاريخ 17/2/2014 , وأعتقلت والدتها ريم حمارشة "40" عاما اثناء عودتها من الاردن بتاريخ 16/2/2014 ,وأضافت ليلى أنه ما بين اعتقال والديها داهم جيش الاحتلال الاسرائيلي منزلهما في قرية يعبد جنوب غرب جنين بشكل همجي حيث قاموا بتفتيش محتوياته والعبث بها.
مرض واعتقال
بلهجة حزينة ودموع تلمع بعينيها قالت ليلى ان والدها ليس بحالة صحية جيدة فقد تعرض قبل فترة من إعتقاله الى جلطة تعالج على اثرها في الاردن لكن بعد ذلك لم يتمكن من إستكمال علاجه لأن الإحتلال منعه من السفر بحجة المنع الامني.
وتضيف حمارشة ان والدتها ريم تقبع في سجن هشارون , ووالدها عدنان يقبع حاليا في سجن مجدو مع وضع صحي صعب حيث يعتمد على بقية الأسرى في مساعدته أثناء الحركة والتنقل وما زال يعاني من اثار الجلطة التي أدت الى فقدانه توازنه وإحساسه بالخدر في الجزء الأيسر من جسده , ولم تسعفه مطالبه الحثيثة لسلطات الإحتلال بجلب كرسي متحرك وتقديم العلاج اللازم، فرغبة الإنتقام والعقاب تفوق أدنى القيم الإنسانية لدى الإحتلال والتي لا يدفع ثمنها سوى الاسرى.
حياة منقوصة
عائلة حمارشة المقيمة في قرية يعبد والمكونة من 6 أبناء لاتعيش حياة طبيعية بعد غياب والديهما عن المنزل كيف لا وهما أساس الحياة واعمدة البيت ومحرك السعادة , فمن منا يستطيع أن يعيش بعيدا عن والديه رغم وجودهما يتنفسان على هذه الارض؟ .
صباحهم مختلف ومسائهم بات مختلفا ايضا, وتستمر ليلى في قص معاناتها بقولها:" رغم صدمتنا بخبر إعتقال والداي الا اننا والحمدلله صابرين ونحن كأبناء حمارشة فخورين كل الفخر بوالدينا فرغم الألم من فراقهما إلا أن أسرهما لا يمنعنا ان نكون فخورين بهما فوالدي عدنان حمارشة كان ولا زال ناصرا للأسرى في كل الميادين ولن أنسى كل حياتي كلمته ومبدأه بان الأسير يجب أن يكون ثقافة مجتمع" .
وتضيف حمارشة بفخر ممزوج بالالم بأن الإعتقال هو ضريبة يدفعها كل إنسان شريف على هذه الارض المحتلة وما هو إلا إبتلاء من الله سبحانه وتعالى ويجب علينا ان نقابله بالصبر والدعاء , فحب الوطن الذي غرسه والداي بقلوبنا ما هو الا شيء جميل نفتخر به ونعيشه باحساس مرهف خاصة بهذه الظروف التي تجبرنا ان نتقبل واقع غياب والداي رغم مرارة الموضوع.
وتقول ليلى بالم يبدو ظاهرا على وجهها الشاحب: "نقيم حاليا بمنزل جدي وجدتي فهما المعيل الأساسي لنا بعد غياب والداي , ورغم صعوبة الواقع إلا أنه والحمدلله يحيط بنا كل من يحبنا ويتمنى لنا الخير , وتسهب قائلة أنه ورغم كل ذلك إلا أن حياتنا منقوصة ويملؤها فراغ كبير لا ينجلي إلا بعودة والداي بالسلامة , لتكتمل حياتنا وتعود الأمور لمجراها الطبيعي, وتضيف ليلى أن الأمر هذه المرة مختلف كليا ففي كل مرة كان الإحتلال يعتقل والدها عدنان حتى تعودوا على هذا الأمر لكن هذه المرة مختلفة بإعتقال والدتي فنحن لم نتعود يوما أن تغيب والدتي عنا للحظة واحدة فالأم هي الأخت والأخ والأب والجد والجدة وكل شيء , فإعتقال والدتي هذه المرة كان بمثابة صاعقة قوية لم نستوعبها حتى اللحظة "
وتؤكد ليلى بحزن شديد أن غياب الأم أصعب بكثير من غياب الأب رغم أهمية وجود الإثنين في العائلة , وتقول أنها وإشقائها بحاجة لأمهم في كل ثانية تمر عليهم وأن المسؤولية الان مضاعفة عليهم في ظل غياب والدتهم القابعة في سجون الاحتلال حتى اللحظة.
"لا أحد يتحمل غياب أمه مهما كان صغيرا أو كبيرا" بهذه الكلمات ترتجف شفتا ليلى المنهكة من وقع الألم عليها , فليلى الإبنة القوية للعائلة لا تحتمل رؤية اشقائها الصغار كل يوم عندما يبدأون بالتساؤل متى ستعود امهم المغيبة في سجون الاحتلال.
تقول ليلى أن أنس شقيقها الأصغر وهو بالصف الثامن الإساسي عندما يعود من مدرسته إلى البيت في كل يوم وقبل أن تدوس قدماه عتبة البيت يبدأ بمناداة "ماما ماما" ليصمت بعدها متذكرا أن امه ليست موجودة.
وتناشد ليلى في نهاية حديثها كل حر وكريم ,كل زعيم عربي ان يعمل جاهدا من اجل الافراج عن كل الاسرى والاسيرات داخل سجون الاحتلال الصهيونية فمنهم من هو مريض ومنهم الاب والاخ والاخت والصديق والقريب , وتدعوا ليلى كما يودها اباها ان يكون الاسير ثقافة مجتمع.
كم هو صعب علينا ان نتقبل فكرة الغياب لمن نحب خاصة وان كان المغيبيين هم ارواحنا هم اباؤنا وامهاتنا فها نحن هنا بفلسطين لا يسعنا الا ان نتحمل دوما ما لا يستطيع اي بشرا على هذه الارض ان يتحمله فعائلة عدنان وريم حمارشة خير مثال على ذلك وما زال في وطني حكايات كثيرة.
وكالة ايلان الاخبارية